يعوّل العالم اليوم على المناعة المجتمعية التي قد يساعد بلوغها على مواجهة الوباء ووقف انتشاره. فالهدف الذي يتم السعي لتحقيقه على صعيد العالم ككلّ هو بلوغ النسبة الأعلى من المناعة المجتمعية، لأن هذا قد يشكل الوسيلة الوحيدة لوقف انتشار الوباء، ومنع ظهور المزيد من المتحوّرات باعتبار أن هذه المتحورات تظهر مع تحقيق الفيروس المزيد من الانتشار ومع انتقاله على نطاق أوسع.
ما المناعة المجتمعية، وكيف يمكن تحقيقها؟
المناعة المجتمعية، بحسب ما نشر في Doctissimo، تعتبر الجدار المجتمعيّ في مواجهة الفيروس، علماً بأنّه ثمّة نوعين من المناعة المجتمعية: تلك الطبيعيّة، أي التي تتشكّل بطريقة طبيعيّة عبر الأجسام الضديّة والخلايا المناعيّة، التي تتشكّل في الجسم بفعل الإصابة بالفيروس، بما يسمح بحماية الجسم تدريجاً في مواجهة الفيروس. أما النوع الثاني من المناعة المجتمعية فهو الذي يتشكّل بفعل التلقيح.
لكن قد يكون من الصعب تحقيق المناعة المجتمعية مع فيروس ككورونا، لأنه يحاول التهرب من المناعة عبر المتحوّرات الجديدة التي تظهر. لكن ممّا يبدو واضحاً أن المناعة، التي تتشكّل من اللقاح، تُعتبر في غاية الأهمية، خصوصاً بالنسبة إلى الأشخاص الذين يُعتبرون أكثر عرضة لمضاعفات كورونا، إمّا بسبب أمراض معيّنة هم مصابون بها، وإمّا لأسباب أخرى كالسنّ مثلاً.
أمّا المناعة الطبيعيّة فتُعتبر جوهريّة بشكل خاصّ لفئات معيّنة ليست عرضة للخطر كالأطفال مثلاً، الذين يُشكّلون مناعة طبيعية عالية عند الإصابة بالفيروس إثر التقاط العدوى في ما بينهم. ففي مثل هذه الحالات، تكون الإصابات خفيفة عادةً بين الأطفال، لكنهم يشكّلون مستويات عالية من المناعة الطبيعية من خلال تكوين الخلايا المناعية والأجسام الضدية لحمايتهم، خصوصاً على مستوى الحنجرة والأنف ما يمنع انتشار الفيروس.
اما متحور اوميكرون فقد تبين حتى اللحظة أن الإصابات به خفيفة بالمقارنة مع باقي المتحورات، وتستدعي معدّلات أقلّ من الاستشفاء، وإن كان سريع الانتشار ويحقق انتشاراً واسعاً ومخيفاً. لكن هذا قد يكون بشكل أو بآخر عامل حماية للمجتمع عبر الانتشار الواسع، الذي يُمكن أن يُحقّقه المتحوّر، ممّا يساهم بشكل أو بأخر في تأمين هذه المناعة المجتمعيّة، التي يتمّ السعي إلى تحقيقها.
وممّا يبدو واضحاً مع أوميكرون أن هذه الأعداد المرتفعة، التي يحققها المتحوّر في انتشاره، لا تُعتبر مخيفة فعليّاً، وإن ارتفعت أكثر بعد، باعتبار أن الأعراض الناتجة عن متحوّر أوميكرون خفيفة، ولا تشكّل خطورة على المريض، وهي أقرب إلى الرّشح الخفيف، بحسب طبيب الطوارئ الدكتور جيرار كييرزيك. والأهمّ أن هذه الإصابات على نطاق واسع يُمكن ان تساهم في تأمين المناعة المجتمعية في مختلف دول العالم.
لذلك تعلّق الآمال اليوم على المرحلة المقبلة التي يمكن أن نشهد فيها معدّلات أعلى من الإصابات الخفيفة بسبب انتشار أوميكرون، ما قد يَعد بنهاية قريبة للفيروس، الذي يمكن بعدها التعايش معه كأيّ فيروس آخر دون خوف أو قلق. فهل نشهد في العام 2022 فعلاً هذه النهاية المرتقبة عبر تأمين المناعة المجتمعية؟
Views: 3