غيداء حسن
يبدو أن الظروف العصيبة وارتفاع تكاليف المعيشة نزعت ما تبقى من إنسانيتنا, وخاصة بعد أن تحولت مهنة الطب لدى بعض الأطباء إلى لغة التجارة والمساومة، فكثيراً ما لاحظنا مؤخراً صدود البعض عن الذهاب للطبيب وتحمّل الألم خوفاً من التسعيرة التي سيتقاضاها منهم وعدم القدرة على تأمينها وخاصة بعد رفع بعض الأطباء أجورهم إلى أرقام مبالغ بها بذريعة الظروف الراهنة.. عن ذلك يؤكد نقيب أطباء دمشق الدكتور عماد سعادة في تصريح لـ«تشرين» أن موضوع التسعيرة قيد الدراسة المعمقة وفي نهاياتها لتكون ضمن رقم يناسب الجميع, الأطباء من جهة، ويكون عادلاً للمواطنين من جهة أخرى, ومناسباً للتطورات التي حصلت على الأسعار بشكل عام, وأي شكوى تصل للنقابة بمخالفة التسعيرة الحالية تتم معالجتها، مبيناً أن التسعيرة المعمول بها حالياً غير عادلة للأطباء, إذ مازالت 750 ليرة, ولكن لا أحد يعمل بها لأنها غير منطقية وغير مواكبة للظروف التي مرت على البلد في السنوات الماضية.
وأضاف د. سعادة : عندما يأخذ طبيب تسعيرة مخالفة كثيراً لهذه التسعيرة وبعيدة عن المنطق ترد شكاوى بذلك وتتصرف النقابة تجاهها حتماً لمصلحة الشاكي بعد التحقق من الموضوع، فالتسعيرة ملزمة وحسب القانون إذا أخذ ليرة واحدة خارجها فهي مخالفة, ولكن عادة يرى المواطن في حال أخذ الطبيب منه 5 آلاف ليرة أو 8 آلاف أو 12 ألفاً أنها منطقية ضمن الظروف الحالية ويكون راضياً, وفيما يتعلق ببعض المعاينات التي وصلت إلى 30 ألفاً أو أكثر قال: هذه مبالغ بعيدة عن الحقائق وعما ترغبه النقابة وعن الرقم المقترح الذي تدرسه اللجان من النقابات المختلفة ووزارة الصحة، وسيكون هناك مقترح له علاقة بخبرة الطبيب وعدد سنوات الخدمة, لافتاً إلى أنه يجب الأخذ في الحسبان أن بعض الأطباء يجرون استقصاءات بالعيادة (تخطيط قلب- إيكو – فحص إضافي- تخطيط أعصاب ) فإذا سمعنا أن مريضاً دفع أربعين ألفاً فهذا لا يعني أنها للمعاينة فقط , بل للمعاينة والاستقصاءات الإضافية, ولكيلا نكون ظالمين فإن كل حالة تؤخذ على حدة, فإذا كان الطبيب أخذ هذا المبلغ لمجرد المعاينة فهذا شذوذ كبير عن المقبول ولا تقبل به النقابة, فهي تدافع عن الطبيب ولكنها لا تدافع عن الخطأ أبداً .
ولفت د. سعادة إلى أن وزارة الصحة تتابع موضوع التسعيرة بشكل حثيث وهو ليس مرتبطاً بها فقط بل بالمالية والوزارات الأخرى ليكون هناك إجماع على تسعيرة مناسبة للجميع , ويكون الرقم صائباً لا ظلم فيه لأحد, ويرى أنه ضمن الظروف الحالية يجب عدم مقارنة مهنة الطبيب بأي مهنة أخرى, فمهنته إنسانية و في جزء منها تحمّل شيئاً من الأعباء أكثر من البقية, مضيفاً: كطبيب مسؤول عن أطباء دمشق أعتقد أن جزءاً من واجبنا أن تكون لدينا تضحية ولكن في المقابل على الطبيب التزامات كثيرة يجب أن تؤخذ في الحسبان كعطل جهاز من الأجهزة والاضطرار لإصلاحه أو استبداله وقد يدفع ملايين لذلك, وهذه مستهلكة, ولكن هذا لا يعني أن يتحمل المريض جزءاً من ذلك, ولا أبرر أن يعوض الطبيب ذلك من مرضاه مباشرة, لكن يجب مراعاة هذه النقطة..
68 شكوى
وعن عدد الشكاوى التي وردت للنقابة أشار د. سعادة إلى أنها وصلت في العام الماضي إلى 68 شكوى على بعض العيادات الخاصة وبعض المشافي, معظمها كان لسبب مادي، وبعضها كان بسبب توتر بين المريض والطبيب وانزعاجه من قصة مهنية .
وعن العقوبات في حال المخالفة وهل تصل إلى إغلاق العيادة؟ قال: في حال كانت الشكوى متعلقة بالتسعيرة لا يتم إغلاق العيادة ، ولكن في حال الخطأ المهني يتم إغلاقها, وقد تم سابقاً إغلاق إحدى العيادات في دمشق وسحب اسم الطبيب من النقابة بشكل كامل وإيقاف تسجيله في وزارة الصحة, بسبب خطأ جسيم, حيث تسبب باختلاطات مهمة لبعض المرضى لأكثر من حالة, لافتاً إلى أن النقابة ليست جهة منفذة بل تسير بالإجراءات ووزارة الصحة هي من تنفذ.
Views: 12