قامت واشنطن بتشغيل ماكينتها الإعلامية لإطلاق هستيريا حول “غزو روسي” بأي لحظة على أوكرانيا وفبركت الصور والفيديوات المزيفة لقوات روسية تغزو الأراضي الأوكرانية ودأبت منذ فترة على نشر أخبار بشأن حشود القوات الروسية على حدود أوكرانيا وبأرقام متزايدة على مدار الساعة ورغم نفي موسكو وعلى لسان أعلى المستويات مراراً وتكراراً بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين أي نية لغزو أوكرانيا، وأنه لا خطط لدى روسيا بأي عمل عسكري ضد كييف، إلا أن واشنطن وأتباعها الأوروبيين لم يتوقفوا عن ضخ المزيد من الدجل والتضليل.
ورافق هذه الهستريا الأمريكية التي تزعم بغزو روسيا لأوكرانيا حملة لسحب دبلوماسيين من سفارات غربية في كييف وتحريضها للاستعداد للحرب، وأرسلت واشنطن لها عشرات الآلاف من أطنان الأسلحة والذخائر في وقت يقول فيه المسؤولون الأوكرانيون بمن فيهم الرئيس أنه لايوجد خطر من غزو روسي وأن هذه الأجواء التي افتعلها الإعلام الأمريكي والغربي أضرت بأحوال الاقتصاد الأوكراني وخلقت بلبلة في الحياة العامة للبلاد، ومع ذلك فمازالت تصريحات المسؤولين الأمريكيين وفي المقدمة الرئيس جو بايدن تصب الزيت على النار، ومازالت واشنطن تقرع طبول الحرب نيابة عن أوكرانيا نفسها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا تريد واشنطن من هذا التصعيد المفتعل؟ مما لاشك فيه أن أول ما ترمي إليه الولايات المتحدة من هذا التصعيد هو التهرب من الضمانات الأمنية التي طلبتها روسيا وأهمها عدم توسع حلف “ناتو” شرقاً والهدف الثاني هو إنهاء اعتماد أوروبا على الغاز الروسي وتأليب “ناتو” على روسيا والصين والاستفراد بكل منهما على حدة وكذلك إضعاف تأييدهما لإيران في مفاوضتها حول الملف النووي الإيراني قبل أن تصل إلى نهايتها ولعل استنزاف روسيا بالأزمة الأوكرانية يؤدي إلى تباطؤ الصعود الروسي عالمياً ويفتح الباب أمام تفجير مشكلات في وجه روسيا في دول الاتحاد السوفييتي السابق على غرار ماحصل في كازاخستان .
لكن الرياح جرت على عكس ما خططت له حسابات واشنطن فقد زاد التعاون الروسي- الصيني أضعاف ما كان عليه وأثمرت زيارة الرئيس بوتين إلى بكين لحضور دورة الألعاب الشتوية عن توقيع عدد من الاتفاقيات الكبيرة في مقدمتها اتفاقية توريد الغاز الروسي من سيبيريا بمئات المليارات، ما يعوض عن توريد الغاز الروسي إلى أوروبا اذا حصل ذلك وهو أمر مشكوك فيه وأبدت بكين تضامناً قوياً مع مطالب موسكو فيما يخص الضمانات الأمنية يضاف إلى ذلك كله انكشاف مرامي الهيجان الأمريكي حتى لدى حلفائها الأوروبيين .
tu.saqr@gmail.com