شكلت السجون التابعة لما يعرف بالحكومة المؤقتة أو الخاضعة لإدارة الفصائل المسلحة في مدينة الباب أحد أهم محطات البحث عن الواقع في المدينة.
تشكل عمليات الخطف وفقدان المدنيين الهاجس الأكبر في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة التابعة لتركيا في خاصة في مدينتي عفرين والباب، تتحدث مصادر أهلية عن حالة من الفلتان الأمني فيما يتعلق بمحاسبة الأفراد.
ومن هذا المنطلق شكلت السجون التابعة لما يعرف بالحكومة المؤقتة أو الخاضعة لإدارة الفصائل المسلحة في مدينة الباب أحد أهم محطات البحث عن الواقع في المدينة التي تعددت فيها السجون على الرغم من أن معظم سكانها قد غادروها ولا يتجاوز تعدادها السكاني اليوم المئة والخمسين ألف نسمة، على الرغم من ذلك يمكن للمتابع لواقع مدينة الباب أن يلحظ وجود قرابة الـ10 سجون في المدينة منها ما هو داخلها ومنها ما فضلت الفصائل أن يكون بعيداً عن أعين المدنيين، تجنباً لمعرفة ما يجري في اقبية هذه السجون او رصدها من قبل الأهالي.
ماهي أهم السجون في مدينة الباب؟
· السجن المدني: يعتبر السجن المدني من أهم السجون في مدينة الباب، يعرف هذا السجن من قبل جميع الأهالي في المدنية، ويتبع لإدارة مباشرة لما يعرف بوزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة التابعة لتركيا.
وتشرف الشرطة المدنية المكلفة بضبط أمن المدينة على واقع هذا السجن وتتكفل بإدارته والاشراف على المعتقلين فيه.
·السجن العسكري: يختص هذا السجن بالمعتقلين لأسباب عسكرية، كما تقول إدارة مدينة الباب، ولهذا اتبعت إدارة السجن لما يعرف بوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، وتشرف على شؤونه والمعتقلين فيه الشرطة العسكرية التابعة لوزارة الدافاع في الحكومة المؤقتة أيضاً.
إلى جانب السجنين يوجد 7 سجون أخرى تابعة للفصائل المسلحة المتواجدة في مدينة الباب، أكّد الأهالي الذين تحدثنا إليهم وجدود معتقلات خاصة لا يعرفها أحد، إلى جانب السجون التابعة للفصائل، ومن أهم هذه السجون:
1- سجن الزراعة: يقع السجن بالقرب من مشفى الحكمة في المدينة. برز اسم سجن الزراعة إلى الواجهة في السابع والعشرين من نيسان/أبريل من العام الماضي، عندما أعلنت فرقة “الحمزات” عن هروب 8 مسلحين من تنظيم “داعش” من السجن.
ليعود اسم السجن مجدداً إلى الواجهة في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/ وفمبر الماضي عندما أعلنت فرقة “الحمزات” هروب 7 مسلحين من تنظيم داعش من السجن، ليكشف لاحقاً عن مقتل أحد قيادات التنظيم “مؤمن الحمادة “أثناء هرب المسلحين، ونظراً لاتهام “الحمزات” بتهريب مسلحي “داعش”، قام مسلحو “الحمزات” باعتقال والد الحمادة وشقيقه للتغطية عن عملية تهريب مسلحي “داعش”.
الحادثتان سلطتا الضوء على السجن، وتبين أن عدد السجناء في سجن الزراعة يقارب 300 سجين بينهم قرابة 40 إمرأة، التهم الموجهة للسجناء تتراوح بين الإنتماء لتنظيم “داعش” أو حزب “البي كي كي الكردي ” يوجد 70 معتقل كردي في السجن تم نقلهم من منطقة عفرين الى سجن الزراعة بتهمة التعامل مع “البي كي كي”.
2- سجن “المغاره”: يعتبر السجن الثاني لفرقة “الحمزات” في مدينة الباب واطلق عليه اسم المغاره نسبة لتواجده في منطقة المغاره من سكان الباب، ويعتبر السجن من أهم النقاط التي يحتجز فيها المدنيين الذين يعتقلون بهدف الحصول على اتاوات مالية من ذويهم مقابل اطلاق سراحهم، خاصة أولئك الذين يدخلون إلى الباب بقصد اللجوء إلى أوروبا أو لدخول تركيا عن طريق الباب.
3- سجن المقلع: يخضع سجن المقلع لإدارة حركة “أحرار الشام”، وبرز اسم سجن المقلع في العاشر من آب/ أغسطس 2020 عندما انتشرت في مدينة الباب حوادث الخطف، تبين لاحقاً أن معظم المخطوفين وقد بلغ عددهم 10 أشخاص، يتم نقلهم إلى سجن المقلع، وعرفت الحادثة باسم “سيارة من نوع هوندا سنتافه” التي استخدمت في خطف 4 حالات من أصل عشرة.
ولم تتوفر معلومات أكثر عن هذا السجن غير أنه يقع في قرب أرض تعتبر كسارات للحجارة ويطلق عليها في المنطقة اسم المقلع ومن هنا أخذ السجن اسمه وهو يتسع لقرابة خمسمائة سجين.
4-سجن مزرعة الشهابي: يتبع هذا السجن لمسلحي أحرار الشرقية، عرف السجن أثناء المظاهرات التي أعقبت تعرض أحد مسلحي الشرقية والمعروف بـ”اليابا” لأحدى النساء اللواتي خرجن بالتسويات من مدينة حمص، حينها تم توقيف اليابا بالسجن الموجود داخل مقر أحرار الشرقية في المزرعة، التي كانت سابقاً مزرعة للعماد حكمت شهابي وهو أحد القادة العسكريين في الجيش السوري في فترة الرئيس الراحل حافظ الأسد.
مصادر محلية أكّدت أن هذه السجون ضمت العديد من مسلحي “داعش” الذين أسرتهم الفصائل خلال المعارك مع التنظيم، وقد لجأ قادة الفصائل لاطلاق سراحهم، مقابل مبالغ مالية ضخمة تذهب لصالح القيادات والقائمين على السجون.
وتعتبر السجون التابعة للفصائل، سجوناً خاصة تفتقد لأي وثائق رسمية أو غير رسمية. وتحدث الأهالي عن أتاوات ضخمة يحصل عليها قادة الفصائل مقابل إطلاق سراح المعتقلين من هذه السجون، كما تفتقد الشرطة أو الشرطة العسكرية التابعين للحكومة المؤقتة أي صلاحيات للاطلاع أو مراقبة السجون التابعة للفصائل المسلحة.
ماذا عن الواقع الأمني في الباب؟
نهاية 2020 إلى الربع الأول من العام الجاري 2021، سجلت مدينة الباب عشرات التفجيرات، كما وجد أكثر من خمسة أشخاص مقطوعي الرأس في أحياء المدينة، بعد اختطافهم على يد أشخاص مجهولين لأيام، ما خلق حالة من الرعب في مدينة الباب.
التفجيرات في الباب وصلت إلى معدل مرتفع جداً لتعتبر من أكثر المناطق خطراً من حيث التفجيرات وفقدان المدنيين بفعل الخطف أو الاغتيالات التي طالت قادة مسلحين ومدنيين.
وتشرف الكتائب الأمنية على ضبط الأمن في المدينة وتتوزع على كل من جهازي الشرطة والشرطة العسكرية التابعين لما يعرف بوزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة المؤقتة التابعة لتركيا، كما تلعب الأجهزة الأمنية التابعة للفصائل المسلحة والشرعيين في هذه الفصائل دوراً رئيسيا في الواقع الأمني في الباب.
وكما حالة السجون تفتقد الشرطة والشرطة العسكرية القدية على مواجهة الكتائب الأمنية التابعة للشرعين في الفصائل المسلحة، ما يمكن الكتائب الأمنية من استخدام نفوذها وقوتها لفرض الاتاوات ” تحت مسمى الضرائب ” على أصحاب المحال التجارية، والمتمولين في المناطق المتواجدة فيها.
ما أوردناه في مقالنا عن مدينة الباب بجزئيه الأول والثاني، يحمل في طياته جزءاً بسيطاً من واقع المدينة التي شهدت اغتيال ناشطين أو مراسلين لقنوات تلفزيونية رسمية عندما فكروا بتسليط الضوء على واقع المدينة وكان آخرهم قبل أربعة أشهر تقريباً عندما قتل مراسل تلفزيون “تي آر تي” العربية في الباب، ما أثار الكثير من التساؤلات حول حقيقة ما تخفيه هذه المدينة من تجاوزات يخشى الأهالي إلى ماندر منهم الحديث أو الخوض فيه خشية الانتقام أو تعرضهم للملاحقة من قبل المسلحين الحاكمين للمدينة.
الميادين نت
Views: 1