تراجع التفاؤل بولادة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة قبل 4 آب. لكن ما سر اطلاق جرعات الامل بتجاوز المعوقات الحكومية، علما انه تبين ان شيئاً لم يتغير بعد؟
لقد بات خطاب القوى السياسية ممجوجاً وهي تتحدث عن ضرورة تأليف حكومة بأسرع وقت، ومن تلك العبارات التي باتت اشبه بالكذبة اليومية انه “يجب ان تولد الحكومة امس وليس غداً”، وانه “يجب تأليف الحكومة وسنقدم كل التسهيلات”، و”لا وقت للمناكفات لان الأوضاع صعبة”…الخ.
قبل الإعلان رسمياً عن تكليف ميقاتي كانت مصادره توزع ان الرئيس المكلف وضع مهلة زمنية لتأليف الحكومة، وذهب المتفائلون الى تحديد أسبوع او شهر حدا اقصى. بيد ان ميقاتي سرعان ما اشاع أجواء أخرى وإنْ كانت إيجابية، الا انه رفض تقييد نفسه بمهلة زمنية للتأليف، وربما يكون رئيس الحكومة السابق قد تدارك ان تحديد مهلة قد “ينتقص” من صلاحيات رئيس الحكومة، ولذلك طوى صفحة المهل وترك الأمور تسير على طبيعتها.
في جردة أولية لأيام التكليف السابقة، يلاحَظ ان أي خرق لم يسجل في جدار الازمة، وان ما تركه الرئيس سعد الحريري في عهدة الرئيس ميشال عون لا يزال نقطة الانطلاق لأي تشكيلة حكومية، وبمعنى أدق فإن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لن يتنازل عن حقيبة الداخلية وسيتركها في عهدة “تيار المستقبل”، اما وزارة العدل فهي موضع مساومة مع وزارة الطاقة فيما الكباش الأساسي لا يزال يكمن في تسمية الوزراء المسيحيين.
ووفق كل ذلك، لماذا يصر ميقاتي على التفاؤل؟
يقول مقربون من الرجل انه يريد حشر العهد ومعه عون ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. وعلى رغم نفي الأخير انه لم يطلب خلال عشاء السبت السري من ميقاتي حقيبة معينة، الا ان الثابت ان ما من امر يجب ان يبحثه باسيل مع الرئيس المكلف سوى الثلث المعطل، علما ان رئيس “التيار البرتقالي” اعلن صراحة ان الطائف لا يمنع حصول رئيس الجمهورية على الثلث المعطل.
اما رئيس الجمهورية وخلال 3 جلسات مع الرئيس المكلف، فإنه لم يتسلم منه سوى توزيع الحقائب من دون أسماء ومن دون الغوص في التفاصيل، وكذلك من دون حسم مسألة تسمية الوزراء المسيحيين.
الا ان السؤال البديهي يكمن في ان عون لن يتنازل لميقاتي ما كان قد رفض التنازل عنه لتسعة اشهر مع الحريري.
اما حلفاء عون، وتحديداً “حزب الله”، فإن حساباته مختلفة اليوم وان كان يتمسك بضرورة التأليف السريع ويكرر أن “كل يوم تتأخر فيه ولادة الحكومة يعود البلد فيه الى الوراء وتتفاقم فيه الازمات. عدا ان حارة حريك تبارك حكومة تكنو سياسية سبق لميقاتي ان دعا الى تأليفها، وتصر على ضرورة تقديم مصالح الناس على المصالح الخاصة، والترفع عن المزايدات والحسابات الانتخابية، فهناك فرصة للنجاح لا بد من الاستفادة منها للخروج من النفق المظلم (…)”. لكن لا يجب المرور مرور الكرام على قناعة تكونت لدى الحزب أخيرا ومفادها ان احتمال اشراف حكومة الرئيس حسان دياب على انتخابات أيار المقبل هو احتمال جدي وواقعي طالما ان كل طرف لا يزال متمسكاً بمطالبه.
بدوره يستعد عون لالقاء كلمة وجدانية في الرابع من آب في الذكرى السنوية الأولى لنكبة بيروت وقتل العشرات وجرح آلاف المواطنين.
وبحسب أوساط مقربة من الرئاسة فإن عون سيكرر ضرورة تأليف حكومة بأسرع وقت، وانه يجب احترام الدستور والميثاق.
Views: 0