حقق الديمقراطيون فوزا كبيرا في انتخابات محلية شهدتها ولايات أميركية في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، لا سيما بانتزاعهم منصب حاكم ولاية كنتاكي، التي تحسب تقليديا على الجمهوريين، وهو ما عد مؤشرا على مصاعب سيواجهها دونالد ترامب في سعيه للحفاظ على منصبه في انتخابات 2020 الرئاسية.
رغم ذلك، ورغم ضغوط كبيرة يتعرض لها من قبل الإعلام ومجلس النواب على خلفية ملفات “مثيرة للجدل”، إلا أن عدة مؤشرات تدعم احتمال فوز ترامب بانتخابات العام القادم، ليبقى في قيادة البيت الأبيض أربع سنوات أخرى، تستعرض “عربي21” أبرزها:
1. نموذج “موديز” الانتخابي
أظهرت نتائج النموذج الانتخابي لمؤسسة “موديز” المالية، منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فوز ترامب بـ289 من أصوات المجمع الانتخابي على الأقل، مقابل 249 صوتا لمنافسه الديمقراطي، الذي لم يحدد بعد، لا سيما في حال واصل الاقتصاد الأميركي أداءه القوي إلى حين توجه الناخبين إلى الصناديق.
وأفادت شبكة “سي أن بي سي” أن نموذج “موديز” كان دقيقا في جميع الانتخابات السابقة منذ عام 1980، باستثناء الانتخابات الأخيرة، عام 2016، حيث رجّح كفّة المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون.
يشار إلى أن ترامب حصل آنذاك على 304 من أصوات المجمع الانتخابي، مقابل 227 لكلينتون، رغم حصد الأخيرة عددا أكبر من أصوات الناخبين المباشرة، وبفارق يقارب ثلاثة ملايين صوت.
2. موقف الولايات “المتأرجحة”
ألقى تقرير حديث لمعهد “بروكينغز” البحثي الضوء على ميول الناخبين في الولايات التي يتوقع أن تلعب الدور الأبرز في تحديد هوية الرئيس المقبل، وتوصف أغلبها بـ”المتأرجحة” بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مع ميول بارز لتيارات مستقلة.
ولفت التقرير إلى أن تلك الولايات، التي لا يطغى فيها ميل واضح لأحد الحزبين على حساب الآخر، ترفض جميعها سعي الحزب الديمقراطي للإطاحة بترامب برلمانيا، وذلك بنسبة 52% مقابل 44%.
ورغم تأييد 48% من عموم الأميركيين لعزل ترامب، مقابل 44%، حسب أحدث استطلاعات الرأي، إلا أن “بروكينغز” اعتبرت أن حسابات النظام الانتخابي بالبلاد تمنح أهمية أكبر لموقف الناخبين في الولايات “غير الملونة”، وهي: أريزونا، فلوريدا، ميشيغان، كارولاينا الشمالية، بنسلفانيا، ويسكونسن.
3. “ثراء” حملة ترامب
خصص الرئيس الأميركي والحزب الجمهوري أكبر مبلغ لحملته الانتخابية في تاريخ الولايات المتحدة خلال هذه المرحلة من المسار الانتخابي، بحسب تقرير لمجلة “بوليتيكو”، وذلك بواقع 300 مليون دولار، ما يثير قلقا كبيرا لدى الديمقراطيين.
وأشار التقرير إلى أن حسابات ترامب والحزب البنكية المخصصة للحملة، وجد فيها نحو 158 مليون دولار (في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي)، وهو ضعف ما حظيت به حملة إعادة انتخابات سلفه باراك أوباما، في نفس النقطة من المسار الانتخابي، والتي تكللت بالنجاح عام 2012.
وعلى مستوى الحملات الشخصية، فإن بيانات نشرتها “بي بي سي” أظهرت أن ترامب كان لديه 83.2 مليون دولار مع نهاية الربع الثالث من 2019، أي أكثر من مجموع ما كان لدى المرشحين الديمقراطيين الثلاثة الأوائل، من حيث حجم مخصصات الإنفاق على الدعاية الانتخابية، في الفترة ذاتها، وهم بيرني ساندرز، وإيليزابيث وارن، وبيت بوديجيج.
4. “اللوبيات”
تحظى اللوبيات ومجموعات الضغط بتأثير كبير على المشهد السياسي في الولايات المتحدة، ويعد ترامب من أكثر رؤساء البلاد تعاونا مع كبريات الشركات والمؤسسات التي تحاول توجيه قرارات البيت الأبيض، بحسب عدة تقارير.
ومنتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كشف تقرير لموقع “بروبابليكا” الاستقصائي أن إدارة ترامب تضم 281 موظفا، هم أذرع ضغط لشركات ومؤسسات، يشكلون واحدا من كل 14 موظفا في البيت الأبيض.
وجراء ضغوط من القاعدة الشعبية الديمقراطية، التي باتت أكثر ميلا لليسار، فإن أغلب برامج المتنافسين على ترشحي الحزب لخوض انتخابات 2020 تتضمن وعودا صدامية مع أبرز اللوبيات في البلاد، لا سيما في ملفات التأمين الصحي وحمل السلاح والضرائب والصناعات الدفاعية والعلاقات الخارجية، وهو ما يمنح ترامب أفضلية “تلقائية”.
5. انقسامات الديمقراطيين
اعتبر تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، في تموز/ يوليو الماضي، أن الحزب الديمقراطي هو في الواقع “ثلاثة أحزاب”، لكل منها “دستور” خاص، وتفضيلات سياسية مختلفة.
ورغم اجتماع القاعدة الشعبية المتشرذمة للحزب على هدف إزاحة ترامب، إلا أن تسمية مرشح وبرنامج انتخابي يقنع جميع الديمقراطيين بالنزول إلى صناديق الاقتراع سيكون صعبا للغاية، بحسب التقرير.
ويشعر أقصى يسار القاعدة الشعبية الديمقراطية بخيبة أمل، إزاء تسريبات لرسائل إلكترونية، أظهرت “تآمرا” في أروقة الحزب ضد “ساندرز” لصالح “كلينتون”، خلال منافستهما على الترشح لانتخابات 2016 أمام الجمهوري ترامب.
ومع ظهور “إليزابيث وارن” كمرشح قوي جديد عن اليسار التقدمي في هذه الجولة، فإن هذا التكتل بات هو الآخر منقسما، ليتصدر المشهد “جو بايدن”، الذي يعبر عن الحالة التقليدية للحزب، وهو ما قد يدفع كثيرين في نهاية المطاف إلى الاستنكاف عن التصويت، لا سيما من أنصار ساندرز، الأكثر تطرفا.
وكانت “عربي21” قد نشرت مؤخرا تقريرا يستعرض المرشحين عن الحزب الديمقراطي لمنافسة ترامب، وحظوظ كل منهم، وأظهر تصدر بايدن، تتبعه وارن، ثم ساندرز، من بين 17 مرشحا.
وتشهد هذه الانتخابات مشاركة أكبر عدد من المتنافسين على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، في تاريخ البلاد، إذ بلغ مجموعهم 26 شخصا، انسحب تسعة منهم، وسط توقعات بالتحاق آخرين، أبرزهم الملياردير وعمدة نيويورك السابق، مايكل بلومبرغ.
Views: 2