مع بدء ولاية المجلس النيابي الجديد اليوم الأحد في 22 أيّار الجاري، تُعتبر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مستقيلة عملاً بأحكام البند 1 من المادة 69 من الدستور، لا سيما أحكام الفقرة «هـ» من البند المذكور. وعلى هذا الأساس شكر رئيس الجمهورية ميشال عون ميقاتي والوزراء، وطلب من الحكومة تصريف الأعمال ريثما يتمّ تشكيل حكومة جديدة. فهل سيجري التوافق سريعاً على إسم الرئيس الجديد الذي سيتمّ تكليفه لتشكيل الحكومة الجديدة؟ وهل سيتمكّن بالتالي من تأليف حكومته التي سيكون عمرها قصيراً جدّاً لا يتخطّى الأشهر القليلة، سيما وأنّ لبنان اعتاد على أنّ تشكيل الحكومات فيه يتطلّب أشهراً وصلت في بعض المرّات الى 9 و11 شهراً، فيما ستُعتبر الحكومة الجديدة مستقيلة بعد خمسة أشهر، أي فور انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية في أواخر تشرين الأول المقبل؟
مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أن الحكومة التي يُفترض أن تُشكِّل بعد الإنتخابات النيابية التي جرت الأحد الماضي، ستكون حكومة موقتة، أو إنتقالية لفترة زمنية محدودة جدّاً بهدف تسلّم الرئيس الجديد البلاد، بعد بداية ولاية جديدة لمجلس النوّاب، ومن ثمّ تشكيل أول حكومة في العهد الجديد. ولكن على ما يبدو من ذيول الإنتخابات الأخيرة أنّ لا توافق سياسي في الأفق يشير الى أنّ إسم الرئيس المكلَّف سيظهر قريباً.
الكتل النيابية الجديدة التي نشأت بعد نتائج الإنتخابات، على ما أشارت المصادر، لا تجتمع على إسم واحد، انطلاقاً من اختلاف وجهات نظرها فيما يتعلّق ببناء الدولة، وبأي لبنان تريد في المرحلة المقبلة. كما أنّ كلّ منها يُطالب بنوعية حكومة معيّنة، فالكتل التقليدية والحزبية تريد حكومة وحدة وطنية تُشارك فيها كلّ المكوّنات السياسية وفق الأحجام الجديدة الممثٌلة في البرلمان، فيما تطرح قوى المعارضة تشكيل حكومة وفق نهج جديد لا يأخذ بالإعتبار حجم الكتل النيابية، وترى «قوى التغيير» أنّه لا بدّ من اختيار رئيس حكومة مستقلّ، وربما وجه سياسي جديد، لمَ لا، ينسجم مع أفكار النوّاب «التغييريين» الجدد في البرلمان.
من هنا، تنقل المصادر نفسها أنّ حظوظ الرئيس ميقاتي في إعادة تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة، وفي عودته الى السراي الحكومي قد ضعُفت، لأن لا إتفاق داخلي وخارجي على اسمه، لا سيما مع تبدّل مشهد الكتل النيابية. أمّا الضمانات الخارجية التي أعطيت له قبل تشكيل حكومته الحالية، فتضمّنت أيضاً إمكانية إعادة تكليفه واستمراره رئيساً للحكومة حتى نهاية عهد الرئيس ميشال عون، غير أنّ تغيّر موازين القوى قد يكون أثّر سلباً على إعادة تسميته لتشكيل الحكومة الجديدة. فدول الخارج، لا سيما فرنسا، التي دعمت ميقاتي، تفكّر اليوم بدعم من تريده قوى المعارضة و«التغيير» بهدف البدء بتغيير النهج السائد في لبنان منذ عقود، وصولاً الى المؤتمر التأسيسي الذي تسعى الى عقده قريباً من أجل إحداث التغيير المطلوب ووضع «عقد سياسي جديد» للبلاد.
وتقول المصادر بأنّ رئيس الجمهورية، وبعد انتخاب المجلس النيابي الجديد لرئيسه، لن يدعو الى استشارات نيابية ملزمة في قصر بعبدا، ما لم يتيقّن من وجود إسم لشخصية سنيّة تتوافق عليه غالبية الكتل، وإلّا فإنّ الدعوة لن يكون لها أي جدوى، لا سيما إذا ما تعدّدت الأسماء نظراً لازدياد عدد الكتل الصغيرة في المجلس الجديد.
وأوضحت المصادر عينها أنّ عدم التوافق بين الكتل على إسم واحد، من شأنه أن يُبقي ميقاتي على رأس حكومة تصريف الأعمال للخمسة أشهر المتبقية من عمر العهد، غير أنّ تصريف الأعمال سيحدّ كثيراً من دائرة تَحرُّك حكومته ووزرائه، ومن مضيها في مهمّة الإنقاذ وإخراج البلد من أزماته المتــفاقمة يوماً بعد يوم، حتى أنّه قد لا يُمكنها توقيع أي إتفاقية مع صندوق النقد الدولي. وإزاء هذا الوضع، قد يعود إسم ميقاتي ليُطرح من جديد لترؤس الحكومة الإنتقالية، إذ يُفضّل أن تكون شرعية، على أن تكون حكومة تصريف أعمال ليس إِلَّا.
وأكّدت المصادر أنّ الأمور لا تتعلّق فقط بالحسابات التي تجريها الكتل النيابية الجديدة في الداخل، إنَّما أيضاً بنتائج التسويات الدولية والتي من المفترض أن تِبصر النور قريباً، وأن تنعكس نتائجها على الوضع في لبنان. لكن يبدو أنّه لا بدّ من الإنتظار لوقت غير قصير بعد، وهو أمر غير مُتاح بالنسبة للبنان الذي يغرق أكثر وأكثر في وحول الأزمة الإقتصادية والمالية وتداعياتها على حياة المواطنين على مختلف الصعد، فيما لا يسمعون سوى خطابات تجييشية من هنا وهناك لا تُطعمهم خبزاً ولا تُعيد لهم ثقتهم بهذا البلد.
Views: 6