حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قمة دول جوار العراق كان شاذاً ومستغرباً ، ففرنسا ليست من الدول المجاورة للعراق والدور الفرنسي في رعاية الإرهاب ودعمه في العراق وسورية والمنطقة كان ولا يزال دوراً مشيناً، والرئيس الفرنسي شخصياً كان ولا يزال أكثر الرؤساء الفرنسيين تبعية للسياسة الأمريكية في تشغيل مختلف أنواع الجماعات الإرهابية المجرمة والاستثمار في المشروع الإرهابي في الشرق الأوسط .
حكومة ماكرون من أكثر الحكومات الأوروبية نفاقاً تجاه “محاربة الإرهاب ” ، فهي ترفع شعار “مكافحة الإرهاب” وتدعي ليلاً ونهاراً أنها ضده وتحاربه فيما تسهّل للإرهابيين من فرنسا وغيرها الوصول إلى المنطقة العربية للانخراط في الحرب الإرهابية بل ترسل جنودها إلى سورية لحماية الجماعات الإرهابية . ومن يستمع إلى خطاب ماكرون في مؤتمر بغداد يظن أن بلاده هي التي دحرت الإرهاب من سورية والعراق فيما يعرف القاصي والداني أن احتلال “داعش” الإرهابي للمحافظات العراقية وتدمير مدنها وحضارتها العريقة ولاسيما مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية ، قد تم بخطة أميركية فرنسية وبأسلحتهما، فعلى من تكذب وعلى من تنفخ مزاميرك يا ماكرون .؟.
جاء ماكرون إلى مؤتمر بغداد ممثلاً لإدارة بايدن ووكيلاً عنها لإنشاء تكتل في محاولة ليعيد لأمريكا والغرب هيبتهما في المنطقة بعد الفشل الذريع في المشروع الإرهابي ودحر العصابات الإرهابية وبعد السقوط المدوي للولايات المتحدة وحلف الناتو في أفغانستان وتأسيس منظومة تواجه إيران وتحدّ من النفوذ الروسي والصيني في المنطقة وتكون هذه المنظومة سنداً غير مباشر لكيان الاحتلال الإسرائيلي إذا ما انسحبت القوات الأمريكية من سورية والعراق الذي أضحى يومه قريباً بعد الانسحاب من أفغانستان .
وعندما يذهب ماكرون بعد انتهاء مؤتمر بغداد لزيارة إقليم كردستان فهو ينسف شعار المؤتمر الرامي لتحقيق الأمن والاستقرار والمحافظة على وحدة الدولة العراقية لكونه اعترافاً بالجيب الانفصالي في العراق و يذكر ويوحي بتكريسه تقسيم العراق وفق خطة سيئ الذكر بول بريمر أيام الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين. فحكومة ماكرون بعقليتها الاستعمارية مازالت تعمل بنهج سايكس- بيكو ذاته لتقطيع أوصال المنطقة وهي تدعم كل الأدوات الانفصالية مثلما هو حالها في دعم ميليشيا “قسد” العميلة في شمال سورية .
حماس حاكم الاليزيه لمؤتمر بغداد نابع من أمل بتعويض فشل السياسة الفرنسية في ليبيا والشرق الأوسط واستعادة ولو موطئ قدم في المنطقة والحصول على حصة في مشاريع إعادة إعمار ماخربته الحرب الإرهابية التي كانت فرنسا أحد أطرافها الرئيسة، وفوق هذا وذاك يريد ماكرون الفاشل في سياسته الداخلية ووصول شعبيته إلى الحضيض أن يظهر نجاحه خارجياً وتلميع صورته أمام الشعب الفرنسي تمهيداً لخوض سباق الرئاسة الفرنسية مطلع العام القادم بوجود مرشحين أقوياء كميشيل بارنييه واحتمالات مرجحة بإخفاقه بها .
Views: 2