ولماذا لا نستبعد دورًا أمريكيًّا مُباشِرًا أو غير مُباشر فيها؟ وهل باتت عودته للحُكم وشيكةً؟
مُحاولة الاغتيال التي تعرّض لها اليوم (الخميس) السيّد عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني “المعزول” أثناء إلقائه خِطابًا في مدينة لاهور لم تَكُن مُفاجئةً للكثيرين بِما فيهم السيّد خان نفسه الذي توقّع أكثر من مرّةٍ مقتله، وقال في خِطابٍ جماهيريٍّ لأنصار حزبه “تحريك إنصاف” إنّه مُستَعِدٌّ للموتِ من أجل باكستان.
الذين أطاحوا به، وحُكومته، في نيسان (إبريل) الماضي عندما لفّقوا له اتّهامات، وفبركوا تصويتًا بسحب الثّقة عنه في البرلمان، وجاءوا بخصمه شهباز شريف شقيق الفاسِد الأكبر نوّاز شريف، هُم من أبرز المُتّهمين بالوقوف خلف مُحاولة الاغتِيال الفاشِلة هذه.
الولايات المتحدة الأمريكيّة التي تملك تاريخًا “عريقًا” في اغتيال زُعماء العالم الثالث الذين يُعارضون سياساتها لم تكن راضيةً عن السيّد خان، وأوقفت عنه ما يَقرُب من مِلياريّ دولار من المُساعدات السنويّة، والتّهمة عدم الزّج ببلاده في حرب أفغانستان، وقِتال حركة “الطالبان” التي ألحقت هزيمةً مُذلّةً بها (أيّ أمريكا) وأجبرتها على الانسِحاب بطَريقةٍ مُخزيةٍ انعكست في حالةٍ من الفوضى تابع العالم تفاصيلها المُرعبة على شاشات التّلفزة أحد أبرز فُصولها في مطار كابول.
لا نستبعد أن تكون هُناك علاقة مُباشرة أو غير مُباشرة، للولايات المتحدة وعُملائها في باكستان بمُحاولة الاغتيال هذه، للأسباب المذكورة آنفًا، ونُضيف عليها انضِمامه (السيّد عمران) إلى المُعَسكر الصّيني الرّوسي ومُساندته في الحرب الحاليّة في أوكرانيا، وإقامته علاقات قويّة مع جاره الإيراني، ورفضه التّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي.
ad
عمران خان يقود حاليًّا مسيرة احتجاجٍ ضخمةٍ انطلقت من إقليم البنجاب ضدّ الفساد، وللمُطالبة بانتخاباتٍ نيابيّةٍ مُبكّرة، وانضمّ إلى هذه المسيرة التي تُعتَبر الأضخم من نوعها في تاريخ باكستان مِئات الآلاف في كُلّ محطّةٍ من محطّاتها، ومِن المُتَوقّع أن تصل إلى العاصمة إسلام أباد محطّتها الأخيرة بعد بضعة أيّام.
الاغتيالات السياسيّة ليست جديدةً على الحياة السياسيّة الباكستانيّة، فقد شهدت البِلاد اغتِيالين رئيسيين الأوّل للجِنرال محمد ضياء الحق الذي جرى تفجير طائرته في الجو بسبب طُموحاته النوويّة، و”مُكافأةً” له على انقِلابه على حُكم السيّد ذو الفقار علي بوتو وإعدامه، والثّانية عام 2007 استهدفت ابنته بنازير بوتو بعد عودتها من المنفى وخوضها الانتِخابات على رأس “حزب الشّعب”.
باكستان تُواجه حاليًّا أزمةً اقتصاديّةً حادّة بسبب انتِشار الفساد، وعجْز الحُكومة، والفيضانات الهائلة التي ضربت ثُلث أراضيها، وكلّفت خزينة الدّولة أكثر من 30 مِليار دولار، الأمر الذي يَصُبُّ في مَصلحةِ المُعارضة التي يتَزعّمها السيّد عمران خان.
عمليّة الاغتيال التي نجا منها السيّد خان ستُعزّز شعبيّته الطّاغية، وستُلحِق ضررًا إضافيًّا بخُصومه، ورئيس الوزراء الإقطاعي الحالي شهباز شريف، تطبيقًا للمثَل الذي يقول “الضّربة التي لا تُميتك تُقويّك”.
عمران خان عائدٌ للسّلطة بدَعمٍ شعبيٍّ كبير، حسب إجماع غالبيّة الخُبراء، وبإرادة جماهيريّة عارمة، لتنظيف باكستان من الفساد، وإخراجها من التبعيّة الأمريكيّة، وتعزيز هُويّتها الوطنيّة، وتأسيس الحُكم الدّيمقراطي الشفّاف، والانضِمام إلى النظام العالميّ التعدّديّ الجديد الذي يتبلور على أنقاض النظام الحاليّ بزعامةِ أمريكا.
“رأي اليوم”
Views: 5