لم تتّضح بعد صورة تأليف الحكومة بانتظار تبلور الإتصالات واللقاءات، أكان على الصعيد الداخلي، أو من خلال الحركة الديبلوماسية المكثّفة التي تشهدها الساحة اللبنانية، وفي آخر الإتصالات والمعلومات، تؤكد مرجعية سياسية في مجالسها أن ما يحصل اليوم من تحرّك عربي وغربي، إنما يصبّ في خانة إعادة رسم الخارطة السياسية الجديدة للمنطقة، إذ ان لبنان ليس بمنأى عما يحصل، وإن كان الحلقة الأضعف نتيجة تفكّك بنيته السياسية والإقتصادية، ومعلوماته تنبئ بأن الأسبوع الجاري قد يكون مفصلياً في إطار تشكيل الحكومة، والتي قد تبصر النور بعدما تبلّغ الجميع أن لبنان سيُعزل ديبلوماسياً ومالياً من المجتمع الدولي، ولا سيما من الدول المانحة، وبالتالي، ووفق المعلومات، فإن عملية التأنيب والإشارة إلى عقوبات قد تستهدف بعض السياسيين، فذلك مسألة جدية، خصوصاً أن المعنيين بالعقوبات، قد باتوا في صورة هذه العقوبات.
من هذا المنطلق، تقول مصادر سياسية مطّلعة، انه لم يعد بوسع أي مكوّن سياسي محلي المناورة ورفع سقف شروطه، فالجميع «محشور» ومأزوم، ولا يريد أي طرف تحمّل مسؤولية انهيار البلد، في ظل ما يتم التداول به، عن أن البعض ممن طُرِحت أسماؤهم للتوزير، اعتذروا عن هذه المهمة كونهم يدركون مدى صعوبة الوضع الحالي، ولا يرغبون أن يكونوا في واجهة أو ضمن الفريق السياسي الذي سيتحمّل وزر وأعباء هذه المرحلة وإمكانية انهيار البلد في ظل الأزمات المتراكمة والصعبة التي يرزح تحت عبئها.
وفي سياق متصل، تقول المعلومات ذاتها ان بيروت ستشهد بعد زيارتي وزير الخارجية المصري سامح شكري وموفد الأمين العام للجامعة العربية السفير حسام زكي، حركة موفدين من أكثر من دولة معنية بالملف اللبناني، وحيث ترى أن ذلك قد يكون محطة لولوج التسوية، أو تمرير عملية التأليف، على أن يليها لقاء وطني ربما في باريس على غرار «سان كلو»، ومن ثم انعقاد المؤتمر الدولي لدعم لبنان وانتشاله من أزماته المالية والإقتصادية.
وبمعنى أوضح، فإن المتابعين لهذه اللقاءات الديبلوماسية في بيروت والخارج، يكشفون أن هناك إصراراً على تشكيل الحكومة العتيدة، حتى أن بعض الدول والصناديق الدولية والمالية أبلغت الجهات المسؤولة في لبنان بأنها ستحجب كل المساعدات عن هذا البلد، في حال لم يتم الإلتزام فوراً بتشكيل الحكومة، والشروع فوراً في إجراء عملية إصلاحية.
لذا، ثمة مروحة واسعة من الإتصالات واللقاءت جارية وسترسم مجدداً المشهد السياسي المقبل للبنان، يتضمن مفاجآت سريعة من قبل الدول المعنية بالشأن الداخلي، وخصوصاً لناحية العقوبات إذا بقي لبنان دون حكومة، أي أن باريس وواشنطن ودولا عربية عديدة سترفع من منسوب لهجتها وخطابها السياسي تجاه المسؤولين اللبنانيين.
ويخلص هؤلاء المتابعون، مؤكدين أن معلومات الساعات الماضية ما زالت مشوبة بالحذر حول تأليف حكومة في وقت قريب، أو ما يحكى عن لقاءات ستحصل في باريس، ولا سيّما بين الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل والذي استبعد حصول الزيارة الباريسية، ولكن الأمر الذي يُبنى عليه، يتركز في أن جدية ظهرت مؤخراً من قبل الجهات الدولية، للإسراع في حضّ المسؤولين اللبنانيين على تشكيل حكومة باعتبار أن لديهم معلومات ومعطيات عن أحداث قد تندلع على خلفيات اقتصادية واجتماعية، ولا سيما في ظل الإنقسام السياسي العامودي السائد في هذا البلد
Views: 5