في احيان كثيرة تشكل الاستقالة مدخلاً الى حل ما، انما في احيان اخرى تكون لزوم ما لا يلزم وربما تعرقل اكثر مما تسهل الوصول الى حلول.
عدد من النواب قدم استقالته من المجلس النيابي من نحو اقل من سنة تقريباً فهل يحذو نواب المرده حذوهم وهل تنفع الاستقالة في الوضع الراهن ام ستكون خطوة غير عملية وغير منطقية ولا نتائج ايجابية لها اذ يصبح البلد بلا حكومة وبلا مجلس نيابي فيما كان ثمن الفراغ على اكثر من صعيد قاسياً وموجعاً؟
يقول مصدر متابع ان “هناك اليوم ثلاث خيارات يمكن القيام بها وهي: الاستقالة، البقاء في المجلس ومحاولة احداث فرق عبر تشريع قوانين، الجلوس في موقع المتفرج وانتظار تغيير ما داخلياً او خارجياً”.
ويتساءل:” ما الاصعب اليوم الاستقالة ام البقاء داخل مجلس النواب ومحاولة انجاز شيء ما؟…طبعاً الخيار الثاني هو الاصح”.
واذ يرى انه “في ظل الاوضاع المأزومة وغياب الحكومة والاستقرار، تقع على عاتق النواب مسؤولية اكبر واثقل من المسؤولية في الايام العادية”، يلفت الى انه من الضروري محاولة وضع لمسات ايجابية للتخفيف من وطأة الازمة على الناس وهذا ما فعله النائب طوني فرنجيه عبر تقديم سلسلة اقتراحات قوانين اقر بعضها ولاقت ارتياحاً وتنويهاً من قبل عدد من الاختصاصيين والقانونيين”.
ويضيف رداً على سؤال قائلاً: “من يريد الاستقالة لانه يعتبر ان الطبقة السياسية غير صالحة وفاشلة عليه افساح المجال امام غيره للوصول الى الحكم، وليس ان يستقيل ويعود للترشح للانتخابات ويركب موجة المعارضة كأنه لم يشارك في السلطة ابداً “.
ويتابع المصدر المتابع:”المنطق السليم يقول ان الاستقالة تكون عندما يفشل الشخص او يقوم بخيارات فاشلة، وبالتالي عليه ان يقر بخطئه ويأخذ استراحة ربما يعود بعدها للحياة السياسية، كما تكون الاستقالة اذ شعر النائب انه كان شريكا في سلطة فاشلة وان القرارات التي اتخذت كانت خاطئة وهذا لا ينطبق على نواب المرده لانهم من حزب صوت ضد هذا العهد الذي يتحمل مسؤولية كبيرة حيال الوضع الذي وصلنا اليه”.
ويشرح المصدر انه “عندما تكون الاستقالات بهدف الاتيان باغلبية مطلقة لاحداث تغيير فهذا امر جائز ولكن في لبنان وفي النظام القائم لا يمكن لاي حزب ان يحصل على الاغلبية المطلقة في مجلس النواب حيث اذا جرت الانتخابات اليوم فإن بعض الكتل الموجودة ستحصل على نائب او نائبين او عشرة نواب بالزائد او الناقص من دون الوصول الى الاغلبية المطلقة وبالتالي لا يمكنها احداث التغيير اللازم فما جدوى الاستقالات عندها وما الذي سيتغير؟”.
واذ يرى المصدر ان “الازمات صحيح ليست وليدة الساعة حيث هناك تراكمات عمرها ثلاثين سنة ولكن الصحيح ايضا ان هناك 10 سنوات من الفراغ نتيجة التعنت السياسي المستمر حتى اليوم والذي كلف البلد 64 مليار دولار، علماً ان هذه الكلفة بدأت في العام 2014 وليس في الاعوام السابقة حيث ان
دين الدولة بدأ يتراكم منذ التسعينات، ولكن المشكلة في القطاع المصرفي وفي ازمة الدولار التي يعاني منها المواطن اليوم بدأت في العام 2014 وليس في 1990 او 1991 او 1995. وهذا كله كان نتيجة فراغ رئاسي استمر لسنتين ونصف اضافة الى فراغات حكومية متتالية والمجيء بتسوية رئاسية لم تستطع بناء محطة كهرباء واحدة، اليوم من سار بهذه التسوية الرئاسية وكان داعماً لها وترشح بإسمها وركب موجتها ليصل الى البرلمان كيف يمكنه ان يزايد على الناس بمعارضته لأنه يريد ان يركب موجة جديدة اسمها موجة الشارع؟:.
ويختم المصدر قائلاً: ” اذا كان الخيار الاول اي الاستقالة الهدف منه الاتيان باغلبية مطلقة فهذا امر غير واقعي اليوم في لبنان، وبرأيي ان الخيار الثاني الذي هو البقاء وتحمل المسؤولية والعمل لاحداث تغيير نحو الافضل هو خيار نواب المرده”.
Views: 0