ركب لبنان موجة ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً التي تسجّل ارقاماً قياسية في تاريخها، اذ ارتفع سعر صفيحة البنزين في لبنان لغاية اليوم 900%، ما قد يدرج البلاد في كتاب غينيس عن فئة زيادة اسعار المحروقات مع انهيار العملة الوطنية ورفع الدعم.
وها هي اليوم موجة ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً من مادتي الغاز والنفط اللتين تسجّلان أسعاراً قياسية على أبواب فصل الشتاء والصقيع والحاجة الى التدفئة، تحلّ علينا بعبء إضافي ثقيل غير مرحّب به سيزيد من سعر المبيع محلياً ومعه التضخم، خصوصاً وأننا على أبواب استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن.
هذا الأمر يطرح تساؤلات حول مدى تأثّر مسار توقيع اتفاقية استجرار الغاز من الأردن بارتفاع سعر الغاز العالمي، خصوصاً وأن الخبراء يتوقعون استمرار المنحى الإرتفاعي لأسعار الغاز، لغاية نهاية فصل الشتاء نظراً الى زيادة الطلب عليه.
رأت خبيرة الطاقة كارول عيّاط خلال حديثها الى “نداء الوطن”، أن “أسعار الغاز الذي سيتم استقدامه من مصر الى لبنان ستتأثر حتماً بارتفاع أسعار الغاز عالمياً، والتسعير سيتمّ في اليوم الذي يصل فيه الغاز الى لبنان”. مشيرة الى أن “الكلفة ستكون أكثر من التقديرات المتوقعة، علماً أن الإتفاق لم يوقّع مع مصر بعد”.
وقالت: “لغاية اليوم لم يحدّد صندوق النقد الدولي قيمة التمويل، ولنفترض أنه وفّر لنا القرض، الى أي حدّ سيستمرّ في ذلك؟ فهو يشترط على الدولة اللبنانية البدء بالإصلاحات كي يمدّ يد العون الينا، وسيطلب حتماً من الحكومة في مرحلة لاحقة أن تموّل نفسها بنفسها في مجال الطاقة”. وسألت: “حتى ولو استقدمنا الغاز الى معمل دير عمار، فهل تمت صيانته ومن أين سيأتي التمويل؟”
وبالنسبة الى استجرار الكهرباء من الأردن، اعتبرت عيّاط أن “المشكلة هنا كبيرة. فالشبكة التي تصل البقاع بسوريا وصولاً الى الأردن تتضمن أعطالاً، إذ إن هناك عواميد متساقطة ومحطات تحويل معطّلة، إعادة تأهيلها وبنائها يتطلبان أقله 6 أشهر وقد تصل الى 9 و 10 أشهر وبكلفة مرتفعة”.
أما في ما يتعلق بأسعار الكهرباء، فأشارت الى أنها “ستتأثر قليلاً بارتفاع اسعار الغاز عالمياً، ولكن ليس على غرار شراء الغاز من مصر الى لبنان. الأردن طبعاً لديه فائض بالطاقة المتجددة ولديه غاز، ولم يتم تحديد الكلفة التي ستتقاضاها سوريا لنقل الكهرباء على شبكتها والقيمة التي ستدفع للأردن أيضاً”، علماً أنه لم يتمّ الإعلان رسمياً بعد عن عدم خضوعنا لأية عقوبات أميركية استناداً الى قانون قيصر بسبب تعاملنا مع سورياً لنقل الطاقة”.
اذاً يبقى السؤال الأساسي: كيف ستسدّد الدولة اللبنانية الكلفة اذا لم نحسّن تعرفة الكهرباء ومشاكل الهدر على الشبكة لتتوفر لدى مؤسسة كهرباء لبنان إمكانية الدفع؟
وبانتظار ما ستؤول اليه اسعار الغاز عند وصولها الى لبنان والذي لن يأتي على الأرجح خلال شهرين كما يروي المسؤولون، طرحت وزارة الطاقة أمس جدولاً أسبوعياً جديداً لسعر مبيع المازوت والغاز وجاءت الأسعار كما يلي: الديزل أويل: 226600 ل.ل. أي بزيادة 18700 ليرة لبنانية والغاز: 193600 ل.ل. بزيادة 14800 ليرة.
اما أسعار البنزين والتي تحتسب وفقاً لتقلبات أسعار النفط العالمية، فالزيادة عليها ستكون من مصدرين، أولاً من الرفع التدريجي للدعم محلياً عن المحروقات وارتفاع سعر دولار السوق السوداء، وثانياً من ارتفاع أسعار النفط عالمياً اذ سجّل خام برنت أمس والذي نعتمده في لبنان لتحديد اسعار البنزين 83,89 دولاراً للبرميل بعد أن بلغ أعلى مستوياته منذ تشرين الأول 2018 عند 84,60 دولاراً في وقت سابق من جلسة أمس.
من جهتها سجّلت أسعار الغاز الطبيعي العالمي أمس 5.88 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، متراجعاً عن تسعيرة يوم الثلاثاء الماضي حين وصل الى 6,31 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (mmBtu) وهو رقم غير مسبوق منذ 12 عاماً، على خلفية زيادة الطلب على تلك المادة التي انتعشت من التباطؤ الناجم عن فيروس كورونا بشكل أسرع مما كان متوقعاً.
Views: 5