لماذا تُهَدِّد تل أبيب بإعلان الحرب إذا امتلك “حزب الله” ألف صاروخ دقيق؟ وهل اقترب الحزب من هذا الرّقم أم تجاوزه؟ وما هو مصدر القلق الحقيقي في أيّ حربٍ قادمة؟
لم يُفاجئنا في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” ما جاء في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي الرّسمي لهذا العام من نقاط أبرزها تأكيده على أن “حزب الله” يُشَكِّل التّهديد الثاني بعد إيران، وقبل فصائل المُقاومة الفِلسطينيّة في قطاع غزّة و”حماس” و”الجهاد” الإسلامي على وجه الخُصوص، فلا جديد في هذا الكشف، ولكن ما فاجأنا حقيقة تصريحات الجِنرال عيران نيف قائد قسم تطوير القِتال في الجيش الإسرائيلي التي هدّد فيها بأنه في حال اجتِياز “حزب الله” حاجز الألف صاروخ من الطّراز الدّقيق “فإن إسرائيل ستكون مُضطرّةً لشنّ حربٍ على الحزب”.
مصدر المُفاجأة هو تحديد رقم الألف صاروخ دقيق، الأمر الذي يعني أن إنتاج هذه الصواريخ حتى 999 صاروخًا أمرٌ مسموحٌ به، ويُمكن التّسامح معه، ولكنّ الصّاروخ اليتيم الذي يرفع هذا العدد من الصّواريخ الدّقيقة إلى حاجز الألف، هو الخطّ الأحمر ومصدر الخطر الذي يُمكن أن يُشعل فتيل الحرب.
إنها قمّة الارتباك، تصريحات الجِنرالات الإسرائيليين باتت تُثير السّخرية، لأنّها وبسبب حالة الهلع والرّعب التي يعيشها هؤلاء هذه الأيّام، وخاصَّةً جِنرالات الجيش، لم تعد مُكرّرة فقط، وإنما بلا أيّ معنى، ويُمكن تصنيفها في خانة “الرّغي” و”الهذيان”.
الجِنرالات أنفسهم أطلقوا التّهديدات نفسها قبل ثلاثة أعوام، عندما قالوا إن مُجرّد امتِلاك الحزب لصواريخ دقيقة من إنتاجه، ستقوم الطّائرات الإسرائيليّة بقصفه وتدميره، الأمر الذي دفع السيّد حسن نصر الله إلى الإعلان في أحد خِطاباته في حينها أن مؤسّسة الإنتاج الحربي التّابعة للحزب لم تُنتج هذا النّوع من الصّواريخ، وحينما تُنتجها سيتم الإعلان رسميًّا عن هذا الإنجاز.
“حزب الله” وباعترافٍ رسميّ إسرائيليّ، بات يملك هذا النّوع من الصّواريخ بفضل التكنولوجيا الإيرانيّة، ولم ولن تفعل المؤسّسة العسكريّة أيّ شيء، واعتِرافها بهذه الحقيقة أحد أكبر الأدلّة في هذا المِضمار، فإذا كانت فصائل المُقاومة المُحاصرة في قِطاع غزّة تملك هذا النّوع من الصّواريخ، وتجلّى ذلك في معركة “سيف القدس” الأخيرة (أيّار مايو الماضي) فكيف سيكون عليه الحال بالنّسبة إلى “حزب الله”؟
جِنرالات الجيش الإسرائيلي، وباعتِرافهم أيضًا، وفي التقرير الاستراتيجي السّنوي نفسه، يقولون إن الحزب يملك أكثر من 150 ألف صاروخ من مُختلف الأبعاد والأحجام، ويُمكن أن يكون العدد قد ارتفع إلى أكثر من 200 ألف، وبات باستِطاعته إطلاق 1500 صاروخ يوميًّا تصل إلى كُل بُقعة في الوطن الفِلسطيني المُحتل، بما في ذلك مفاعل ديمونا في النقب.
مسألة إطلاق 1500 صاروخ يوميًّا ليس بالأمر الجديد، ففصائل المُقاومة في قطاع غزّة أطلقت 4300 صاروخ في حرب الأيّام الـ11 الأخيرة، ولكنّ التطوّر الجديد الذي يخشاه الإسرائيليّون في أيّ حربٍ قادمة هو حُدوث توغّل برّي في الجليل المُحتل المُحاذي للحُدود اللبنانيّة الجنوبيّة، من قِبَل قوّات خاصّة مُدرّبة تابعة للحزب، علاوةً على المِئات، وربّما الآلاف من الطّائرات المُسيّرة الملغومة والمُتطوّرة جدًّا.
اللّافت أن “حزب الله” يتجاهل كُل هذه التّهديدات الإسرائيليّة، ولا “يتنازل” بالرّد عليها، ومن موقع الواثق، فالرّد، وحسب أحد مسؤوليه سيكون عمليًّا ومُوجِعًا في ميادين المُواجهة، وما علينا إلا الانتِظار.
“رأي اليوم”
Views: 1