يعد التقويم السوري أول تقويم لايزال مستخدماً حتى الآن وهو يصادف في هذا العام 6769 وما يزال الآشوريون و السريان يؤرخون بهذا التقويم الذي يتقدم على التقويم الفرعوني (التوتية) بأكثر من 500 عام .
وكانت الاحتفالات بقدوم الربيع تبدأ في يوم الاعتدال الربيعي وتستمر حتى يوم أول نيسان يوم رأس السنة السورية وكان يسمى عيد “آكيتو” ويحتفل به جميع السوريين ويرتبط بنهاية موسم الأمطار وبدء الخصب ونمو الزرع والثمار .
وفي الاصطلاح اللغوي، يشير معنى ” آكيتو” إلى موعد بَذّرِ و حصاد الشعير، وتكشف لنا الشواهد الكتابية أن أول عيد للآكيتو في التاريخ بدأ على شكل عيدٍ للحصاد الزراعي، الذي كان يُنجز مرتين في السنة الواحدة، الأول في شهر (نيسانو) ويقع بين شهري آذار ونيسان ، ويقام لحصاد الغلة الزراعية، والثاني في (تشرينو) ، ويقع بين أيلول وتشرين الأول لحصاد الحنطة.
وكانت تتخلل الاحتفالات طقوس دينية وشعائر وتقدم خلالها قرابين ومواكب احتفالية كبيرة وإقامة ألعاب رياضية ( اول اولمبياد في التاريخ) ورقصات ويتقمص المشاركون فيها شخصيات بأقنعة تنكرية وتبلغ ذروة الاحتفالات بين الأول والحادي عشر من الشهر وفي منتصف هذه المدة كانت تقام الأفراح وتعقد طقوس احتفالات عقد زواج جماعي .
ومن المظاهر الاحتفالية التي ما يزال السريان يحتفظون بها في الأول من نيسان ما يقومون به منذ حلول ساعات الفجر الأولى بجلب حزمة من العشب الأخضر وتعليقها في أعلى مدخل الدار قبل نهوض الأطفال وتسمى ( دقنا نيسان ) وهي قبضة العشب الأخضر المعلقة فوق باب مدخل الدار وتعني ( لحية نيسان ) وحينها يخرج الناس إلى المروج الخضراء للاحتفال بقدوم نيسان الخير .
و عيد “الآكيتو” هو أقدم عيد مسجل في تاريخ الشرق ،وأقرب إشارة له هو في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد في مدينة أورو، كان الاكيتو يقام لإله القمر السومري (نانا)، و كان من المعتقد أن هذه المناسبة تحمل قداسة ممزوجة بجمال وهدوء الطبيعة، ما يجعلها أفضل فرصة لإقامة شعائر الزواج المقدس، حيث سرى الاعتقاد بارتباط هذا الحدث بالخصوبة أيضاً.
وقد تطور العيد من احتفال زراعي نصف سنوي إلى عيد وطني سنوي للسنة الجديدة، حيث يحدث هذا العيد في تلك الفترة من السنة التي يكون الليل والنهار في حالة توازنٍ تام مع بعضهما البعض، ويتم اعلان قدوم الاعتدال الربيعي بأول ظهور للقمر الجديد في الربيع وذلك في نهاية آذار أو بداية شهر نيسان وذلك وِفقاً لدورة القمر السنوية.
مع مرور الوقت أصبح “نانا” هو عراب الوقت. وتشير المصادر إلى أن الاحتفال بمهرجان الاعتدال الربيعي كانت كبيرة جداً، لدرجة أنها انتشرت في جميع أنحاء البلاد في تلك الحقبة، فلكل مدينة احتفالاتها المعتمدة وفقاً لشعائر الآلهة الرئيسية التي تعبدها.
هذا العام مع بداية شهر نيسان تكون السنة السورية قد بلغت عامها الـ 6769 وفق التقويم السوري الأقدم في التاريخ. و “شاتو بريختو عل كول ناشت امتن سوريا”..
Views: 3