بوتيرة متزايدة، على الرغم من خلوّ سِجلِّها من أي مؤشرات على النجاح، ومن تعاظم الأدلّة أيضاً على تسبّبها بإلحاق أضرار هائلة بحق مواطني البلدان” المستهدَفة (دانيال لاريسون، المحرّر السابق في مجلة “ذي أميركان كونسيرفاتيف”، 16 أيلول/سبتمبر 2022).
الأستاذ الجامعي والصحافي المرموق، بيتر بينارت، أوجز عجز الدبلوماسية الأميركية عن فرضها سياسة العقوبات والمقاطعة على الخصوم، قائلاً إنه سلاح “يتغذّى على فكر أسطوري، فحواه اعتقاد واشنطن أن تلك الدول سترضخ لشروطها في نهاية المطاف مع استمرار معاقبتها، وانهيار نُظُمها” (خلال مشاركته في ندوة صحافية في واشنطن، 28 نيسان/أبريل 2021).
وعبّر الصحافي الأميركي الشهير، سيدني هاريس، عن رؤية مماثلة أشبه بالنبوءة لتداعيات سلاح العقوبات، قائلاً إن “التاريخ يُعيد نفسه، لكن في تمويه ماكر لناحية عدم إحساسنا بمدى تطابقه مع الواقع إلّا بعد حدوث الضرر” (كتاب بعنوان “إزالة الأنقاض”، سيدني هاريس، 1986).
تدرك النُّخب الفكرية الأميركية عقم سياسة العقوبات، إذ تلجأ الكيانات والدول المعنية إلى ابتكار طرائق بديلة للإتجار وآليات أخرى لجني مردودها المالي بعيداً عن سيطرة الدولار. ولا يفوتها التنديد بسياسة تُلحق الضرر بالشرائح الاجتماعية المستهدَفة والأشد احتياجاً إلى الرعاية، صحياً واجتماعياً.
العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة هي بمثابة “أعمال حربية موجَّهة، وتقتل” المدنيين (دانيال لاريسون، 16 أيلول/سبتمبر 2022).
القطب الصحافي المخضرم في الشؤون العربية، توماس ليبمان، أعاد تذكير المؤسسة الحاكمة بأن “العقوبات عادة ما تأتي بنتائج عكسية”.
وجاء في دراسة أكاديمية أجرتها جامعة أوكسفورد، لتصنيف وجمع الأدلة والبراهين على الأضرار البالغة التي تسببها، ونشرتها في دوريّتها “غلوبال ستاديز كوارترلي”، في 31 آذار/مارس 2022، أن الحكومة الأميركية “تستخدم سلاح العقوبات الاقتصادية أكثر من أي حكومة في العالم، وتضاعف الهوّة والبؤس بينها وبين المستهدَفين”.
الدراسة جاءت ضمن عنوان مثير: “هل حالة البؤس والعناء حقاً تُحبّ المرافقة؟ تحليل المعاناة العالمية التي تُسبّبها العقوبات الاقتصادية الأميركية”. واستطردت بالقول إن من نتائج العقوبات الأميركية أنها “تعمّق هوّة الشرخ بين الولايات المتحدة والدول المستهدَفة، وتُساهم في تعاظم الإجحاف واللامساواة على الصعيد العالمي”.
من بين الأضرار التي رصدتها الدراسة “تعاظم الشعور بعدم الأمان الغذائي، وتردّي الرعاية الصحية”، ويواكب ذلك خطابٌ سياسي غربي مُستهلَك، مفاده أن أميركا “تقف مع مطالب الشعب” الذي حرمته من مقومات الحياة اليومية، كما في العراق وسوريا وليبيا والصومال وإيران ولبنان. ونشهد حالياً استهدافاً محموماً لروسيا بالعقوبات، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، وصلت إلى السعي لفرض تسعيرة لمبيعات الطاقة الروسية، في سابقة تتناقض مع أسس اقتصاد السوق، والذي تتبجّح واشنطن بحرصها على ترويجه.
الميادين نت
Views: 8