كان لمقهى فلوريان الشهير بفينيسيا خطط وأحلام للاحتفال بعيده الـ300 وبتاريخ طويل حافل أكد مكانته كأقدم مقهى في المدينة العائمة. فلوريان الذي يطل على ساحة سان ماركو ويحيي السياح ورواده بأنغام كلاسيكية راقصة تعزفها الفرقة الخاصة به، يواجه الإغلاق التام ويستغيث بالحكومة الإيطالية لإنقاذه.
لفلوريان مكان خاص في ذاكرة كل زائر لفينيسيا، فالجلوس إلى إحدى طاولات المقهى الخارجية يعد من النقاط الرئيسية على جدول كل سائح.
ولكن ككل المسلمات في عالمنا تغير الحال مع «كورونا» وتبددت أفواج السياح والزوار في ساحة سان ماركو وفي فينيسيا كلها، وإن كانت لـ«كورونا» الدور الأساسي فيما وصل إليه الحال فللفيضانات التي اجتاحت ساحات المدينة العام الماضي دور مهم أيضاً، سيما مع وصول المد إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، الأمر الذي أدى إلى إغراق المدينة. ولقد بدأت في أولى محاولات التعافي من جديد مع حلول كارثة فيروس كورونا المستجد.
في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال ماركو باوليني، وهو المدير التنفيذي للمقهى «سوف تبقى أبواب المقهى مفتوحة لأطول فترة ممكنة، ولكن لا يمكننا فعل ذلك لفترة أطول من الزمن. لقد ركعت فينيسيا على ركبتيها. وتدهورت أنشطة مقهى فلوريان تماماً». وأضاف «كنا نرغب في تنظيم احتفالية ثقافية كبيرة لإحياء الذكرى الـ300 لافتتاح المقهى، ولكننا اضطررنا إلى الإلغاء».
ناشد باوليني والذي يمثل مجموعة من الشركات المالكة للمقهى المسؤولين و«الجميع» بمد يد العون والمساعدة للمقهى التاريخي.
افتتح المقهى للزوار في يوم الأحد الموافق 29 (كانون الأول) من عام 1720 على أيدي فلوريانو فرانشيسكوني تحت اسم «آلا فينيزيا تريونفانتي» أو «فينيسيا الظافرة»، ولقد أعاد الزبائن تسميته بمقهى فلوريان تكريماً لمؤسسه الأول.
في حين يُقدم المقهى أفضل المشروبات والقهوة من الشرق، ومن ماليزيا، وقبرص، واليونان في الداخل، فإن صفحات التاريخ كانت تتجلى أمام الناس في الخارج. فلقد شهدت نوافذ المقهى الشهير روعة صعود وأفول جمهورية سيرينيسيما في فينيسيا، والمؤامرات السرية ضد الحكم الفرنسي ثم النمساوي. وفي وقت لاحق، جرى استخدام غرف المقهى الأنيقة في علاج الجرحى إبان انتفاضة عام 1848 الشهيرة.
وبالإضافة إلى كونه المقهى الأكثر شهرة في فينيسيا، كان مقهى فلوريان هو المكان الوحيد في البلاد في تلك الأوقات الذي شهد حضور النساء في اجتماعاته؛ الأمر الذي يفسر سبب اختيار العاشق كازانوفا لذلك المقهى موئلاً له في بحثه المستمر عن النساء.
وجاءت فكرة إنشاء معرض فني في المقهى الشهير في أواخر القرن التاسع عشر إلى رئيس البلدية آنذاك ريكاردو سيلفاتيكو، وذلك تكريماً للملك الإيطالي أمبرتو الأول والملكة مارغريتا. ولقد أقيم المعرض الفني الدولي الأول في عام 1895، ذلك الذي اكتسب شهرة عالمية منذ ذلك الحين تحت مسمى بينالي فينيسيا.
وفي أوائل القرن العشرين، استحدث مقهى فلوريان فعالية «حفل المقهى» التقليدية الأوروبية باستقدام فرقة أوركسترا دائمة لا تغادر المقهى، ولا تزال تضفي متعة كبيرة على أجواء مقهى فلوريان الدافئة.
Views: 5