خطف أمريكا لصفقة الغوّاصات النوويّة الأستراليّة يَعكِس كيفيّة مُعامَلتها لحُلفائها كِبارًا كانوا أو صِغارًا.. لماذا لا نتعاطف مع فرنسا آخِر ضحايا الأنانيّة والعُنصريّة الأمريكيّة؟
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحُكومته في حالِ غضبٍ شديد من جرّاء القرار الأمريكي بسَرقة صفقة غوّاصات نوويّة أستراليّة بقيمة 50 مِليار دولار كانت الحُكومة الأستراليّة تعاقدت عليها مع فرنسا، واعتبرت هذه السّرقة طَعنةً مَسمومةً في الظّهر.
هذا التصرّف الأمريكي المُتّصف بالأنانيّة والغطرسة يَعكِس كيفيّة تعاطي أمريكا مع حُلفائها، سواءً الأوروبيين الذين يَنخَرِطون في نظامها الأمنيّ العالميّ، ويخوضون جميع حُروبها، ويخضعون لقِيادتها لحِلف النّاتو، أو دول وحُكومات العالم الثّالث.
فإذا كانت الولايات المتحدة تتعاطى مع فرنسا الدّولة العُظمى دائمة العُضويّة في مجلس الأمن الدولي بهذه القسوة والاحتِقار فكيف سيكون الحال مع زُعماء أو حُكومات عربيّة تعتاش على مُساعداتها الماليّة، أو حِمايتها العسكريّة؟
لم يُفاجِئنا الرئيس الأمريكي السّابق دونالد ترامب عندما “عاير” حُكومات خليجيّة بأنّه لولا الحِماية الأمريكيّة لما استمرّت في السّلطة يَومًا واحِدًا، ولأصبحت اللغة الفارسيّة اللّغة الرسميّة في الخليج، فالرئيس ترامب يتّسم بالحماقة والتهوّر، لكن أن تأتي هذه الطّعنة المسمومة لفرنسا من الرئيس جو بايدن وإدارته الديمقراطيّة، فهذا أمْرٌ يَصعُبُ تصديقه.
أمريكا نهبَت مِئات المِليارات من حُلفائها العرب في الخليج، عبر صفقات أسلحة انتهى عُمرها الافتِراضي، وحتّى لو كانت حديثة، فإنّ مُعظم تجهيزاتها التكنولوجيّة المُتطوّرة جرى نزعها مُسبَقًا، علاوةً على شُروطٍ مُهينة، أبرزها عدم استِخدامها ضدّ دولة الاحتِلال الإسرائيلي، أو تصديرها لطَرفٍ ثالث مُعادٍ للولايات المتحدة.
الحِلف العسكري الإنجلوسكسوني الجديد الذي تعتزم الولايات المتحدة تأسيسه، ويَضُم بريطانيا وأستراليا، وربّما تنضم إليه كندا لاحقًا، يقوم على أُسسٍ عُنصريّة تمييزيّة، لأنّه يقتصر حتّى الآن على الدّول النّاطقة باللّغة الإنكليزيّة، وهذا ليس غريبًا على دَولةٍ قامت على أنقاضِ أمّةٍ هنديّةٍ تعرّضت للإبادة بطُرقٍ بربريّة همجيّة.
يَصعُب علينا التّعاطف مع فرنسا، أو أن نَقِف في صفّها بسبب تاريخها الاستِعماري الذي لا يختلف كثيرًا عن نظيره الأمريكي، ويحفل بالمجازر والأنانيّة والعُنصريّة، ونهب ثروات الشّعوب الفقيرة المُعدَمة في آسيا وإفريقيا، فهذه الدّول اتّفقت على استِعمارنا، وتقسيم بُلداننا، واقتِطاع جُزْءٍ عزيزٍ من أرضنا ومنحها للعِصابات الصهيونيّة.
ونختم بالقول: فُخّار يَكسّر بعضه.
“رأي اليوم”
Views: 5