عاد «الغزل التخريبي« بين المصارف والمودعين بعد فترة استراحة انصرف فيها الجانبان الى مراجعة ذاتية حول كيفية تحريك الجمود «القاتل« بالنسبة للودائع التي تراجع الاهتمام بها لدى السلطات السياسية والنقدية خصوصا مع اقتراب نهاية ولاية الحاكم رياض سلامة المتخبط بالدعاوى التي تظهر من هنا وهناك.
بالامس عادت جبهة المصارف والمودعين الى الاشتعال بعد هدنة غير معلنة حيث عمد المودعون الى اشعال الاطارات امام ابواب مصرفين في سن الفيل وتحطيم واجهاتهما وكادت ان تتطور الامور نحو الاسوأ لولا تدخل الجيش اللبناني واعادة الامور الى طبيعتها وسط تساؤل مصرفي منطقي عن موعد اعطاء الحلول لموضوع الودائع التي بشر فيها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اكثر من مرة خصوصا بالنسبة للودائع التي هي دون المئة الف دولار.
ولكن حتى هؤلاء المودعين قد يفقدون ودائعهم في ظل استمرار الدعاوى التي تقام في الخارج ضد مصارف لبنانية ويربح اصحابها وتتناقص الاموال على حساب صغار المودعين وتتساءل مصادر مصرفية عن الاسباب التي تؤخر انجاز الحلول المصرفية كمشروع قانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي يحكى عنه منذ سنوات او مشروع قانون الكابيتال كونترول الموضوع في ادراج المجلس النيابي بعد ان انهت اللجان المشتركة دراسته وحولته الى الهيئة العامة او معرفة كيفية معالجة الفجوة المالية في مصرف لبنان وانعكاسها على القطاع المصرفي والخسائر ومن يتحملها، كل هذه الامور تنتظر معرفة كيف معالجتها وهي بدورها تنتظر انتخاب رئيس جديد للجمهورية لان بعض النواب يعتبرون ان المجلس النيابي هو في دورات انتخابية وليس باستطاعته التشريع واصدار القوانين وبالتالي ما على القطاع المصرفي الا الانتظار كي يخرج الدخان السياسي مع العلم انه مرة واحدة تطرقت الحكومة ايام الرئيس حسان دياب الذي اعلن عن خطة للمصارف كادت ان تطيح بالقطاع لان الخطة حملت القطاع كل الخسائر واعلنت عن انشاء اربعة مصارف كبيرة لكن هذه الخطة ماتت قبل ان تولد لانها كانت غير عادلة حسب هذه المصادر المصرفية.
واليوم يسمع القطاع المصرفي والمودعون عن خطط ومشاريع قوانين للقطاع المصرفي احيانا تكون لمصلحته واحيانا يرفضها ولكنها لم تبصر النور لغاية الان علما ان صندوق النقد الدولي اعلن اكثر من مرة ضرورة تصفير الودائع وعفا الله عما مضى.
عمدت حكومة تصريف الاعمال برئاسة نجيب ميقاتي في ١٨ نيسان الماضي الى اصدار قرار يتعلق بالاجراءات الاستثنائية التي تعتمدها المصارف في ادارة السيولة النقدية وتنظيم السحوبات والتحويلات سواء منها المرتبطة بالاستنسابية في تحديد الحصص الشهرية المتاحة للسحب من الودائع وتلك التي يتم فرضها من قبل مرجعيات قضائية داخلية وخارجية بناء لدعاوى مقامة من قبل عملاء مقيمين وغير مقيمين وذلك من اجل عدم استنزاف قدرات ومخزون المصارف من عملات اجنبية فسارع مصرف لبنان الى تطبيق ذلك عبر التعميم ١٦٥ لكنه لم يصدر الالية لهذا التعميم حتى الان وجاء ذلك اثر اخفاق المجلس النيابي في اقرار مشروع الكابيتال كونترول فجاءت هذه الحكومة بهذا القرار الا انه لم يطبق لغاية الان دون معرفة الاسباب.
وهذه الالية قد تحمي المصارف من استنزاف الاموال المتبقية لكن القطاع لن يستكين طالما ان مصيره ما زال مجهولا.
في المقابل المودعون مصرون على التصعيد لانهم بالنتيجة يريدون ودائعهم التي يرونها تتبخر يوميا محملين المصارف فقدانها رغم المحاولات المتكررة من قبلهم لمعرفة الاتجاهات التي ستسلكها المصارف ومن ورائها الدولة اللبنانية حول مصير ودائعهم.
ويبقى الانتظار سيد الموقف وكل شيء في لبنان اصبح مرتبطا بانتخاب رئيس للجمهورية ويبدو انه ما زال بعيد المنال.
Views: 9