يوماً بعد يوم يتجه لبنان اكثر فأكثر الى مصاف الدول الاكثر عوزاً بفضل “حكمة وبعد نظر” من يتولى ادارة شؤونه، ويوماً بعد اخر يتجه المواطن في لبنان الى الفقر المدقع ويتخلى عن شيء من اساسيات حياته مقابل الضرورات القصوى، فيما تستمر تغذية الدعم المنهوب من جيب هذا المواطن وجنى عمره بفعل قرارات عشوائية تحقن الازمات بإبر “مورفين” بدل من معالجة موضع الألم بصورة جذرية.
ويؤكد خبير اقتصادي لسفير الشمال انه لولا التحويلات المالية من المغتربين لكان نصف الشعب اللبناني مات من الجوع حيث قُدرت نسبة الذين يعيشون على الحوالات الخارجية الشهرية او الدورية بما يتخطى الاربعين في المئة من الشعب، فيما ترد حوالات بشكل متقطع لنحو عشرين بالمئة من العائلات تتراوح بين الخمسين دولار والخمسمئة دولار، معتبراً انه في حال توقفت هذه الحوالات لا سمح الله فان الانهيار سيكون اسرع مما هو عليه الان، كاشفاً ان المبالغ الواردة تتخطى الـ150 مليون دولار شهرياً وان معظمها من الدول الاوروبية واوستراليا وبعض الخليج الى افريقيا وكندا.
ويشرح ان “العائلة في لبنان المؤلفة من اربعة افراد تحتاج اقله الى ثلاثة ملايين ليرة لبنانية لضرورات المعيشية اليوم فيما تتراوح الاجور بين الـ750 الف ليرة والاربعة ملايين ليرة بشكل عام ما يعني شرخاً كبيراً بين المدخول والمصروف، ناهيك عن الشرخ الكبير بتسعير الدولار اذ ان هناك دولار المصارف على 3900 ليرة ودولار الدواء على ال12الف ليرة ، اما دولار التجار فعلى العشرين الف ليرة فيما بات اليوم دولار المحروقات على الثمانية الاف غير ان معظم الموظفين لا يزالون يقبضون رواتبهم على سعر الصرف الرسمي اي على 1507 وهذا لا يحصل الا في لبنان مع الاسف وبغياب اي خطة او رؤية لمعالجة هذه الشروخ التي اوجعت الناس بما فيه الكفاية وجعلت الحياة صعبة، وهي ستزيد وجعهم في حال لم يتم تشكيل حكومة فاعلة تعمل فوراً على الاصلاحات لانتشال لبنان مما اوقعوه فيه اهل الحكم وتتخذ قرارات منطقية مبنية على ثوابت وارقام بعيداً عن التخبط العشوائي الذي لن يؤدي الى مزيد من الانهيار”.
ويتساءل الخبير كيف لا يزال الشعب منصاعاً يفتش عن البنزين والدواء والرغيف ويتأقلم مع الوضع فيما دخله لا يتساوى مع مصروفه، هذا اذا كان لا يزال يعمل، متوقعاً المزيد من البطالة مع استمرار الشركات والمؤسسات الخاصة باقفال ابوابها وتسريح عمالها او دفع نصف رواتب، لافتاً الى ان ثمن صفيحة البنزين بات ربع راتب من يقبض الحد الادنى للاجور فيما اشتراك مولد ٥ امبير يستهلك المعاش بأكمله.
ويعتبر الخبير انه في حال لم تتألف حكومة هذا الاسبوع فإن سعر صرف الدولار سيتخطى العشرين الف ليرة باشواط وسنتجه الى مزيد من الفقر مع الدوران بحلقة مفرغة يصعب بعدها الافلات منها وصولاً الى الدخول في المجهول
Views: 1