لا يجوز أن يبقى أصحاب الودائع وجنى العمر ضحايا الإجراءات الظالمة من مصرف لبنان والبنوك التجارية التي مازالت تحتجز أموال الناس، وتحدد حجم سحوباتهم بالقطّارة، وبمعايير لا تمت إلى الواقع الإجتماعي والمعيشي بصلة.
ما معنى أن يبقى دولار المودع في البنوك يساوي ٣٩٠٠ ليرة في وقت بلغ سعره في السوق السوداء أضعافاً مضاعفة، واخترق حاجز العشرين ألفاً قبل أن يُعاود التراجع إلى المعدلات الراهنة بين ١٤ و ١٧ ألفاً؟
كيف يمكن لمتقاعد أمواله محتجزة في المصرف أن يعيش بكرامته بأقل من ألف دولار شهرياً على هذا المستوى الإجباري لسعر الليرة، الذي لا يكاد يؤمن له ثمن أدويته اليومية؟ ومن يتحمل فارق الأسعار الجنونية في السوبرماركات التي تُسعِّر أثمان السلع على قاعدة العشرين ألفاً لكل دولار، وتشطح في تحديد نسب أرباحها دون حسيب أو رقيب؟
القرارات التي توصلت لها لجنة المال النيابية حاولت إنصاف صغار المودعين، والحفاظ على كرامة المتقاعدين وحمايتهم من العوز والمهانة الإجتماعية، وذلك برفع سعر الصرف الإجباري في المصارف إلى ٧ آلاف ليرة على الأقل.
ولكن رفض مصرف لبنان بحجة ضرورة تجنب مخاطر التضخم النقدي في هذه المرحلة، والحفاظ على محتوى التعميم رقم ١٥١ ليس مقنعاً، ولا يُراعي أبسط حقوق أصحاب الودائع، وخاصة المتقاعدين، في الحصول على القيمة المناسبة لأموالهم، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة في آخرتهم.
لا ندري لماذا تبقى وزارة الشؤون الإجتماعية في غيبوبتها الراهنة، ولا تدق ناقوس الخطر عن مستوى التدني الإجتماعي الذي أصاب الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، الذين تحولوا بين ليلة وضحاها، وفي أقل من عامين فقط إلى مجموعات من الفقراء، يتسولون المساعدات الغذائية والدوائية من الخارج، بعدما هبطت قيمة رواتبهم إلى أقل من مئة دولار في الشهر، تكاد لا تغطي قيمة إشتراكات مولدات الكهرباء في دولة إعتاد حكامها العيش في الظلام، لإنعدام الرؤية في عيونهم، ولإفتقاد الشفقة في قلوبهم.
ويسألونك أين أصوات صغار المودعين والمتقاعدين وتحركاتهم وتظاهراتهم في الشارع، لرفع الصوت عالياً، وإيصال أوجاعهم إلى من بقي له أذنان يسمع بهما في هذه الدولة المتداعية!
فهل من يرفع الظلامة عن صغار المودعين قبل فوات الأوان؟
Views: 5