- 3:11 م
- 2019-07-16
المجتمع السوري لديه ثقافة الطاقة المتجددة لكنه عرضة للأقاويل غير العلمية
يرى السيد محمد حسان عز الدين أن ثقافة الطاقة الشمسية منتشرة بشكل جيد في المجتمع السوري، ونادراً ما نصادف أحداً لم يرَ أو يسمع عن اللواقط الشمسية، لكن هذه الثقافة مشوهة نوعاً ما ويشوبها الكثير من اللغط. الكثير من الأحاديث التي يتم تناقلها معظم مصادرها غير موثوقة ولا علمية أساساً وهي أقاويل تبالغ بشكل كبير في فعالية الطاقة الشمسية أو تقلل جداً من أهميتها. وهذا يرجع الى أن المجتمع يريد من تقنية الطاقة الشمسية أن تكون بديلة كلياً عن مصادر الطاقة الأخرى. والحقيقة أن هذه التقنية توفر طاقة كهربائية وحرارية وهي طاقة مساعدة وليست بديلة تماماً.
ولقد حاولت مؤسسات الدولة جاهدة التشجيع على تركيب الطاقة الشمسية. وبالفعل بدأت قطاعات الدولة بمختلف قطاعاتها الاقتصادية والإدارية والسياحية والتربوية وغيرها بتوجيه ما يتبع لملاك كل قطاع بتشغيل ما يمكن تشغيله على الطاقة الشمسية، وكان لتلك التوجيهات الفضل بنشر مفهوم الطاقة المتجددة. لكن هذا لا يكفي…. فمؤسسات الدولة بحد ذاتها فقيرة بلواقط وسخانات الطاقة الشمسية. فلو اعتمدت مؤسسات الدولة الطاقة البديلة لما كان من الشركات والمؤسسات الخاصة إلا أن تحذو حذوها، وعندها ربما ستقوم الدولة بتشكيل هيئة حكومية ناظمة لمواصفات وتجهيزات الطاقة البديلة وجعل الطاقة الشمسية الكهروضوئية رافدة للشبكة العامة للكهرباء كما في بعض البلدان المتطورة.
التصنيع المحلي
بالنسبة لسخانات
المياه الشمسية يتم تصنيع العديد من أجزائها محلياً، ضمن مواصفات صحية عالمية
وممتازة، ولا ينقص سوى تصنيع الانابيب الزجاجية المفرغة. لكن هنالك العديد من
الملحقات الضرورية يتم استيرادها حتى الآن مثل المضخات المسرّعة والإكسسوار وأجهزة
التحكم الالكترونية المسؤولة عن أتمته سخان الطاقة الشمسية.
لكن بالنسبة للواقط الكهروضوئية يوجد معمل محلي واحد وهو يواجه الكثير من الصعوبات
لتغطية احتياجات السوق. وهذه الأنظمة تعتمد بشكل كلي على العواكس الكهربائية أو ما
يسمى بـ (Inverter) لكي يقوم بتحويل التيار المستمر الى متناوب
أحادي الطور أو ثلاثي الطور… وهذه العواكس لا تصنع محليا بل يتم استيرادها وهي
غالية الثمن بشكل كبير أحيانا، مع أنه يوجد العديد من الفنيين المتخصصين قادرين
على تطوير نظم مماثلة.
حالياً نحن نصنع أقل من 60% من كافة الاحتياجات. لكن التصنيع يأخذ منحى تصاعدياً
وفي طريقة الى ضم المزيد من خطوط الإنتاج في المدى المنظور. ولا شك بأن الإمكانيات
الفنية والبشرية تضررت بشكل واضح خلال الأزمة، مع ذلك لا يوجد قطاع واحد متوقف عن
العمل وذلك دليل على أن الإمكانيات الفنية والبشرية متوفرة وفي تصاعد. اما بالنسبة
لتصنيع الأجزاء المستوردة، فهي بحاجة إلى خطوط إنتاج ودعم مادي بالتوازي مع
الإمكانات البشرية والخبرات المحلية، وفي حال لم تتوفر الخبرات المحلية حينئذٍ
يمكن الاستعانة بخبرات من الدول الصديقة لتأهيل الخبرات المحلية بشكل جيد ووافي.
في الواقع فإن تركيب وصيانة مختلف أنواع ونظم السخانات الشمسية ومنظومات الطاقة الكهروضوئية المتوسطة والصغيرة، هو ليس بالأمر الصعب على أي فني كهرباء أو فني تمديدات صحية. لأن هذه الأنظمة مصنعة لكي تركب بسهولة. وليس خافٍ على أحد أنه من المهم دراسة الموقع وطريقة التركيب وحجم الجهاز المطلوب وهذا فعليا بحاجة الى خبير، وهؤلاء الخبراء موجودون للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، أما المشاريع الكبيرة والعملاقة فنادرا ما نصادف خبيرا مختصاً بها هذه الأيام، أو قد لا نصادف نهائياً. وبخصوص تأهيل كوادر جديدة فلازالت الطريقة التقليدية هي السائدة… أي يتم تدريب العمال الجدد على أيدي معلميهم ذوي الخبرة في هذا المجال ولا يوجد حتى الآن مراكز للتدريب على الطرق الحديثة والمتبعة عالميا لتركيب تلك التجهيزات.
وحول المشهد الحالي لواقع الطاقة يرى أنه في ظل ارتفاع سعر الكيلوواط المنزلي والتجاري وتقطع التيار الكهربائي وانعدامه في بعض المناطق، ازداد الطلب بشكل ملحوظ على كافة منظومات الطاقة الشمسية، أيضا غلاء سعر المحروقات كان له دور في زيادة الطلب… لكن المستهلك يفضل عودة التيار الكهربائي لسابق عهدة أو انخفاض سعر المحروقات وتوفرها على حيازة الطاقة البديلة نظرا لعدم محدودية تيار الدولة الأساسي بالتشغيل والاستهلاك. حالياً الطلب على سخانات الطاقة الشمسية كبير وفي ازدياد، ولو أعاقه عدم القدرة على الشراء، والعرض كبير ايضاً، لكن الطلب على ألواح الطاقة الكهروضوئية الآن في بداياته لكنه يزداد خاصة في مجال ري المشاريع الزراعية.
ويفرّق السيد عز الدين بين دور مؤسسات الدولة وبين المواطن عند الحديث عن استراتيجيات الطاقة البديلة، فكلمة استراتيجية تُفهم وكأنها مسؤولية الدولة، لا شك أن للدولة دور هام وفعال في مساعدة المواطن بشتى السبل لتسهيل شرائه لسخان شمسي أو ألواح كهروضوئية.. لكن الاستراتيجية الأهم هي استراتيجية المستهلك وليس الدولة. كيف؟؟ كل فرد في الأرياف الآن في ظل هذه الظروف الاقتصادية أن يبحث عن الاكتفاء الذاتي لأسرته وبيته قدر المستطاع وخاصة أصحاب الحدائق والمزارع عن طريق الزراعة المكثفة والري المقنن وبالتنقيط (والذي لا يحتاج الكثير من الطاقة بل يطبق معظمه بالسيولة) ولهذا بحثه الخاص. وأيضاً أن يحاول تقليل استهلاكه للكهرباء والمحروقات بشكل مدروس وخاصة في المدن وأن يصنف أولوياته بخصوص استهلاك الكهرباء. لان من أكبر العوائق أمام شراء منظومة الطاقة الشمسية الكهربائية هو أن البعض يريد تشغيل المكيفات والسخانات والبراد وغسالة الأوتوماتيك على الطاقة البديلة هذا عدا الانارة والأجهزة الأخرى… حتى وإن توفرت لدى الشخص الامكانية المادية لن تتوفر له المساحة الكافية للواقط كهروضوئية. لذلك لا بد من تحديد الأولويات والاستغناء قدر الإمكان عن الأجهزة ذات الاستهلاك العالي للكهرباء.
دور المصارف
القطاع المصرفي الآن مجال استثمار كبير في هذا المجال.. فالحلول والأفكار للطاقة البديلة لا تنتهي. والكل الآن بحاجة لطاقة بديلة عن الوقود الاحفوري. وقد استثمرت البنوك والمصارف العالمية في موضوع النفط والتنقيب عنه وتوزيعه استثمارا كاملا ولا يخفى على المصارف والبنوك الآن ما يمكن تقديمه… فهذه طاقة بديلة للطاقة التقليدية ويمكن الاستثمار بها كما كان الاستثمار في تلك من حيث دعم التصنيع والاستيراد والبيع والتقسيط والتسويق والكثير أيضاٍ على مستويات فردية أو مشاريع صغيرة أو مشاريع صناعية كبيرة أو عملاقة. أما المؤسسات المالية فهي لا تقل أهمية عن المصرفية من حيث تخفيض الضرائب على المصنعين والمستوردين وتثبيت سعر الصرف لكي يستقر السوق ككل.
ومهما توسع انتشار استخدام الطاقة الشمسية على المستوى الفردي أو الزراعي أو غيرها لن يحدث ذلك التأثير الكبير الإيجابي على استهلاك الكهرباء أو الوقود.. ان نسبة توفير الطاقة الكهربائية لن تتجاوز 20% على مستوى القطر كحد أقصى ولو تم تركيب الملاين من منظومات الطاقة الشمسية لأن الاعتماد الكلي مازال مرهونا بتوفر الطاقة الأساسية.. اما في حال عملت الدولة على انشاء مزارع للطاقة الحرارية (Power Plant) لتحويل المياه الى بخار بتقنية (Concentrated Solar Power) أوCSP يستفاد منه في توليد الطاقة الكهربائية، عندها يمكن القول أننا نوفر 80% من الاستهلاك الكلي لمحطات توليد الكهرباء الحرارية في البلاد وربما أكثر فبلادنا تعتبر من البلدان الغنية بالطاقة الشمسية
Views: 7