انطلقت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة له، والرابعة في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الى العمل الإثنين بعد عقد جلستها الوزارية الأولى وجرى التقاط الصورة التذكارية لها في قصر بعبدا. هذه الحكومة التي طال انتظارها 13 شهراً، يُعوّل عليها الكثير رغم الإنتقادات التي طالتها بأنّها بقيت كسابقاتها «حكومة محاصصة» ولم تضمّ فقط وزراء إختصاص. وبدا أنّ الحكومة الجديدة لم تتوقّف عند أي انتقاد، والدليل أنّها عقدت جلستها الوزارية الأولى في قصر بعبدا، وقرّرت تشكيل لجنة صياغة مسودة البيان الوزاري من 12 وزيراً، على أن تُنهي هذه المهمّة في غضون 24 أو 48 ساعة، إذ أنّها تُدرك أنّها لا تملك وقتاً لإضاعته ولا للتصريحات إنّما للعمل. فما الذي ستقرّره الحكومة الجديدة في بيانها الوزاري، وما الذي ينتظرها خلال الأشهر المقبلة من تحديات ومهام؟!
مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ الجلسة الوزارية الأولى للحكومة كانت مثمرة، وقد حدّدت كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بدايتها أطر البيان الوزاري، وتضمّنت عناوينه العريضة، إذ دعا الوزراء الى الإكثار من العمل والبدء بالإصلاحات كونها المدماك الأساس لإعادة بناء الدولة ودونها يستحيل الإنقاذ، كما تمنّى عليهم تضمين البيان خطة التعافي التي أقرّتها الحكومة السابقة وما ورد من إصلاحات في المبادرة الفرنسية وإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها، وتأمين المستلزمات الأساسية للمواطنين، ومتابعة تنفيذ البطاقة التمويلية، واستكمال التحقيقات الجارية في انفجار مرفأ بيروت، فضلاً عن المضي في خطة مكافحة الفساد، لا سيما مباشرة العمل بالتدقيق الجنائي واستكمال وتنفيذ خطة للكهرباء وإعادة النازحين السوريين الى بلادهم. كما تحدّث ميقاتي عن ضرورة معالجة مشكلة المحروقات والدواء بما يوقف إذلال الناس.
وتقول المصادر بأنّ مجلس الوزراء الذي شكّل لجنة صياغة مسودة البيان الوزاري التي ضمّت 12 وزيراً بمن فيهم رئيس مجلس الوزراء وعضوية نائبه ووزراء العدل، الطاقة، المالية، الثقافة، الداخلية، التنمية الإدارية، الإعلام، التربية، العمل والزراعة، بدا مصمّماً على البدء بالعمل سريعاً، والدليل أنّ اللجنة الوزارية عقدت أولى جلساتها فوراً في السراي الحكومي، برئاسة ميقاتي وقرّرت إنجاز البيان في غضون 24 أو 48 ساعة على أبعد تقدير، وتعقد قبل ظهر اليوم جلستها الثانية التي يُتوقّع أن تُنهي خلالها صياغته النهائية. وأوضحت المصادر بأنّ العناوين المطروحة في مسودة البيان جرى التوافق عليها من غالبية الوزراء، سيما وأنّها تتضمّن الملفّات الملحّة التي عليها البدء بإيجاد الحلول الممكنة لها.
ولخّصت المصادر نفسها التحديات التي ستُواجه الحكومة الحالية بأربع:
1- استكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي والصناديق الإقليمية والدول المانحة لتحديد حجم الديون وحجم المساعدات والقروض.
2- تحقيق الإصلاحات المطلوبة سريعاً، لا سيما التي تنصّ عليها «خارطة الطريق» في المبادرة الفرنسية، وإطلاق البطاقة التمويلية بعد تأمين الأموال اللازمة لاستمراريتها، وعدم السماح باستخدامها كبطاقة إنتخابية من قبل أي فريق سياسي أو حزبي.
3- بدء التحضير للإنتخابات النيابية على أن تجري في موعدها المحدّد في 8 أيّار المقبل للناخبين داخل لبنان، وقبل ذلك في 24 نيسان المقبل للبنانيين المقيمين في الدول الأجنبية، وفي 29 نيسان للمقيمين في الدول العربية، وتكون انتخابات عادلة ومستقلّة وشفّافة توصل الممثّلين الفعليين للشعب الى المجلس النيابي.
4- العمل على تنفيذ خطّة إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، بهدف تخفيف أعباء النزوح الكبيرة عن كاهل الدولة بالتعاون والتنسيق مع السلطات والجهات المعنية.
وبرأي المصادر، إنّه سيكون أمام الحكومة كذلك عناوين أخرى ملحّة تتعلّق باستكمال المفاوضات غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي على ترسيم الحدود البحرية، ومسألة الإستراتيجية الدفاعية، ستتخذ فيها القرارات المناسبة لاحقاً، سيما وأنّ الأولوية ستكون للإصلاحات ولوضع البرنامج الإنقاذي للبلاد من الأزمة الإقتصادية والماليّة وانعكاسها على مشاكل المواطنين اليومية والمعيشية، الى جانب إطلاق العام الدراسي في أسرع وقت ممكن.
وترى المصادر بأنّ أداء الحكومة التي قرّرت تكثيف جلساتها الوزارية من شأنه أن يُعيد ثقة الشعب كما ثقة دول الخارج بها، ولهذا فإنّ الأنظار ستكون منذ الآن شاخصة نحوها ونحو ما ستُنجزه خلال المرحلة المقبلة. وبالطبع فإنّ الملفّات لن تُحلّ بعصا سحرية كما قال ميقاتي، إنّما واحدة تلو الأخرى. والمهم، على ما أضافت المصادر، أن يعمل الوزراء بشكل متجانس، وأن لا يدعوا الخلافات تقف عائقاً أمام اتخاذ القرارات الحاسمة والملحّة.
وأكّدت المصادر عينها أنّ الحكومة حاصلة على الدعم الخارجي، سيما وأنّ دول الخارج انتظرتها طويلاً، ما يجعل هذه الاخيرة مستعدّة لاستكمال المفاوضات معها سريعاً لا سيما صندوق النقد الدولي لتحديد المشاريع التي عليها إنجازها أولاً للتخفيف من معاناة الناس. وبالطبع ستحصل على جرعة دعم مالية من الصندوق لكي تتمكّن من إطلاق البطاقة التمويلية التي هي باتت حاجة ملحّة بالنسبة لعدد كبير من العائلات اللبنانية، علماً بأنّه على الحكومة أيضاً، توحيد سعر صرف الدولار الأميركي وتثبيت القدرة الشرائية لليرة اللبنانية لكي يتمكّن لبنان من استعادة عافيته مالياً واقتصادياً.
Views: 1