أسئلة كثيرة وانتقادات ومواقف متعارضة لا تحصى صدرت بعد إصدار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قراره برفع الدعم عن المحروقات، وترك أسعارها خاضعة لأسعار السوق وبالعملة الأجنبية، أيّ بالدولار الأميركي، ما يعني بكلّ بساطة إدخال البلاد في نفق مجهول، وارتكاب جريمة كبرى بحق أغلب اللبنانيين، كون هكذا قرار سيرتّب عليهم أعباء لا طاقة لهم أبداً على تحمّلها.
قرار حاكم المصرف يعني وفق حسابات بسيطة رفع سعر صفيحة البنزين من 76 ألف ليرة حالياً إلى 336 ألفاً، وسعر صفيحة المازوت من 57 ألفاً إلى 278 ألفاً، الأمر الذي أوجب طرح أسئلة على الحاكم والحكومة والسلطة من رأسها إلى أخمص قدميها، ومن أبرز هذه الأسئلة، التالي:
أولاً: هل تعلم المنظومة الحاكمة أنّ راتب أيّ موظف مدني أو عسكري بات يساوي بين 3 ـ 5 صفائح بنزين؟
ثانياً: ألا تعلم المنظومة الحاكمة أنّ عدداً كبيراً من الموظفين الإداريين والأمنيين باتوا يغيبون عن وظائفهم، ما يهدّد بشلّ الدولة، ويشكل خطراً على دورتها الطبيعية وأمنها، بعدما باتت رواتبهم بالكاد تكفي لتعبئة سيّاراتهم بالوقود؟
ثالثاً: أتدرك المنظومة الحاكمة أنّ أدوية وحليب الأطفال باتت عملة نادرة، وإذا وجدت فإنّ أسعارها باهظة جدّاً، وكذلك فقدان أدوية الأمراض المزمنة، وأنّ قطاع الصحّة بات مهدّداً كما لم يهدد من قبل بخسارة كلّ نجاحات السّنوات والأعوام الماضية، بسبب هجرة الأطباء والممرضين، وإعلان مستشفيات توقفها عن إستقبال المرضى؟
رابعاً: هل وصل إلى أسماع المنظومة الحاكمة أن أكثر من 250 ألف شخص قد فقدوا وظائفهم في القطاع الخاص منذ قرابة سنتين، بسبب تسريحهم أو إقفال المؤسسات التي يعملون بها أبوابها، وأنّ طابور العاطلين عن العمل قد أصبح أكبر من طابور العاملين في القطاعين العام والخاص معاً؟
خامساً: هل لمست المنظومة الحاكمة آثار الإنهيار الكبير الذي طال مختلف القطاعات الإنتاجية في البلد، وأنّ أغلب المؤسسات الإنتاجية باتت غير قادرة على الإنتاج أو على التصدير، وأنّ الإستيراد بسبب إنهيار الليرة اللبنانية أصبح ترفاً لا يسعى إليه سوى فئة قليلة من التجّار والمستوردين؟
سادساً: هل تشعر المنظومة الحاكمة فعلياً بالذلّ الذي يعيشه المواطن يومياً على أبواب المستشفيات والصيدليات والسوبرماركت، وأمام محطات المحروقات والأفران من أجل الحصول على صفيحة بنزين أو مازوت أو ربطة خبز، وأن قتلى يسقطون يومياً بسبب إشكالات تقع أمامها (سقط 4 قتلى خلال يوم واحد هو يوم الإثنين الماضي)، فضلاً عن سقوط جرحى والتسبّب بخسائر مادية كبيرة؟
سابعاً: هل خطر ببال المنظومة الحاكمة كيف سيؤمّن المواطن والعامل البسيط حاجته من الوقود للتدفئة في فصل الشتاء المقبل، وأنّ مدخوله الشهري قد لا يكفيه لشراء أكثر من 4 ـ 5 صفائح مازوت، وأن فقراء ومعدمين قد يموتون كلّ يوم من شدّة البرد؟
ثامناً: أتدري المنظومة الحاكمة أنّ أقصى أحلام المواطن في لبنان بات الهجرة من بلده إلى أيّ بلد في العالم، أملاً في الحصول على الحدّ الأدنى من حقوقه وكرامته التي لم توفرها له دولته، والأرجّح أنّها لن توفرها، وأنّ الحلم بالتغيير في هذا البلد قد أصبح سراباً وحلماً بعيد المنال، وأنّ المنظومة الحاكمة قد تصل إلى مرحلة لن تجد فيها شعباً تحكمه، وستجد نفسها تجلس على أشلاء وطن؟..
Views: 1