ان يوم الاستقلال مر من دون أي تحرك يذكر على صعيد الاتصالات والمساعي المتصلة بالاستحقاق الحكومي. فلم يكفِ إلغاء العرض العسكري المركزي في جادة شفيق الوزان والاستعاضة عنه بعرض رمزي مختصر في اليرزة، إذ بدا الجفاء واضحاً على وجوه الرؤساء الثلاثة العماد ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري ولا سيما بين عون والحريري الأمر الذي استتبع وبعد العرض الرمزي الخاطف الذي لم يستغرق سوى نصف ساعة بانصراف كل من الرؤساء بسرعة وعدم انعقاد أي خلوة بينهم وفق ما كان توقعه بعض الأوساط. جرى ذلك فيما كان الممثل الشخصي للامين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش يطلق موقفاً بالغ الأهمية برسم المسؤولين اللبنانيين وكأنه إنذار مبكّر ، إذ تحدث عن اجتماعات رفيعة المستوى في واشنطن مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وأشار إلى مخاوف خطيرة حول التسارع المتزايد للأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان وإلى قصور في إدارة سليمة للأزمة. وتحدث عن الحاجة الملحة لتأليف حكومة تحظى بصدقية لدى الشعب اللبناني وتكون مدعومة من أوسع مروحة من القوى السياسية وتستطيع تنفيذ إصلاحيات عميقة راهناً.
وذكرت مصادر مسؤولة أن الأسبوع المقبل هو أسبوع الحسم على صعيد التكليف والتأليف، استناداً غلى اكثر من معطى داخلي وخارجي.
داخلياً، لم يعد بالإمكان ترك البلد من دون حكومة لاسيما بعدما تفاقمت تداعيات الأزمة وتدهور الوضع الاقتصادي، وأصاب الجمود كل المؤسسات وصولاً إلى مجلس النواب. كما أن تشكيل حكومة من شأنه أن يخرج الحراك من الشارع ويريح البلد على كل المستويات.
وعلى الصعيد الخارجي، تشير المصادر إلى أن كل الدول تجتمع على استقرار لبنان وإنقاذ وضعه، وتطالب اللبنانيين بالإسراع في تشكيل الحكومة، من الاجتماع الثلاثي الأميركي- البريطاني- الفرنسي، إلى الروس وغيرهم، من دون أن يتدخلوا بشكل الحكومة الذي يعتبرونه شأناً داخلياً.
ووفق المصادر فإن اجتماعاً رئاسياً ثلاثياً كان يفترض أن ينعقد عقب العرض العسكري، إلا أن ملامح الرئيس الحريري كانت واضحة برفضه الكلام خارج حكومة التكنوقراط التي يصرّ عليها، فيما رئيس الجمهورية ورئيس المجلس ومعهما الحلفاء يتمسكون بحكومة تكنوسياسية تحوز ثقة المجلس والشارع والخارج، من خلال تمثيل عدد من السياسييين وعدد من أصحاب الاختصاص إضافة إلى عدد يمثل المجتمع المدني.
ووفق هذه المصادر، إن البحث بدأ بأسماء بديلة عن الحريري، من دون أن يعني ذلك أن الحكومة ستكون من لون واحد، إذ إن هناك أسماء حيادية أو مستقلة مطروحة لرئاسة الحكومة وتتمتع بالثقة ويمكنها أن تساعد بإنقاذ الوضع.
الى ذلك، أوضح بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية حقيقة الموقف الروسي من حكومة التكنوقراط، والذي كان أعلنه وزير الخارجية سيرغي لافروف. وعلم أن البيان صدر عقب اللقاء الذي عقده مستشار رئيس الحكومة للشؤون الروسية جورج شعبان مع الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف وهو جاء ليؤكد أن روسيا تعتبر أن شكل الحكومة شأن داخلي وأنها لا تتدخل في ما يعود إلى اللبنانيين أن يقرروه بالتوافق في ما بينهم.
وتقول مصادر مطلعة على هذه المباحثات، أن الجانب الروسي مهتم بالاستقرار في لبنان ويعتبر أن اهتزاز الساحة اللبنانية قد يكون له تداعيات على كل ساحات المنطقة، وهذا ما يتم العمل على تجنبه. وتؤكد المصادر أن الجانب الروسي يفصل بين تعاطيه في كل من سوريا ولبنان، ويشدد على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة لاستعادة الاستقرار. ووفق هذه المصادر أن الجانب الروسي يعتبر أن رئاسة الحريري للحكومة المقبلة تشكل عاملاً جوهرياً في استعادة الاستقرار وفِي إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي.
Views: 8