إسماعيل عبد الحي:
في الوقت الذي يتحدث
فيه الفريق المشرف على منشأة أبقار حمص عن سوء المواد العلفية وما تتسبب به
من قلة مردودية القطيع الحديث العهد ذي المنشأ الألماني، والأمراض الكثيرة
التي تصيبه، تصر الإدارة على أن كل شيء يسير على ما يرام، وأن العمل
الكبير يحتاج عدداً أكبر من المشرفين المتخصصين والأطباء البيطريين، وهو ما
تفتقده المنشأة منذ سنوات، وفي جولتين متتاليتين إلى المنشأة كان هناك
حديث عن خلاف مع شركة ألبان حمص التي لم تستطع استجرار الحليب من المنشأة
نتيجة إصرار المؤسسة العامة للمباقر على استجرار العروض وليس كما درجت
العادة خلال سنوات الأزمة الماضية (بالتراضي)، وعن بيعهم القطيع القديم ذي
المنشأ الهولندي والبيع المباشر بعد أن كان محصوراً باتحاد الفلاحين وغيرها
من المشكلات العالقة.
مدير منشأة حمص لتربية الأبقار (المختارية) إيلي خولي قال: في المنشأة
حالياً حوالي 600 رأس من الأبقار (قطيع نام وعجول رضيعة وكان العدد أكبر من
ذلك قبل حوالي الشهر تقريباً لأننا قمنا ببيع القطيع القديم، ومنذ العام
الماضي نقوم ببيع القطيع القديم، ولكن تعثر بيعه لكوننا كنا نبيع عن طريق
اتحاد الفلاحين، وتوقف البيع لاتحاد الفلاحين في شهر شباط 2019 لأسباب
مختلفة منها موضوع السيولة، والاتحاد كان يستجر الأبقار من المنشأة ويبيعها
نقداً أو بالتقسيط، واستجر ما قيمته95 مليون ليرة، وحتى تاريخه لم يسددوا،
ولذلك أوقفنا البيع في شباط الماضي وبدأنا البيع المباشر للمواطنين
وبالتسعيرة نفسها التي كنا نبيع فيها اتحاد الفلاحين، وعلى نحو عام يتم بيع
القطيع القديم وفق أسس ومعايير بالتنسيق بين إدارة المبقرة والإدارة
الخاصة في المؤسسة العامة للمباقر.
وأضاف: تم بيع أبقار من المنشأة في عام 2018 بما قيمته 23,6 مليون ليرة (15
بقرة و25 بكيرة حامل)، وهذا العام بعنا بقية القطيع النامي (عجلات من
مختلف الأعمار) من ثلاثة أشهر إلى 18 شهراً ما عدده 53 رأساً من القطيع
النامي وثلاث أبقار تربية وسبع بكاكير للتربية.
وعن طريقة التربية الخاصة بالأبقار (المغلقة ضمن الحظائر) طوال أيام السنة
قال خولي :هذا النظام مطبق منذ أكثر من خمسين عاماً، علماً أن المبقرة
لديها 1098 دونماً لزراعة المحاصيل العلفية يقدم منها أعلاف خضراء أثناء
موسم الربيع ويصنع جزء آخر كدريس وسيلاج لتغطية جزء من حاجة القطيع للأعلاف
المالئة، وتقوم المؤسسة بتغطية جزء كبير من حاجة القطيع من مشاريعها.
أعلاف مستوردة سيئة
عبد الكريم هاشم (مراقب بيطري) قال: إن الأدوية الموجودة في السوق سيئة
جداً، كما أن سوء إنتاجية الأبقار سببه سوء الأعلاف المستوردة، وعزا
الأمراض الكثيرة التي تصيب الأبقار إلى الأعلاف ومن تلك الأمراض انزياح
المنفحة التي تؤدي في بعض الأحيان إلى نفوق الأبقار مضيفاً: ولو أن مؤسسة
الأعلاف استوردت أعلافاً جيدة كما كان يحصل سابقاً لما وصلنا إلى الوضع
الذي نحن عليه، وكانت الكبسولات الجاهزة أفضل بكثير، وعلى سبيل المثال فإن
إنتاجية الأبقار الهولندية كانت تصل إلى ما يقارب 60 كيلوغراماً يومياً في
بعض الأحيان، وعن إنتاجية القطيع الألماني الجديد قال: إن إنتاجيته جيدة
نوعاً ما.
الطبيب البيطري عبد الله الجم قال:استقرت الحالة الصحية للقطيع وأصبح وضعه
أفضل، لأن الطقس تحسن كثيراً، وبالنسبة للإنتاج أصبح أيضاً أفضل، وعن تأثير
الروث المتراكم حول الأبقار بكثرة في صحة القطيع قال: إنه يؤثر حتماً، وفي
المنشأة يتم التجريف مرتين في اليوم، وهذا أفضل من الفترة الماضية إذ كان
التجريف مرة واحدة في اليوم.
تسويق الحليب
وعن إنتاج الحليب وكيفية تسويقه قال خولي: إن إنتاج المبقرة من الحليب
يتراوح بين 170 إلى 180 طناً شهرياً، وكان عقد توريده للشركة العامة
للألبان في عام 2018، أما في هذا العام فيتم بيعه وفق عقد لشركة خاصة في
حماة، وعن سبب عدم توريدها لألبان حمص لهذا العام قال: قمنا بالإعلان لهذا
العام أول مرة وثاني مرة، ومن بعدها تم استدراج عروض الأسعار، كما أننا لم
نتوصل لاتفاق مع معمل ألبان حمص، وكان السعر النهائي الذي دفعه المعمل 185
ليرة للكيلوغرام الواحد، وهذا الأمر موثق لدينا، بينما الشركة الخاصة دفعت
190 ليرة بزيادة خمس ليرات، وقد رجونا إدارة المعمل أن تشتريه بـ 190 ليرة
لكنهم رفضوا ذلك، وأشار إلى أن سعر الحليب في القطاع الخاص هو أقل من ذلك
بكثير وعزا ذلك إلى المواصفة وكذلك والنوعية التي تميل كفتها إلى الحليب
المنتج في منشأة أبقار المختارية، فالحليب في رأيه مبرد وهو أكثر نظافة
إضافة لخواصه الفيزيائية والكيميائية ،ونسبة الدسم والبروتين، والجوامد
اللادهنية التي تؤثر في عملية التصنيع ،إذ لا يمكن قبول أن يتم شراء حليب
بـ 150 ليرة ونسبة الدسم فيه 2,7 وبيع الحليب الذي تزيد نسبة الدسم فيه على
3,8 بسعر 150 ليرة أيضاً، وشركة حماة الخاصة تستجر ما قيمته 32 مليون ليرة
حليب شهرياً .
وعن تقارير التكاليف للعام الماضي قال خولي: إن النفقات والإيرادات لا تعكس
الربح والخسارة لأن هناك أموراً ثانية تتعلق بحركة القطيع وتطوره في بداية
العام ونهايته.
الخلاف على السعر
المهندس محمد حماد مدير شركة ألبان حمص ورداً على اتهام منشأة المباقر
بأنها رفضت شراء الحليب بسعر 190 ليرة وأعطتها للشركة الخاصة في حماة قال:
لقد قاموا بتسعير الحليب برقم خرافي قياساً لما هو موجود فعلاً في السوق،
واليوم يصلني الحليب إلى أرض الشركة من الفلاح مباشرة وعلى حسابه بـ 140
ليرة فبكم يجب علي شراؤه من المباقر؟، علماً أنني كنت أرسل الصهاريج وعلى
نفقة المعمل لإحضار الحليب من منشآت المباقر، وأجور النقل تكلف الشركة15
ليرة زيادة على سعر كيلو الحليب الواحد، فهل هذا مقبول؟
ورداً على نسبة الدسم الزائد الموجود في حليب المباقر قال حماد :هذا الكلام
غير صحيح، ووفقاً للتحاليل المخبرية التي نقوم بها يفترض أن يكون دسم
الحليب ثلاثة وخالياً من المياه والحموضة، وأي مخالفة يتم حسمها من المورد
وهو يدفع ثمنها، وعملياً، فإن المورد لا يقبض ثمن الكيلو أكثر من 130 ليرة،
وإن درجتي دسم لا يمكن أن يكون ثمنهما 50 ليرة، أي لا يمكن أن يكون السعر
هو ثلث ثمن الحليب، وحينما نقلنا له أن نسبة الدسم تؤثر في التصنيع أجاب
سأتحدث بشفافية مطلقة، فمشكلات التصنيع التي كانت تحدث معي في السنوات
الماضية كان سببها الحليب الذي أستجره من المباقر، فاللقاحات التي تعطى
للأبقار عندهم، والصادات الحيوية تجعل من حليب المباقر صعب التصنيع وخاصة
في خطي اللبن والجبنة، وهناك محاضر إتلاف كميات من الحليب تم استجرارها من
المباقر سابقاً.. وعن كمية الحليب الذي تم إتلافهh قال :إنها أطنان …،
وشركة ألبان حمص سبق لها أن أنقذت مؤسسة المباقر عشرات المرات ولولا
المعالجات التي كنا نقوم بها لكان الحليب المنتج لديهم معظمه تالف ،وبعض
الحليب الذي فيه صادات حيوية يحتاج معالجة لأن بادئ اللبن هو بكتيريا تموت
في الحليب المغلي والمعقم، وكذلك في الجبنة أنزيم المنفحة، وبرغم أنه لا
مشكلة فيه صحياً فإن المشكلة تصنيعية بحت، ويحتاج في المعمل عمليات تكثيف
وتدوير يومين حتى يزول تأثير الصاد الحيوي.
وعما حدث في الإعلان مرتين من قبل شركة المباقر ليرسو العقد على شركة خاصة
قال حماد: درجت العادة أن يكون حليب المباقر لشركة الألبان وخاصة خلال فترة
الأزمة، وحينما عادت عجلة الحياة لشركات القطاع الخاص بدأت المباقر
بالإعلان عن مزايدات علماً أننا قمنا بشراء حليب المباقر خلال فترة الأزمة
ووفقاً لأسعار السوق، وكانوا يأتون إلى هنا ونبرم العقود من دون أي مشكلات،
وفي بداية هذا العام تفاجأت بإرسالهم فاكساً لشركة الألبان من مبقرتي حمص
وجب رملة بأن نقدم عرضاً، وفهمت بعدها أن المسألة متفق عليها….، ولذلك قدمت
عرضاً وحيداً ولم يتقدم أي أحد، واتصل بي مدير مبقرة حمص يسألني عن العرض
الذي وضعته (وأنا مستعد لمواجهته في هذه النقطة) لأن المدير العام يسأل عن
السعر الموضوع من قبلنا فأجبته بأن الظرف مغلق وفي الإعلان الأول ممنوع فتح
الظرف من أي كان، وإذا تم فتحه فسوف أقدمه للجهات الرقابية فأرسلت من
جاءني به، الأمر الذي اضطرهم لإعادة الإعلان وقدمت سعراً أعلى من الموجود
في السوق بـ20 ليرة إضافة لأجور نقله ليقولوا لي إنه رخيص وهناك عرض أعلى
،وفي النهاية قدمت عرضاً بـ 185 ليرة، وأنا أشتري الحليب من السوق بـ140
ليرة، واتصل بي مدير مبقرة حمص بأننا سنوقع على الـ185 ليرة، وفي اليوم
الثاني ذهب سائق الصهريج إلى المبقرة وعاد ليقول لي إن المباقر وقعت مع
الشركة الخاصة وثبتت العقد معها على سعر 190 ليرة بفارق خمس ليرات من دون
أن يعلمنا أي أحد من مؤسسة المباقر أو يرسل كتاباً بذلك.
يقول حماد: إن كسر السعر بين عرضين وبفارق خمس ليرات هو أمر متفق عليه،
وشركة ألبان حمص لا تعمل بشكل اعتباطي، وأنا أعلم سلفاً ما سيكون عليه سوق
الحليب لهذا العام ،وقد رفعت السعر لأقصى حد لأنني أعلم أن اتفاقاً مع
الشركة الخاصة قد تم، وهذا ما حصل بالفعل، والمعطيات تقول إن الريف الشمالي
دخل الخدمة وإنتاج منطقة الحولة وحدها يقارب المئة طن حليب يومياً، وهذا
العام هو عام خير، وحليب الأغنام يمكن شراؤه بـ200ليرة، وأمام هذه المعطيات
أستغرب كيف للشركة الخاصة أن تقع في هذا الخطأ علما أن خسارتها اليومية من
فروقات سعر الحليب كبيرة جداً.
إيلي خولي -مدير منشأة أبقار حمص قال رداً على هذه المسألة: إن العقد الخاص
ببيع الحليب يخص منشأته ولا علاقة للمؤسسة بالعقد مع أي شركة، واقتصر
توجيهها على قبول السعر الذي يحقق ريعية اقتصادية للمنشأة، علماً أن شركة
ألبان حمص لم تسدد الديون المترتبة عليها لمنشأة الأبقار حتى الآن، وهذه
المبالغ تتجاوز الخمسين مليون ليرة عن عام2018 لأسباب نجهلها على الرغم من
مطالبتنا المتكررة بها.
البحث عن النوعية
غانم الراس -صاحب منشأة ألبان خاصة قال: كان سعر الحليب في تشرين الماضي
بحدود 190 ليرة، وحالياً الأسعار منخفضة لأسباب تتعلق بوفرة الحليب وكثرة
المراعي، وسبق لي أن استجررت الحليب من مؤسسة الأبقار في نهاية عام 2016
لأن نوعية الحليب جيدة، وبشكل عام، أبحث عن جودة الحليب لكي لا يتأثر
المنتج بعد طرحه في الأسواق، وسبق لنا أن أتلفنا منتجات لنا بعد طرحها في
السوق بأسابيع، وبقي حليب مؤسسة الأبقار خالياً من الغش، وقبل الأزمة كانت
لدينا مراكز تجميع في القرى لكننا لم نعد نستطيع الوصول إليها بعد الأزمة.
وعن غش الحليب قال الراس: إن البعض يضعون الماء الأوكسجيني بنسبة كبيرة
لتثبيط الميكروبات، وفي الصيف لا يأتينا الحليب كما نريد ،والبعض يضع الملح
في الحليب لرفع نسبة الكثافة، ونحن اتفقنا مع المؤسسة على نوعية ومواصفات
محددة للحليب، وهناك شروط بخصوص الدسم والكثافة ونسبة المياه الموجودة في
الحليب وكنت أتمنى لو أن الحليب سنوي، وبشكل عام، ما نستجره هذه الأيام لا
يعدّ ربع ما كنا نستجره قبل الأزمة.
الميزان التجاري
عن الميزان التجاري للمنشأة قال إيلي خولي: إنه لم ينته بعد، وإن تقرير
التكاليف الذي يشمل النفقات والإيرادات لا يعكس الربح والخسارة، وتحدث كيف
أن المنشأة لا يوجد فيها سوى سيارة واحدة للخدمة وللمدير في آن معاً،
مضيفاً: إن معاناتنا تتلخص في نقص المياه إذ لا توجد سوى بئر واحدة لا تكفي
لشرب القطيع الموجود في المنشأة ،وتعاقدنا في الآونة الأخيرة على حفر بئر
جديدة بعد معاناة ثمانية أشهر لحل مشكلة المياه.
نقص عدد العاملين
أضاف خولي: إن أكبر مشكلة تعترض عملنا هي الكادر البشري من عمال وفنيين،
وبعد توسع المبقرة وزيادة عدد القطيع فيها فإن قسماً كبيراً من الكوادر
التي كانت تعمل سابقاً تركت العمل في المنشأة لأسباب يتعلق بعضها بوصول عدد
منهم إلى سن التقاعد، ولم يأت أحد غيرهم، وهناك من ترك العمل بسبب الظروف
التي مرت فيها البلد ،ولعدم معرفة مصير بعضهم فقد أصبح بحكم المستقيل،
وهناك أسباب تتعلق بتدني أجور العاملين في المبقرة، وفي المنشأة حالياً 64
عاملاً، بين فنيين وإداريين وعمال من مختلف الاختصاصات، هم مجمل العاملين
في المبقرة، منهم 17 عاملاً عقودهم سنوية وينتهي عملهم في 30 حزيران
القادم، وكانت عقودهم لثلاثة أشهر فقط، ثم إن هناك صعوبة في مسألة إيجاد
عمال عاديين لديهم الرغبة في العمل في حظائر الأبقار، فطبيعة العمل والراتب
المعطى لا يشجعان على الإطلاق.
حوافز متدنية ومطالب عمالية
وقال عدد من العاملين إن طبيعة العمل التي لا تتجاوز 3% لا تتناسب مع الجهد
الذين يبذلونه، وطبابة إصابات العمل لا تغطي سوى جزء بسيط من الطبابة
الفعلية.
فراس الشما -رئيس اللجنة النقابية تحدث عن أهمية الحوافز في مثل هذه
المنشآت قائلاً: حتى نهاية العام الماضي بلغ سقف الحوافز 28 ألف ليرة
سنوياً وهناك جهود لتصبح 95 ألفاً، وطبيعة العمل قليلة، ولا تتناسب مع جهود
العاملين في المنشأة، والكتلة النقدية للباس العاملين جميعاً هي 240 ألف
ليرة، أما لباس الوقاية فهو لعمال الحلابة وقسم الصحة حصراً، وخلال الأزمة
كان لدينا 35 عاملاً موسمياً واظبوا على العمل طوال فترة الأزمة، تم تثبيت
عشرة فقط وتم إبرام عقود موسمية مع 18 منهم، وبقي ستة موسميين، ولدينا قرار
وزير بأن يكون العقد الموسمي ستة أشهر فقط في العام، وراسلنا الاتحاد
العام والنقابة ولم نجد حلاً لهؤلاء العمال الستة برغم حاجة المنشأة لهم.
Views: 13