أمام ثبات الموقف الإيراني وأمام التحمل الإستراتيجي للضغوط القصوى التي مارستها إدارة ترامب على إيران، لم تجد إدارة بايدن بداً من التراجع خطوة إلى الوراء، فقامت عبر رسالة لمجلس الأمن الدولي بسحب إعلان الرئيس السابق، دونالد ترامب في سبتمبر/ أيلول 2020، حول إعادة فرض العقوبات الأممية كلها على إيران، كما خففت قيود السفر المفروضة على دبلوماسيي البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة.
صحيح أن الخطوة صغيرة لكنها بداية إيجابية ولها دلالات كبيرة في التأسيس لحل أزمة الملف النووي الإيراني إذا ما تبعتها خطوات أخرى لرفع جميع العقوبات عن إيران وهي في الوقت نفسه اعتراف صريح وواضح بخطأ سياسة العقوبات الأمريكية المتخذة ضد إيران وغيرها من دول المنطقة والعالم، وأن الاستمرار بهذه السياسة الهمجية لن يجدي نفعاً بل يزيد من تصميم الأطراف الأخرى على مقاومة الغطرسة الأمريكية وقراراتها الجائرة.
والسؤال المطروح هل تمضي إدارة بايدن باتخاذ الخطوات اللازمة للالتحاق بالملف النووي ومن دون طرح أي شروط مسبقة أو البحث في اتفاق جديد؟ واضح أن إدارة بايدن لم تقدم على الخطوة الأولى بالعودة إلى الاتفاق النووي من فراغ، فلولا رؤيتها خسائر واشنطن تتزايد من جراء عدم العودة إلى الاتفاق النووي لما سارعت وقبل مضي أقل من شهر على وصولها إلى البيت الأبيض إلى فتح الباب للعودة إلى الاتفاق النووي، ودفعها إلى ذلك أيضاً المحافظة على حلفائها في الاتحاد الأوروبي الذين عارضوا قرارات ترامب بالانسحاب.
واللافت من خلال التصريحات الأمريكية تأكيد إدارة الرئيس، جو بايدن، أنها لا تطرح أي شروط مسبقة لبحث موضوع عودة الولايات المتحدة إلى الامتثال للاتفاق النووي خلال اجتماع في إطار مجموعة “5+1”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في حديث لشبكة “MSNBC”، رداً على سؤال حول هذا الموضوع: “تتحدثون عن شروط مسبقة، لكننا أعلنا أننا نريد أن نجلس حول طاولة المفاوضات مع الإيرانيين في إطار مجموعة “5+1″، التي تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للأمم المتحدة إضافة إلى ألمانيا”.
هذا الكلام بحد ذاته نجاح كبير للموقف الإيراني الذي لم يتزحزح قيد أنملة ولم تؤثر به الضغوط والعقوبات بأقصى درجاتها، وهو في الوقت ذاته إخفاق لتحريض نتنياهو الذي فشل في الحيلولة دون عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي.
Views: 5