جاسوس “إيراني” في منزل وزير الحرب الإسرائيلي.. ماذا يعني هذا الاختِراق الأمنيّ الخطير وفي مِثل هذا التّوقيت؟ وما هي انعِكاساته على التّطبيع العربي وحُكوماته؟
اليوم الخميس كشفت أجهزة الأمن الإسرائيليّة “الشاباك” عن اعتِقالها عامل نظافة في منزل بيني غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي، بتُهمة التجسّس لصالح إيران، ووجّه المدّعي العام للشاب عومري غورن، وهو من سكّان مدينة اللّد الفِلسطينيّة المُحتلّة تُهمة التجسّس، وزرع أجهزة رصد في حواسيب مُخدّمة، وبث صور عن المنزل وتجهيزاته ومداخله ومخارجه، وخزنة الأسرار، وإرسال هذه الصّور إلى جهاتٍ مُرتبطةٍ بإيران.
اللّافت أنّ الشّاب غورن (34 عامًا) ليس عربيًّا وإنّما يهودي، ويعمل في منزل الجِنرال غانتس مُنذ عدّة سنوات، أيّ بما يشمل الفترة التي كان يشغل فيها منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، المنصب الأكثر أهميّةً وخُطورةً في الدولة العبريّة.
إنّه اختراقٌ أمنيٌّ غير مسبوق لدولةٍ تتباهى بقُدراتها الاستخباريّة، وتُتاجر فيها وتجني من جرّائها مِليارات الدّولارات، وهو اختراقٌ لا يُمكن أنْ يُقدِم عليه بنجاحٍ إلا جهاز استخبارات مضاد عالي الاحترافيّة والتقدّم في هذا المجال المُعَقَّد جدًّا.
مِن المُؤلم أنّ هذا الإنجاز الإيراني الاستِخباري يأتي في وقتٍ يتعاظم فيه التّنسيق الأمني بين الأجهزة الإسرائيليّة ونظيراتها العربيّة، وتتسارع فيها عمليّات التّطبيع بحيث تحوّلت أجهزة الأمن العربيّة إلى جواسيس على شعبها، وفصائل المُقاومة الأُخرى خدمةً لدولة الاحتِلال، وعلى رأس هؤلاء منظّمة التحرير الفِلسطينيّة وسُلطتها وقوّات أمنها.
هذا الاختِراق الذي تُحاول السّلطات الإسرائيليّة التّقليل من شأنه، والادّعاء بأنّ هذا العميل لم يصل إلى معلوماتٍ سريّة مُهمّة، وهذا كَذِبٌ مفضوح، ينسف أُسطورة التفوّق الأمني والعسكري الإسرائيلي، ويؤكّد أن الدولة العبريّة العُنصريّة بدأت تتفكّك، وتنهار بشَكلٍ مُتسارع، والذي يُؤكّد هذا الانهِيار ليس نحن، وإنّما البروفيسور مارتين فان كارفيلد، أستاذ العلوم العسكريّة في الجامعة العبريّة في القدس المُحتلّة.
البروفيسور كارفيلد الصّيوني العُنصري الذي يُطالب بطرد جميع العرب، قال في مُقابلةٍ مُطوّلة معه نُشِرَت قبل يومين ولفت نظرنا بعض فقراتها: “تدهور الجيش الإسرائيلي بدأ من الرّأس حتّى القاع، أيّ من القيادة حتى الجُنود بسبب تفشّي ظاهرة إدمان المخدّرات والتّجارة فيها، وبيع الجُنود لأسلحتهم لفصائل المُقاومة الفِلسطينيّة، وتصاعد منسوب هجرة الإسرائيليين إلى أوروبا وأمريكا”، وتنبّأ بأنّ “الصّراع الصّهيوني ضدّ الفِلسطينيين خاسر، وسينتهي بنهاية دولة إسرائيل في نهاية المطاف”.
نتمنّى أن يقرأ هذا الكلام بعض قادة الجُيوش وأجهزة الأمن العربيّة المُتَكرِّشين وزعاماتهم، الذين يعتقدون أنّ العظمة لا تتأتي إلا عبْر تأسيس الجُيوش الإلكترونيّة والشّتائم، والباقي مَتْروكٌ لفهمكم.. وأوّل الغيث قطرة.. والقادم أعظم.
“رأي اليوم”
Views: 8