القيادة العسكريّة المركزيّة الأمريكيّة تُؤكِّد بـ”الأدلّة” مسؤوليّة إيران عن الهُجوم على النّاقلة الإسرائيليّة في “بحر عُمان”.. هل هذا تمهيدٌ وتشريعٌ لاعتداءٍ ثُلاثيّ وشيك على طِهران؟ ولماذا نَجزِم بأنّ الرَّد الإيراني سيكون قاسيًا وفوريًّا؟
أكّدت القِيادة العسكريّة المركزيّة الأمريكيّة في بيانٍ رسميٍّ اليوم “أنّه بعد فحص الأدلّة، أن إيران تقف خلف الهُجوم الذي استهدف النّاقلة الإسرائيليّة “ميرسر ستريت” في بحر عُمان وأدّى إلى مقتل قُبطانها الروماني وأحد رجال أمنها البريطاني الجنسيّة”.
البيان أضاف بأنّ فحص جناح إحدى الطّائرات المُسيّرة المُلغّمة التي هاجمت النّاقلة ثَبُت أنّه جرى تصنيعه في إيران، والشّيء نفسه يُقال عن المُتَفجِّرات المُستَخدمة، ولكن مُتحدّث باسم الخارجيّة الإيرانيّة جَدَّد نفي هذه الاتّهامات، وقال إنّ إيران لا تتَردَّد بإعلان مسؤوليّتها عن أيّ هُجوم تُنَفِّذه وغاراتها الصاروخيّة على قاعدة “عين الأسد” الأمريكيّة غرب العِراق انتِقامًا لشَهيديها اللواء قاسم سليماني، والحاج أبو مهدي المهندس ما يُؤكِّد هذه الحقيقة.
هذه التّصريحات التي تَصدُر عن القِيادة العسكريّة الأمريكيّة المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط، وتبنّيها من قبل مجموعة الدّول السّبع الاقتصاديّة الغربيّة، الأعظم لاحقًا، ربّما تكون كُلّها تمهيدًا لعملٍ عسكريّ انتقاميّ ضدّ إيران، ولمَّح إلى ذلك صراحةً أنتوني بلينكن، وزير الخارجيّة الأمريكي، عندما قال إنّ الرَّد سيكون جماعيًّا، أيّ أمريكي بريطاني إسرائيلي على الأرجَح.
ربّما يُجادِل الإيرانيّون بأنّ اتّهام بلادهم بزعزعة أمن واستِقرار العالم يحمل طابعًا عُدوانيًّا يُريد تحويل الأنظار عن الجرائم الإسرائيليّة، فهذه الدّول مُجتَمعة، أو مُنفَردة، لم تُدِن الهجَمات الإسرائيلي على 12 ناقلة إيرانيّة حسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، ولم تُدِن أيضًا قصف وتفجير مفاعلات نوويّة في قلب إيران، علاوةً على أكثر من 300 غارة على مخازن أسلحة، ومقرّات لقوّات إيرانيّة في سورية، وهذا الجَدل الإيراني ينطوي على الكثير من الصحّة والمنطق.
التّحالف الثّلاثي الإسرائيلي الأمريكي البريطاني يرتكب حماقةً كبيرةً إذا ما نفّذ تهديداته بتوجيه ضربة جماعيّة انتقاميّة على أهدافٍ إيرانيّة سواءً في العُمُق الإيراني، أو خارجه، لأنّ الرَّد على هذا العُدوان سيكون حتميًّا، وعبّر عن ذلك صراحةً العميد حاجي زاده، قائد القوّة الجويّة في الحرس الثوري الإيراني، عندما قال “سنَرُد على أيّ اعتداءٍ بقُوَّةٍ وبقَسوةٍ”، ومن غير المُستَبعد أن يكون هذا الرَّد جماعيًّا أيضًا، بمُشاركة أكثر من طرف، أيّ الأذرع العسكريّة الحليفة لطِهران مِثل “أنصار الله” في اليمن، و”حزب الله” في لبنان، والحشد الشّعبي في العِراق.
قواعد الاشتِباك تغيّرت جذريًّا في المنطقة، وانتَقل محور المُقاومة الذي تتزعّمه إيران من حالة الدّفاع إلى الهُجوم، والرَّد على كُلّ عُدوانٍ إسرائيليّ فورًا ودُونَ أيّ تأخير، وما حدث في لبنان يوم أمس الأوّل عندما ردّ “حزب الله” بأكثر من 36 صاروخًا على غاراتٍ إسرائيليّة في جنوب لبنان هو التّجسيد العملي لهذا التّغيير.
“رأي اليوم”
Views: 0