كل منا بحاجة إلى من يسمعه و يصغي إليه ويحاوره .. من يبثه أشجانه .. يكلمه عن مشاكله .. يبحث مع الآخرين عن مشاغله و ما يؤرقه .. الكلام أصلا يحتاج إلى أكثر من شخص حتى تتحقق وظيفته ..
و تختلف الحاجة إلى الحوار بين إنسان و آخر.. لكننا دائما بحاجة إلى من نحاوره و نتكلم معه و الأبناء هم الأكثر حاجة للحوار و للإصغاء ..
إن مفهوم الإصغاء واحد من أهم مفاهيم علم النفس و قد يكون الأهم من أي مفهوم آخر للاتصال بين الكائنات البشرية .. إن الحوار هو وسيلة التواصل الأساسية بين الجنس البشري اجمع … ولقد حول حوار الحضارات العالم الى قرية صغيره وأثر في العلاقات السليمة بين الناس ولا يخفى الأثر القوي للحوار على الأسرة والمجتمع ،فهو وسيلة التواصل داخل الأسرة يساعد على تنميتها وترابطها وتقويتها كما يؤثر على نفسية الأبناء وطريقة تربيتهم ، وللحوار أثر أخلاقي واجتماعي فهو يحافظ على كيان الأسرة وقوامها .
يؤكد علماء النفس على اتباع الأسس السليمة في بناء الحوار الناجح وقوامه احترام وتبادل الآراء ثم البدء بتدريب أنفسهم ثم التقرب إلى الأبناء وإيجاد سبل التواصل للوصول إلى حوار راقٍ بناء بين جميع أفراد الأسرة بالإضافة إلى تخصيص وقت لمساعدتهم في حل المشكلات والصعوبات المختلفة التي تواجههم .
وأجريت التجارب والأبحاث لتبيان أهمية الحوار من قبل علماء النفس فاستفاضوا في شرح الفوائد العظيمة للحوار والإصغاء والنقاش منها دعم النمو النفسي حيث يعمل الحوار البناء على تقوية التطور النفسي لهم ويساعدهم على التعبير عن مشاعرهم الدفينة كما أن الحوار يخلق الجو الأسري الصحي فترى الأسرة يكتنفها جو من الود والسلام الأسري ما يعزز تكوين شخصيات قوية وإيجابية تنفع المجتمع وتزيد ثقتهم بأنفسهم وتعزز العلاقات داخل الأسرة وحتى بين الوالدين وبالتالي يسود الاحترام المتبادل بين الجميع وينتشر الود والحب والتعاون والتآلف .
ولعل الثقة التي طرحها الحوار تساعد الأبناء في اتخاذ القرارات الصحيحة وخاصة المتعلقة بمستقبلهم وبالتالي تحمل مسؤولية اختياراتهم و الحوار السليم الصحيح الناجح يؤدي إلى استقرار العلاقة الزوجية و يذيب المشاكل و تختفي الاختلافات و أفكار الانفصال الهدامة .
و يخطر ببالنا بعد أن عرفنا ثمار الحوار وفوائده الكثيرة.. ما السبيل إلى حوار ناجح و كيف يكون الحوار فعالا بين الوالدين والأبناء ؟ يبسط علماء الاجتماع هذا الأمر بأن يبدأ الأهل بإظهار مشاعر ودية تجاه الابن وإبداء الحب والتعاطف بمساعدته على نموه النفسي وذلك من خلال استخدام كلمات دالة على ذلك قبل بدء الحديث وإظهار البشاشة والأخذ بيده أو وضع اليد على كتفه كما ينبغي الحرص كل الحرص على عدم استعمال الكلمات والإيماءات التي تدل على الاستهزاء أو الكراهية التي تؤدي حتما الى اضطراب نفسي . يقول الباحث التربوي و الاجتماعي وائل فكري إن الإصغاء لولدك هو أفضل أسلوب للتعبير عن قبولك إياه و هو يعني مراعاته و الاعتراف بوجوده كإنسان مما يساعد على تقوية شخصيته لأنه يشعره بأنه محط اهتمام الآخرين و بقدر ما يشعر أولادنا بأنهم مقبولون و محبوبون تكون مشاركاتهم أكثر حيوية و اندفاعا .. و يقول طاغور : « كل طفل يأتي إلى هذا العالم حاملا معه رسالة تقول إن الله ينتظر من الإنسان أكثر « – وخلاصة القول أن للحوار آثاره وفوائده الإيجابية على نمو الطفل و تفتح ذهنه فهو يعلمه الطلاقة في الحديث و ترتيب أفكاره و تسلسلها و ينمي شخصيته و يصقلها ويقوي ذاكرته و الأهم من ذلك يزيده قربا منك و يزيدك قربا منه ..
البلاد برس- محمد عواد الرفاعي
Views: 7