كشفت سيطرة حركة طالبان السريعة على معظم الأراضي الأفغانية خلال أقل من أحد عشر يوماً عن تنسيق شبه تام بين واشنطن والحركة، وكأنها عملية استلام وتسليم بين الطرفين كان يقدر لها أن تستغرق حتى نهاية العام وفق ما صرح به الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي فوجئ كما زعم وطاقمه في البيت الأبيض بسرعة انهيار الحكومة الأفغانية العميلة للولايات المتحدة الأمريكية وتقهقر الجيش الأفغاني الذي يربو تعداده على 300 ألف مقاتل بعد أن أعدته “البنتاغون” إعداداً تاماً وسلحته بأسلحة متطورة فيما لا يتجاوز مقاتلو طالبان عشرين ألفاً.
بعد عشرين سنة من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان بذريعة القضاء على الإرهاب وتخليص الشعب الأفغاني من حكم طالبان وتمكينه من حكم معاصر تتهاوى الشعارات الأمريكية المزيفة وتتعرى الذرائع الكاذبة التي اتخذتها واشنطن حججاً لاحتلالها هذا البلد، لتعود طالبان تحكم أفغانستان بصورة أقوى وبرضا الولايات المتحدة التام وبالتنسيق معها مقابل أن تكون الحركة رأس حربة بيد البنتاغون وحلف “ناتو” والغرب للمواجهة الوشيكة مع إيران وروسيا والصين وهذا هو الهدف الأهم في الإستراتيجية الأمريكية المقبلة.
ومما لاشك فيه أن من أهداف واشنطن إضافة للأهداف التي ذكرت آنفاً بتسليم حركة طالبان لأفغانستان وتصوير ذلك بأنه انتصار كبير لهذه الحركة هو محاولة إنعاش المشاريع الإرهابية المهزومة وإحيائها ورفع معنويات الإرهابيين في كل مكان وهذا ما عكسته أفراح “جبهة النصرة” والجماعات الإرهابية في إدلب وغيرها وكأنها عودة الروح لهم.
لا غرابة أن تغدو طالبان خليفة واشنطن في أفغانستان وأن يحكم الإرهاب بغطاء أمريكي أنى وصل، ذلك أن الإرهاب صناعة أمريكية بامتياز لا تنافسها عليه أي دولة أخرى في العالم، فما من بلد احتلته الولايات المتحدة أو دخلته إلا وتركته نهباً للفوضى أو لحكم الجماعات الإرهابية أو لصراع مع هذه الجماعات لا يكاد ينتهي.
لقد حدث ذلك في الصومال، وحدث أيضاً في ليبيا, وإلى حد كبير في العراق وفي بلدان كثيرة في أمريكا اللاتينية وغيرها، ولولا أن استطاع الجيش العربي السوري البطل أن يكسر المشروع الإرهابي الذي صممته الولايات المتحدة ضد الدولة السورية لكان الوضع مماثلاً لمسار هذا النهج الأمريكي القذر.
Views: 5