لا تزال السلة الغذائية المدعومة مَدار جدل، وكأنها مجرد ظاهرة صوتية غير موجودة. وما توفّر منها حتى الآن لا يبشّر بالخير، لجهة النوعية وتوفّر السلعة. فهل سيفشل هذا المشروع مثل سواه، أو سيتم اتخاذ إجراءات تعيد الامور الى نصابها؟
أصدرت وزارة الاقتصاد جدولاً بالموافقات الصادرة خلال شهر حزيران للسلع المستوردة ضمن السلة الغذائية المدعومة، والتي يفترض ان تكون قد أصبحت في الاسواق وفي متناول المستهلك اللبناني. وقد شمل هذا الجدول مواد غذائية مثل العدس، الحمص، زيت دوار الشمس، سكر، أرز، حليب بوردة، خميرة، فاصولياء، فول وغيرها… إلّا انّ المفارقة تكمن في عدم عثور المستهلك على تلك الاصناف في نقاط البيع والسوبرماركت، في حين انّ المتوفر حالياً هو فقط أرزّ بنوعية لم يستهلكها اللبناني في السابق، ولم يكن يتم استيرادها في السابق بسبب جودتها السيئة.
وفي هذا الاطار، أوضح رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي انّ نوعية الأرز المدعومة هي الأرز الحبة القصيرة او ما يعادلها بالسعر، أي أرخص نوعية أرزّ، مشيراً الى ان ّاسعار انواع الأرز الاخرى غير المدعومة أصبحت مرتفعة جدّاً، مما أدى الى فقدانها من الاسواق بسبب امتناع التجّار عن استيرادها.
وقال انّ سعر كيلو الأرز الرخيص هو حوالى 0,5 دولار ويتم دعمه بسعر صَرف عند 4000 ليرة، أي انه يصل الى المستهلك بسعر 2000 ليرة. في المقابل يبلغ سعر كيلو الأرز الذي اعتاد اللبنانيون على استهلاكه، وهو غير مدعوم، دولاراً واحداً ليصل الى المستهلك بحوالى 8000 ليرة.
وأكد بحصلي انّ الجدول الذي أصدرته وزارة الاقتصاد حول السِلع المدعومة يشير الى انّها أصبحت موجودة في الاسواق، إلّا انّ الوزراة لم تحدد الكميات التي تم استيرادها من كلّ صنف، وبالتالي قد تكون الكميات المدعومة من مختلف أصناف السلع أقلّ بكثير من حاجة السوق، مما يؤدي الى عدم توفّرها في كافة نقاط البيع لمدّة طويلة، متمنياً على الوزارة تحديد كميات السلع المستوردة المدعومة من كلّ صنف وتحديد أماكن توزيعها.
وأشار الى انّ آلية قرار الدعم تلحظ البضائع المستوردة بعد صدور القرار، وبالتالي فإنّ تَوفّر السلع الواردة في السلة الغذائية المدعومة يحتاج الى مزيد من الوقت، نافياً علمه بأن يكون بعض التجار قد حصل على دعم مقابل البضائع المخزّنة سابقاً قبل صدور قرار الدعم.
وذكر بحصلي انّ وزارة الاقتصاد اشترطت على التجّار، عند وصول البضائع المدعومة الى لبنان، عدم بيعها بالشوالات وعدم بيعها لتجّار «الجملة»، بل حصراً بالعبوات العائلية، وللدكاكين والسوبرماركت فقط، أي انه يتوجّب على التاجر التعاقد مع شركة متخصّصة في اعادة التوضيب والتعليب ليتم بيعها لاحقاً بـ»المفرّق»، لافتاً الى انّ هذه الآلية تؤدي الى تأخّر وصول السلع المدعومة الى المناطق النائية والى نقاط البيع المعتمدة من دكاكين وسوبرماركت، بالاضافة الى انّ بعض التجار لا تتوفّر لديهم إمكانية اعاة توضيب تلك البضائع وتعليبها، مما يعيقهم من استيرادها والاستفادة من الدعم.
وبالنسبة للجدل القائم حول عدم جدوى دعم استيراد السلع لأنه يؤدي الى استنزاف احتياطي مصرف لبنان أي ما تبقّى من اموال المودعين في مقابل عدم وصول الدعم الى الفئة الأكثر حاجة له، شَدّد بحصلي على انّ «الحل الأمثل يبقى في إعادة السيطرة على سعر صرف الدولار وتخفيضه الى مستويات مقبولة، وهذا لن يتم إلّا باستعادة الثقة بالدولة وبالخطة الانقاذية وعودة ضَخ السيولة بالعملات الاجنبية الصعبة من الخارج الى السوق اللبنانية. والى هذا الحين يرى بحصلي ضرورة وقف الدعم الشامل لسِلع محددة والاستيعاض عن ذلك بتوجيه الدعم الى الأسَر الأكثر عوزاً عبر آلية دعم محددة وشفافة، خصوصاً انّ من شأن ذلك وقف تهريب هذه السلع واستفادة من هم ليسوا بحاجة، وكذلك وقف استنزاف احتياطات مصرف لبنان من العملات الصعبة».
Views: 5