هذه العناوين وغيرها حول واقع الكهرباء كانت محور الحديث مع مدير تنظيم قطاع الكهرباء والاستثمار في وزارة الكهرباء الدكتور بسام الدرويش الذي قال: صبيحة كل يوم تتحمل الحكومة نحو 3 مليارات ليرة تكلفة وقود لتشغيل محطات التوليد لإنتاج الكهرباء، ونسبة زيادة الأحمال على المنظومة الكهربائية تفوق 50%، لذلك تضطر الوزارة قسرياً لإجراء برنامج التقنين، وكميات الوقود المتاحة حالياً ما زالت أقل من الأرقام التي كانت قبل الحرب لسببين: أولهما محدودية الوقود المتاح، والسبب الثاني أنه خلال بداية الشتاء الحالي ارتفعت الأحمال والحاجة إلى الكهرباء، مثلاً ارتفع الطلب من 3200 ميغا واط إلى 4600 ميغا واط حالياً.
منذ بداية الحرب تعرض قطاع الكهرباء إلى اعتداءات على البنى التحتية وأيضاً اعتداءات على قطاع الطاقة (النفط والغاز) والخطوط التي تزود محطات التوليد بالغاز، كل ذلك كان له تأثير كبير في قطاع الكهرباء وأدت هذه الاعتداءات إلى خروج العديد من منشآت النفط والغاز التي هي المورد الأساس لقطاع الكهرباء، كما تناقصت كميات الوقود المتاحة لإنتاج الكهرباء اللازمة، مشيراً إلى أنه وبرغم ذلك فقد تحسن وضع الكهرباء نسبياً مقارنة مع السنوات السابقة.
تكلفة عالية
وأكد الدرويش أنه صبيحة كل يوم تتحمل الحكومة نحو 3 مليارات ليرة تكلفة وقود لتشغيل محطات التوليد لإنتاج الكهرباء، أي إنه على مدار السنة نجد أن احتياجات الوقود لتأمين الكهرباء تتجاوز الألف مليار ليرة سنوياً، وهي أعباء ضخمة ما زالت الحكومة تتحملها، ولكن كوننا ما زلنا نعيش ظروف الحرب فهذا بالتأكيد يحتم علينا تطبيق برامج التقنين نتيجة عدم كفاية المتاح.
وفيما يتعلق بجهوزية المنظومة الكهربائية يقول بذلت الوزارة جهوداً كبيرة للمحافظة على جاهزية محطات التوليد وإعادة تأهيل المتضرر منها، وأيضاً متابعة تنفيذ المشاريع الجديدة.. لا شك في أن كميات الوقود ما زالت غير كافية، إذ يوجد حالياً في المنظومة الكهربائية نحو 1500- 2000 ميغا واط، ولكن بسبب محدودية الوقود تضطر الوزارة للجوء إلى التقنين الذي هو لجم الطلب مؤقتاً.
واحد في كل المحافظات
وعن مزاجية التقنين بيّن محافظة وأخرى أو منطقة وأخرى أكد الدرويش أن التقنين واحد في كل المحافظات ما عدا المنشآت الضرورية لاستمرار عملها مثل محطات ضخ المياه والأفران والمنشآت الحكومية والصحية منها أيضاً التي تتطلب طبيعة عملها توافر الكهرباء بشكل كامل لذلك نراعي خصوصية تزويد تلك المنشآت بالكهرباء.
وأوضح أن برنامج التقنين دائماً يتغير وفق الطلب والمتاح، إذ يبقى البرنامج متناسباً مع الطلب على الكهرباء، فالتقنين هو إجراء مؤقت يتلازم مع زيادة الطلب على الكهرباء ومع زوال السبب يلغى التقنين أي إنه يتناسب مع كميات الوقود المتاحة للمنظومة الكهربائية.
وأوضح أن استراتيجية وزارة الكهرباء تنصب على إعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة من محطات توليد ومن شبكات نقل وتوزيع الكهرباء، لافتاً إلى أن عمال الكهرباء كانوا رديفاً للجيش بعد تحرير أي منطقة، ويقومون بإعادة تأهيل شبكات النقل الكهربائية في تلك المناطق، وتحسين سبل العيش للمواطن ويشكل تزويد الكهرباء فيها الإجراء الأساس.
مشاريع جديدة
وعن خطة الوزارة ذكر الدرويش أنه من ضمن الخطط الاستراتيجية متابعة تنفيذ المشاريع المباشر فيها، وإنشاء محطات توليد جديدة لذلك لاحظنا خلال سنوات الحرب دخول مشاريع توليد إلى الخدمة مثل محطة توليد دير علي رقم «2» بقيمة 750 مليون دولار، إضافة إلى محطات التوليد والتوسعات في محطات توليد تشرين وفي جندر، وتم توقيع عقد لإنشاء محطات توليد وباشرت الشركة العامة أيضاً في موقع باللاذقية، وأيضاً إنجاز المشاريع المباشر فيها والتعاقد على مشاريع جديدة لتلبية الطلب على الكهرباء في المستقبل، لافتاً إلى أن محطة التوليد التي يتم التعاقد معها حالياً سوف تدخل الخدمة بعد 2 أو3 سنوات، كما إنها ستساهم في تلبية الطلب على الكهرباء في حينها.
وأضاف الدرويش أنه عند العمل على الحلول الاستراتيجية يتم الأخذ في الحسبان إجراء موازنة بين موارد الطاقة المتاحة، والطلب على الطاقة الأولية المطلوبة وهناك لا بد من توافر البدائل، فكيف يستطيع قطاع الكهرباء أن يسد الفجوة بين مصادر الطاقة الأولية الموجودة والمتاحة؟ لهذا السبب يتم وضع خيارات من ضمنها استراتيجية الطاقات المتجددة التي تتضمن إنجاز العديد من المشاريع للطاقات المتجددة باستطاعة نحو 1500 ميغا واط شمسي، إضافة إلى نحو 900ميغاواط من السرعة الريحية وإجراءات رفع كفاءة استخدام الطاقة وترشيد استخدام الكهرباء، هذه الاجراءات تجعلنا نصل إلى توازن بين الحاجة والمتاح للكهرباء.
فاقد فني وتجاري
أما فيما يتعلق بالفاقد أو الهدر يقول الدرويش إنه في ظروف الحرب هناك جزء من الكهرباء يذهب كفاقد، والفاقد بالشبكة الكهربائية له شقان الأول فاقد فني والثاني فاقد تجاري، الفاقد الفني هو الفاقد الناتج من مرور التيار والتجهيزات الكهربائية، والذي بالتأكيد يمكن تحسينه وتخفيف نسبته عن طريق إجراءات توسيع استطاعة مكونات الشبكة وتحسين ظروف عملها، وهذا عمل مستمر دائماً ويحتاج استثمارات لتخفيضه، أما الفاقد الذي يهمنا بشكل كبير فهو الاستجرار غير المشروع الذي يزيد العبء على الحكومة بتأمين الكهرباء لذلك التركيز هنا على كيفية تخفيض كميات الاستجرار غير المشروع وذلك من خلال (قانون مكافحة الاستجرار غير المشروع) الذي صدر في عام 2016 ويتضمن عدة اجراءات لضبط الاستجرار غير المشروع.
وأكد الدرويش أن عدد الضبوط التي تم تنظيمها في عام 2019 وصل إلى نحو 30 ألف ضبط استجرار غير مشروع في كل سورية وهذه المخالفات تشمل مختلف شرائح المستهلكين، فجزء منها يعود لمنشآت صناعية وتجارية وسياحية ومخارج خاصة، لافتاً إلى توجه وزارة الكهرباء ضمن استراتيجيتها لقراءة العدادات الذكية التي تحد من الاستجرار غير المشروع.
وذكر الدرويش أن تضحيات كبيرة بذلها عمال الكهرباء فهناك نحو 500 شهيد إضافة إلى المصابين والجرحى لذلك نقول إن قطاع الكهرباء هو رديف للجيش يدخل للمناطق الصعبة ويتعرض عماله للأخطار ذاتها التي يتعرض لها أفراد الجيش العربي السوري عندما يقومون بأعمالهم في أحلك الظروف الجوية والأمنية بهدف تأمين الكهرباء لتلك المناطق.
استراتيجية 2030
يقول بسام الدوريش: منذ بداية الحرب ركزت المجموعات الإرهابية المسلحة على تدمير البنى التحتية لقطاع الطاقة بمختلف مكوناته ومن ضمنها المنظومة الكهربائية، وقد وضعت وزارة الكهرباء رؤية عمل وخطة استراتيجية يتم تنفيذها على مراحل متوافقة مع الخطة الحكومية المتكاملة لإعادة الإعمار، ومواجهة الحصار الاقتصادي والعقوبات القسرية أحادية الجانب، ويتركز الهدف الأساس لاستراتيجية وزارة الكهرباء على استعادة جاهزية المنظومة الكهربائية ووثوقيتها إلى ما كانت عليه قبل الحرب الإرهابية وإعادة التغذية الكهربائية لكل شبر يحرره أبطال الجيش العربي السوري، إضافة إلى تطوير المنظومة الكهربائية وزيادة الاستطاعة المركبة وتوسيع شبكات النقل والتوزيع لتلبية الطلب الكهربائي لمختلف القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والسياحية.
وعن أهم المحاور الرئيسة لاستراتيجية وزارة الكهرباء بيّن الدرويش أن خطتهم خلال المرحلة القادمة تقوم على:
1-تأهيل محطات التوليد التي تعرضت للتخريب من قبل المجموعات الإرهابية
2-استكمال مشاريع محطات التوليد التقليدية المباشر فيها لرفد المنظومة الكهربائية باستطاعة مضافة ( 1700) م.واط لنهاية عام2022 بتكلفة إجمالية نحو / 1.4/ مليار دولار.
3-تنفيذ مشاريع محطات توليد جديدة تقليدية لتلبية الطلب على الكهرباء باستطاعة إجمالية نحو (3500) م.واط خلال الفترة ( 2023- 2030).
4-تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة ضمن استراتيجية وزارة الكهرباء لعام 2030 بحيث تكون نسبة مساهمة الطاقات المتجددة لا تقل عن 5% من إجمالي الطاقة الأولية لعام 2030.
5-إعادة تأهيل شبكات النقل والتوزيع في المناطق المحررة وإعادة ربط السدود وجميع المحافظات مع الشبكة الكهربائية الرئيسة، وتنفيذ مشاريع محطات تحويل وخطوط توتر عالٍ جديدة لتصريف الطاقة الكهربائية المولدة ورفع وثوقية الشبكة واستقرارها في مختلف المحافظات والتخفيف من حالات التقنين القسري من خلال
أ-إنهاء ربط السدود المائية مع الشبكة الكهربائية الرئيسة خلال عام 2020
ب-استكمال تأهيل كامل خطوط التوتر العالي التي تربط المنطقة الجنوبية بالمنطقة الوسطى.
ج – استكمال تأهيل محطات التحويل المتضررة مع الخطوط المغذية لها وتم في المرحلة الأولى تنفيذ تأهيل إسعافي لإعادة التغذية الكهربائية للمناطق المحررة،
د- متابعة إعادة التغذية الكهربائية للمناطق المحررة وتنفيذ مشاريع زيادة الوثوقية وتحسين كميات ومؤشرات الطاقة الكهربائية في المحافظات:
حلب: استكمال المرحلة الثالثة من خط 400 ك.ف حماه2 – حلب ف 157 كم والتي تحتاج إزالة الألغام التي زرعتها المجموعات الإرهابية على كامل مسار الجزء الواقع شرق محافظة إدلب بطول 30 كم للمرحلة الثالثة.
– تخفيض الفاقد في شبكة التوزيع وتحسين خدمات الفوترة والجباية من خلال:
مشروع العدادات الذكية AMI في شبكة التوزيع للقراءة والتحكم بكل نقاط العد من خلية الوصول إلى المشترك، وتوجد مسودة اتفاقية مع مركز الدراسات والبحوث العلمية لتوطين صناعة العدادات الذكية AMI مشروع الدفع الإلكتروني من خلال ربط شركات الكهرباء مع الشركة السورية للمدفوعات لتحسين الجباية وإمكانية دفع قيمة فاتورة الكهرباء من أي محافظة وبعدة طرق:
(الهاتف الجوال، الصرافات، موقع إنترنت وغيرها) وقد تم إرساء العقد على أحد المستثمرين بقيمة تقديرية /22/ مليون ليرة وأمر المباشرة خلال عشرة أيام من تاريخه.
8- تأمين التجهيزات والمواد للشبكة الكهربائية لإعادة تأهيل محطات التوليد ومحطات التحويل وشبكات النقل والتوزيع للتغلب على الحصار الاقتصادي والعقوبات القسرية أحادية الجانب من خلال شراء التجهيزات التي يتم تصنيعها محلياً من قبل القطاعين العام والخاص، من السوق المحلية ومن خلال عقود توريد المواد والتجهيزات والمبرمة مع الدول الصديقة.
9- تأهيل الكوادر والعاملين وإجراء دورات مستمرة في وزارة الكهرباء بالاستفادة من الخبرات الوطنية بهدف تنمية القدرات والاستغناء عن الخبرات الأجنبية.
Views: 1