كيسنجر توقّع أحداثًا كبيرةً قادمة في الشّرق الأوسط ولكنّه تجنّب ذِكر التّفاصيل.. لماذا؟ وأين ستدور رحاها على الأرض السوريّة أم اللبنانيّة أم الإيرانيّة ومن سيُطلق الصّاروخ الأوّل؟
عندما يتوقّع هنري كيسنجر مُستشار الأمن القومي، ووزير الخارجيّة الأمريكي الأسبق، “أن أحداثًا كبيرةً قادمة في الشّرق الأوسط وآسيا، في لقاءٍ له مع صحيفة “الصّنداي تايمز” البريطانيّة، فإنّ هذا يعني أن مِنطقتنا الشّرق أوسطيّة تقف حاليًّا على أبواب حرب، فهذا الرّجل مسكونٌ بهذه المِنطقة، ويُتابع أحداثها، ويقف خلف أكبر اختراق ضرب الأمّة العربيّة ومزّق صُفوفها ووحدتها الاستراتيجيّة عندما مهّد لحرب أكتوبر، وبدأ مسيرة إخراج مِصر من الصّراع العربي الإسرائيلي عبر بوّابة مُفاوضات الكيلو 101 التي انتهت باتّفاقات كامب ديفيد.
كيسنجر كان مُنشَغِلًا بالحرب الأوكرانيّة وكيفيّة الخُروج منها بأقلّ الخسائر، ولكنّه مِثل المُجرم يظل يحوم حول مسرح الجريمة، ونقصد هُنا جرائمه في منطقة الشّرق الأوسط، ووقوفه بطريقةٍ أو بأُخرى خلف عمليّة اغتيال الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز لقِيادته حظْر النفط العربيّ عن الغرب، ودعوته للجِهاد لتحرير الأقصى، والصّلاة فيه مُحَرَّرًا.
وإذا كان كيسنجر يتوقّع أحداثًا كبيرةً في الصين والشّرق الأوسط، دون أن يُفصح عنها، فإنّ الشّق الصيني معروفٌ في ظِل التوتّر الأمريكي الصيني المُتصاعد حول مسألة تايوان التي تُهَدِّد بكين ضمها، ولكن ما هو غامضٌ، ويحتاج إلى المزيد من الوضوح هو الشّق المُتَعَلِّق بمنطقة الشّرق الأوسط.
من المُؤكّد أن كيسنجر، وبعد وصول المُفاوضات النوويّة في فيينا إلى طريقٍ مسدود، والعُدوان الإسرائيلي على مطار دمشق الدّولي الذي استهدف أجهزة تكنولوجيّة عالية المُستوى لزيادة دقّة صواريخ “حزب الله” حسب المزاعم الإسرائيليّة، من المُؤكّد أنه يتوقّع حربًا بين دولة الاحتِلال الإسرائيلي وإيران، قد تتمحور حول آبار الغاز والنفط التي تُوجَد في المِياه الإقليميّة اللبنانيّة وتُريد حُكومة تل أبيب وضع اليد عليها، وسرقتها.
إسرائيل ادّعت أنها أحبطت عمليّة اغتيال إيرانيّة كبيرة لمُستوطنيها في تركيا وطالبتهم بالعودة فورًا، وأجرت مُناورات في شرق المتوسّط استمرّت أكثر من شهر وانتهت قبل بضعة أيّام، ولا نستبعد أن كيسنجر الذي يُعتبر مُستشارًا غير مُعلن للحُكومات الإسرائيليّة، على اطّلاعٍ على تفاصيل المُخطّط الإسرائيلي، وسيناريو الحرب المُقبلة، والوشيكة.
كيسنجر طالب أوكرانيا بالتّنازل عن إقليم دونباس، والاعتراف بضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم، وتبنّي خِيار الحِياد على الطّريقة الفنلنديّة، ولكنّه لم يُطالب دولة الاحتلال الإسرائيلي بتقديم تنازلات تُؤدّي إلى قيام الدولة الفلسطينيّة المُستقلّة.
احتِمالات الحرب في الشّرق الأوسط تبدو الأكثر ترجيحًا، خاصَّةً بعد قصف مطار دِمشق المدني وإخراجه من الخدمة لمُدَّةٍ قد تطول، ولكنّها حرب ستخرج منها إسرائيل خاسرة مُهَمَّشة ومهزومة، وربّما هذا ما أراد كيسنجر تجنّب قوله في هذه المُقابلة.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”
Views: 1