نجحت واشنطن في توريط الدول الأوروبية بالحرب في أوكرانيا وتحويلها إلى طرف في هذه الحرب من خلال الوقوف إلى جانب نظام كييف وتقديم المال والسلاح لتغذية نيران الحرب وإطالة أمدها فضلاً عن الامتثال لأوامر البيت الأبيض في فرض أقصى العقوبات غير المسبوقة على روسيا.
لم تأخذ إدارة بايدن أي اعتبار لمصالح أوروبا المشتركة مع روسيا التي عمرها عقود طويلة وتعلم هذه الإدارة علم اليقين أن تورط أوروبا في الحرب الدائرة في أوكرانيا وتأجيج العداء ضد موسكو وقطع العلاقات معها له عواقب وخيمة على حياة الأوروبيين الذين يعتمدون اعتماداً كبيراً وبنسب عالية جداً على مصادر الطاقة الروسية التي ليس لها بديل يعوضها لهم على المدى المنظور.
وبعد أن فعلت إدارة بايدن فعلتها في جر الحكومات الأوروبية إلى الانخراط في الحرب ضد روسيا أدارت ظهرها لأوروبا حيث لم تفِ بوعودها في تأمين مصادر للطاقة بدلاً من الطاقة الروسية وفشلت جولة بايدن في المنطقة وعقده قمة جدة في زيادة ضخ النفط والغاز بما يكفي لخفض الأسعار وتأمين طاقة بديلة للدول الأوروبية التي وجدت نفسها أمام أزمات خانقة نتيجة ارتفاع أسعار السلع إلى أكثر من %25 ومواجهة الشتاء القادم ليس بما يكفي من النفط والغاز بعد أن بدأت الحكومة الروسية التخفيض التدريجي للغاز واحتمال أن يتم القطع الكلي، وهذا أمر متوقع بعد العقوبات الأوروبية التي شملت كل ما هو روسي ومصادرة الودائع الروسية في البنوك الأوروبية بعشرات مليارات الدولارات وحتى كتب كبار الكتاب الروس لم تسلم من المصادرة، فهل كان أحد يتوقع أن يقف الكرملين مكتوف الأيدي ويتفرج على هذا العدوان الصارخ؟.
الآن تقف إدارة بايدن وهي غير مبالية بمعاناة المواطن الأوروبي ولا بالمأساة الأوروبية التي قد تصل إلى حدود الكارثة مع دخول القارة العجوز الشتاء القارس وهي لا تفعل شيئاً سوى ضخ المزيد من الأسلحة الفتاكة لنظام كييف ومن جيوب الأوروبيين وإطالة أمد الحرب حتى آخر أوكراني ومتابعة حملات كاذبة ومزيفة بتخويف الأوروبيين من الخطر الروسي، فيما تتخبط الحكومات الأوروبية في إيجاد حلول لأزماتها المعيشية التي وصلت عملتها الرئيسة اليورو إلى أدنى مستوى أمام الدولار كما أدى التورط الأوروبي غير المدروس إلى حدِّ سقوط ثلاثة رؤساء حكومات أوروبية حتى اللحظة.. والحبل على الجرار وتتعالى الأصوات في دول أوروبية عديدة لاتخاذ سياسات جديدة تجاه الحرب في أوكرانيا توقف إمداد النظام الأوكراني بالقدرة على استمرار الحرب وتشجيعه على المفاوضات مع روسيا ورفض السياسة الأمريكية إزاء الحرب في أوكرانيا التي تمنع مواصلة المفاوضات وتعمل على ضرب عرض الحائط بالمصالح الأوروبية، وتستمر في استنزاف الاقتصاد الأوروبي حتى آخر يورو.
tu.saqr@gmail.com
Views: 10