حصلت «الأخبار» على وثيقتين تحتويان تقييمات سعودية وأردنية لرئيس الوزراء البريطاني الجديد، بوريس جونسون، ومحضر اجتماع مع الأخير لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي. التقييم الدبلوماسي العربي لجونسون يعود إلى عام 2016،
لكنه يمتد على مرحلتي وجوده في منصب عمدة لندن ومن ثم وزارة الخارجية. وتحت عنوان «سرّي للغاية»، يقدم وزير الخارجية السعودي (آنذاك)، عادل الجبير، استنتاجات سلبية لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، من مواقف جونسون في اجتماع ضمّه إلى وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في مقر إقامة المندوب البريطاني الدائم في نيويورك. الاهتمام السعودي بجونسون يظهر مبكراً؛ كون اسمه يتردد منذ تلك الفترة كشخصية بارزة مثيرة للجدل ومرشح قوي لرئاسة الوزراء. في ذلك الاجتماع، المرفق محضره برسالة الجبير إلى ابن سلمان، يظهر جونسون فتوراً تجاه المواقف الخليجية من إيران، ويشكك في كون قضيتها هي المشكلة الرئيسية في الشرق الأوسط، مبدياً في الوقت نفسه إعجابه بالشعب الإيراني من خلال الأفلام الإيرانية التي يشاهدها.
وبدا الموقف السعودي متحسساً من مواقف جونسون تجاه سوريا، وهو ما يتضح بتفصيل أكبر في البرقية الأردنية، إذ إن رئيس الوزراء البريطاني الجديد مع بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، ومع التدخل الروسي في سوريا. وفي رسالة الجبير إلى ابن سلمان، يستشهد الأول بمعلومات أردنية مشابهة حول موقف جونسون من سوريا، من دون ذكر ما إذا كان نفسه تقييم السفير الأردني المذكور. بموازاة الاهتمام بالملف السوري، فإن جونسون وفق التقييم الوارد، لا يبدي اهتماماً بالصراع العربي الإسرائيلي، حيث «يكتفي بالاستماع» وفق برقية السفير الأردني لدى لندن، مازن كمال الحمود. وإذ يظهر بوضوح تقييم تفصيلي من السفير الأردني لحياة جونسون وشخصيته، بما فيها علاقاته العاطفية، يبدي الوزير السعودي نقمة مستترة عليه، ويصفه بالجهل بشكل غير مباشر بالقول: «لم يبدُ لنا أن السيد جونسون على معرفة بالأوضاع في الخليج العربي».
التقييم الأردني لشخصية بوريس جونسون ومواقفه
يعود هذا التقييم إلى ما قبل تولي جونسون وزارة الخارجية البريطانية، وهو مقتبس
من برقيات السفير الأردني في لندن مازن كمال الحمود حول لقاءاته مع جونسون عندما كان عمدة لندن في أبريل 2016:
– بوريس جونسون شخصية بريطانية رئيسية وبارزة، وهو ينافس رئيس الوزراء
البريطاني على منصبه، وهو على مسافة قريبة من ذلك المنصب، فيما لو كانت
نتيجة الاستفتاء على بقاء أو خروج بريطانيا من المجموعة الأوروبية لصالح
معسكر الخروج الذي يترأسه العمدة.
– العمدة يعبّر عن غضبه من مواقف حكومته ممّا سمّي الربيع العربي، ويرى أن
الربيع العربي لم يفلح في أي دولة من الدول، بل أدى إلى تدمير العديد منها.
– جونسون صرّح خلال أحد اللقاءات معه بأنه مع الرئيس السوري بشار الأسد،
لأن أي خيار آخر سيؤدي إلى الدمار النهائي لبلاده، معبّراً عن عدم اقتناعه
بقوة المعارضة السورية أو الجيش السوري الحر الذي ادّعى رئيس الوزراء
البريطاني أن هنالك 70 ألف مقاتل في صفوفه.
– جونسون يفصح عن دعمه لإجراءات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا،
ويعتقد أن تدخله العسكري ساعد في تحرير مناطق عديدة في سوريا من سيطرة
تنظيم داعش الإرهابي، فيما لم تجرؤ أي دولة غربية على إجراء أي عملية
مفيدة.
– يستغرب جونسون كيف أن الرئيس الأميركي أوباما يحثّ بريطانيا على البقاء
في الاتحاد الأوروبي لتحافظ على نفوذها، في وقت أن أميركا تفقد قيادتها
وزعامتها في العالم.
– أما بشأن القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط، فيكتفي
جونسون بالاستماع ولا يناقش الموضوع، ويركز على الأزمة السورية وتبعاتها
كونها القضية الأبرز في أوروبا، لأن تبعات اللجوء السوري تؤثر على أوروبا
والتصريحات الخاصة بالمعسكر المطالب بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
ليس هناك أدلة بأن جونسون خجول من علاقاته خارج الزواج!
– يعتبر بوريس جونسون من كبار المثقفين والمؤرخين البريطانيين، فهو
متخرّج في كلية ايتون، وهي الكلية التي تخرّج فيها رئيس الوزراء، كما درس
في جامعة أكسفورد، وهو المكان الذي بنيت فيه العلاقة مع رئيس الوزراء ديفيد
كاميرون ووزير الخارجية السابق وليام هيج، ووزير العدل الحالي مایکل جوف
وغيرهم من كبار رجال الحزب المحافظ. فخروجه هو والوزير جوف ضدّ توجهات
ديفيد كاميرون للبقاء في المجموعة الأوروبية يعتبر ضربة قاسية ليس فقط من
الناحية السياسية بل لصداقة جمعتهم لسنوات طويلة، ليضع نفسه في مقدمة
المنافسين على منصب الرئاسة.
– بالرغم من أنه متزوج، إلا أن علاقاته خارج الحياة الزوجية من المواضيع
التي تثار من حين إلى آخر في الصحف البريطانية، ولم تؤثر على مكانته
السياسية، وليس هناك أدلة على أنه يخجل بذلك؛ ففي دعوة عشاء خاصة (4 أشخاص
من ضمنهم السفير الأردني) بحضور أحد الوزراء البريطانيين، ذكرت مديرة أحد
المعاهد الفكرية أنه أثناء حضورها مأدبة عشاء عند Lord Mayor وجلوس بوريس
جونسون على مقربة منها، سألها على مسمع الحاضرين عمّا إذا كان قد أقام معها
علاقة حميمة سابقاً؟ عندما أكدت له أن ذلك لم يحصل، عاد وسألها عمّا إذا
كانت متأكدة من ذاكرتها.
– تصريحات العمدة لا تنفي أن هذه معتقداته الحقيقية، فمن المعروف أيضاً أنه
لا يُسِرُّ بآرائه ومعتقداته إلا لمجموعة صغيرة جداً، فأسلوب نقاشه
وتصريحاته، يأتي من منطلق البحث والنقاش الداخلي لبلورة وتبنّي آراء
ومواقف، فلا يستبعد أنه لو قابل آخرين لديهم توجّهات أخرى، كالقطريين أو
السعوديين، لكانت تصريحاته مختلفة مثلاً بشأن الرئيس السوري.
الاخبار اللبنانية
Views: 4