إليك…
بأعصاب الجبال، وبكبرياء الجبال، وبصلابة الجبال. كل عربي مدين لك. لولاك، بالشعب الرائع، وبالجيش الرائع، لكانت المنطقة، بقضها وقضيضها، بين أشداق البرابرة.
الآتون من أقاصي جهنم عادوا، ويعودون، إلى أقاصي جهنم.
حين يكون بنيامين نتنياهو ضدك، وحين يكون رجب طيب أردوغان ضدك، وحين يكون دونالد ترامب ضدك، ومعه كل بقايا القرن التاسع عشر، كيف لنا ألا نرفع الأيدي، ألا نرفع دقات القلب، إلى الأعالي، لنقول لك أنت القائد، وأنت الأخ، وأنت الصديق، وأنت الابن للتراب المقدس الذي عمره عمر الدهر؟
كصحفي، تابعت عن كثب ما يقال داخل هذا البلاط، وذاك البلاط «ومن كل القياسات». بالاسم نعرفهم، واحداً واحداً، الذين كانوا يعدّون العدة للمهرجانات احتفاء بسقوط سورية. لم تسقط. ظلت على بهائها، وعلى عنفوانها، على الرغم من الليالي الليلاء، ومن كل العذابات، وبالرغم من كل الحصار.
ما حدث يتعدى اللامعقول. تلك الأرمادا السياسية، والدبلوماسية، والعسكرية، والإعلامية، لم تتمكن من أن تهز أعصابك لأنك ابن حافظ الأسد، الرجل الكبير، والرجل التاريخي، ولأنك تغتسل بتراب سورية، وبهواء سورية، وبتاريخ سورية، لكأنه تاريخ… التاريخ!
نستذكر صدمة إليوت أبرامز. سأل إذا ما كان الآن رينيه الذي أخرج فيلم «هيروشيما حبيبتي»، جاهزاً لإخراج «دمشق حبيبتي». هو الشغف بالنص التوراتي إياه. أنت كسرت النص، وكسرت من استشهد بالنص.
هم الركام. الذين يلعبون في الزوايا، كما الجرذان البشرية، وأنت الذي تعلم أين نقطة «ونقاط» التقاطع بين أنقرة وتل أبيب. الآن، صرخة اليائس في قعر الزجاجة.
ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية لاحظ «كما لو أنهم يقاتلون طواحين الهواء». لعله استعاد ما قاله الجنرال نورستاد إبان الحرب في فيتنام «لم يكن لدي أي شك في أن قاذفات الـ«بي 52» كانت تقاتل الهواء. مثلما حصل على ضفاف الميكونغ حدث على ضفاف بردى. القتال ضد الهواء.
لنعد إلى تقارير معهد استوكهولم للدراسات الإستراتيجية. تماماً مثلما قال الرئيس الأسد. حرب كونية على سورية. أحد الباحثين في المعهد تحدث بذهول كيف أن كل تلك الفصائل، وكل تلك المليارات، وكل تلك الأسلحة، وأن كل تلك السيناريوات لم تتمكن من أن تؤثر في عزيمة الرئيس الأسد. بالحرف الواحد قال «علينا أن نبحث عن أسباب المعجزة»!
الذين لعبوا بالطائفية أو بالمذهبية. الذين لم يتوقفوا عن تسويق الحرائق، أقرّوا، أخيراً، بالنواة الصلبة للجيش العربي السوري الذي انتماؤه الوجداني، وانتماؤه العقائدي، وانتماؤه الإستراتيجي، لسورية. ألا يجسد الرئيس بشار الأسد العنفوان السوري، التاريخ السوري؟
أولئك الذين لا يعلمون أن التراب السوري يستضيف خالد بن الوليد، وصلاح الدين الأيوبي، ويوسف العظمة، وجول جمّـــال، وغيرهم وغيرهم. كيف لهذا التراب أن ينحني أمام الأقدام الهمجية؟
كلبناني أقول، لولاك لسقط لبنان. السيناريو الذي وضعه القناصل، وظلال القناصل، كان يلحظ عودة إسرائيل إلى نهر الأولي، على أن تكون طرابلس محظية عثمانية. لمن تكون بيروت، ولمن تكون المناطق الأخرى، فيما لو قيّـــض للسيناريو أن يشق طريقه إلى التنفيذ؟
تفكيك «وتفتيت» خريطة سورية. تفكيك «وتفتيت» خريطة لبنان، كمدخل لتفكيك «وتفتيت» سائر خرائط المنطقة. نعلم ما يقوله الناس، وما تقوله النخبة، في الدول العربية حول الرئيس بشار الأسد. لا مجال لرفع الصوت لأن العصا وراء الباب.
إليك، أيها السيد الرئيس، دقات القلب، دقات قلب الجبال. لا أحد في التاريخ واجه ما واجهته، وما واجهته سورية. كيف لا تنحني لك الجبال؟ كيف لا يزغرد لك التراب؟.
الوطن
Views: 3