لو عاد الزمن بضعة ايام الى الوراء لكان رئيس تيار المرده الوزير السابق سليمان فرنجيه قد كرّر كل حرف ورد على لسانه خلال مؤتمره الصحافي الاخير، بمعزل عمّا اذا كان يؤذي او يخدم الحسابات المتصلة بترشيحه الى رئاسة الجمهورية. هذا هو الانطباع الذي يتكوّن لدى من يستمع الى تعليق فرنجيه على الانتقادات التي وجّهها البعض الى كلامه عن رئيس الجمهورية والقضاء والنفط والغاز. فماذا يقول رئيس المرده حول أصداء مؤتمره المدوّي، وكيف يردّ على أصحاب الاعتراضات؟
يؤكّد فرنجيه لـ»الجمهورية» انّه مرتاح، ومتصالح مع نفسه، «بعدما عبّرت بوضوح وصراحة عمّا أشعر به، وانا مقتنع بكل كلمة صدرت عني، وستثبت الايام انني كنت على صواب».
ويلفت الى انّ هناك من تعمّد، عن سابق تصور وتصميم، تحوير كلامه وتشويه مقاصده، «لكن ما يهمني هو أنّ الشريحة الأوسع من الرأي العام تعرفني جيداً وتفهم مواقفي على حقيقتها».
أتحدّاهم
ويضيف: «انا لم أصرّح بأنني أرفض تسليم سركيس حليس، وانا لا اعرقل عمل القضاء والإجراءات التي يتخذها، بل اوضحت انني لا اتحمّل شخصياً مسؤولية ان أمون على حليس واطلب منه تسليم نفسه، لأنّه ليست لديّ ثقة في بعض القضاة المدعومين من العهد، واعتبرهم مسيّسين وموجّهين من بُعد».
ويشدّد فرنجيه على انّ «الذي يسيء الى القضاء ليس نحن»، «بل من يقوّض استقلاليته ويمتنع عن توقيع التشكيلات القضائية، كما اتته من مجلس القضاء الأعلى مجتمعاً، وذلك للمحافظة على موقع غادة عون وغيرها».
ويضيف: «فليوقّع رئيس الجمهورية تلك التشكيلات كما وصلته ولتتم المناقلات على أساسها، وعندها ستنتفي المشكلة مع بعض من في القضاء، الذي نريده ان يكون نزيهاً ومتحرّراً من الضغوط والمداخلات السياسية».
ويتابع: «يا أخي، خليهم يختبرونا.. واذا تهرّبنا بعد إقرار التشكيلات من التجاوب يكونون على حق في كل الاتهامات التي يوجهونها الينا.. انا اتحدّاهم».
أدافع عن الأوادم
ورداً على اتهامه بحماية الفاسدين، يجيب: «لا أدافع سوى عن الاوادم الذين انا مقتنع بآدميتهم وبراءتهم، بمعزل عن ادّعاءات القاضية المسيّسة حتى العظم غادة عون، ثم أليس غريباً ان تنحصر قضية الفيول المغشوش في حدود بعض الهدايا البسيطة، مثل ربطات العنق وما شابه، بينما يجري تجاهل دور وتواقيع وزراء الطاقة السابقين المنتمين الى التيار الحر»؟
ويتساءل: «لماذا الاستنسابية في الملاحقات وفتح الملفات؟ وبالتالي، لماذا لا يتمّ التحقيق ايضاً في ملف بواخر الكهرباء بكل ما ينطوي عليه من فساد وهدر»؟
النفط والغاز
وتعليقاً على اتهامه بأنّه اساء الى المصلحة العليا وتسبّب في إشاعة مناخ من الإحباط، فقط من باب النكاية بالعهد وباسيل، عندما توقّع خلو بحر لبنان من النفط والغاز، يوضح فرنجيه، انّه استند في ما كشفه الى معلومات موثوقة «لا اريد الإفصاح عن مصدرها الآن»، مشيراً الى «انّ الوقت سيثبت صحة تقديراتي». ومعتبراً انّ المؤشرات السلبية التي عكستها أعمال الحفر في البلوك رقم 4 لا تشجّع على توقّع نتائج جيدة في البلوك رقم 9.
ويؤكّد فرنجيه انّ ما اورده على هذا الصعيد لا يندرج في إطار النكاية او الشماتة، «وانما يأتي في سياق مصارحة اللبنانيين ومكاشفتهم بالحقيقة، حتى لا يستمر التيار الحر في خداعهم وإيهامهم بما ليس موجوداً، وحتى لا يعلّقوا آمالاً واهية على ثروة بترولية غير مثبتة. وإذا كان هناك من تولّى شخصنة ملف النفط والغاز وتسييسه، فهما التيار والعهد، عبر ربطه عضوياً بباسيل واعتبار بدء الحفر انجازاً شخصياً له، بينما كان يجب إبقاء هذا الملف بمنأى عن أي توظيف او استثمار فئوي».
المسيحيون والمصارف
وربطاً بالتحدّيات الاقتصادية والمالية، يتطرّق فرنجيه الى المخاطر التي تهدّد في رأيه النظام الاقتصادي الحرّ، جراء عدم التمييز بين وجوب حماية القطاع المصرفي، الذي يشكّل ركناً من أركان الاقتصاد منذ نشأة دولة لبنان، وبين ضرورة محاسبة المصارف المسؤولة عن أخطاء وارتكابات مالية، منبّهاً إلى أنّ ضرب القطاع المصرفي يهدّد بإلغاء دور المسيحيين في لبنان، مع ما يستتبع ذلك من تداعيات على التركيبة الداخلية.
ويشدّد على أنّ الاقتصاد الحر الذي يدافع عنه شيء، والرأسمالية المتفلتة من الضوابط شيء آخر «لا يمكن القبول به».
كرامتي قبل الرئاسة
وعندما يُقال لفرنجيه بأنّ هناك من اعتبر أنّ مضمون مؤتمره الصحافي الاخير لا يتناسب مع كونه مرشحاً جدّياً إلى رئاسة الجمهورية، يجيب: «فليكن معلوماً انّ كرامتي وشرفي اهم من رئاسة الجمهورية، ويأتيان قبلها بأشواط. ثم إنّ ما قلته في مؤتمري الصحافي وما يمكن ان اقوله مستقبلاً، يبقى اقل بكثير مما كان يقوله العماد ميشال عون قبل وصوله الى رئاسة الجمهورية».
ويضيف: «على كلٍ، اذا كان هناك من هو مُحرج بعد كلامي فأنا احرّره وأعفيه من ان يدعمني للرئاسة».
لن اختلف مع «الحزب»
وهل انزعج «حزب الله» من كلام فرنجيه؟ يجيب رئيس المرده: «لا انصح احداً بأن يدخل بيني وبين الحزب، لانّه سيخرج بسلة «فاضية». انا لا ولم ولن اختلف مع الحزب، وعلاقتي مع السيد حسن نصرالله أقوى من اي محاولة للتشويش عليها، واكبر من اي حسابات رئاسية او سياسية».
ويتابع: «إنّ تحالفنا ثابت وراسخ، من دون أن يمنع ذلك احتمال أن يكون هناك في داخل «حزب الله» من ينحاز ربما الى جانب جبران باسيل، علماً انّ ذلك يضرّ بمصلحة الحزب من وجهة نظري».
للصبر حدود
وما هو تفسير رئيس المرده لهجومه الحاد والمباشر على الرئيس ميشال عون هذه المرة؟
يقول: «انا صوّبت بالمباشر على الرئيس عون، لانّه هو البادئ باستهدافي سواء عبر تدخّله في القضاء وتسييسه، أو عبر مجمل طريقة تعاطيه السلبية معي منذ انتخابه وحتى الآن، وبالتالي من حقي ان ادافع عن نفسي وعن الحقيقة. وانا لا اعرف كيف يُلقي البعض اللوم على الضحية ويتجاهل انّ هناك من يستهدفنا لأسباب سياسية. لقد صمتنا طويلًا وتحمّلنا كثيرًا، لكن للصبر حدود».
Views: 2