03:33 AM 2022-05-16
عبد الخالق فاروق
يرتبط تقييم الأخطاء في العمل العسكري بمجموعة من الارتباطات الفاعلة بين الأهداف المتوخاة والنتائج المتحققة.
بادئ ذي بدء، نستطيع القول إن قرار القيادة الروسية والرئيس فلاديمير بوتين، في الرابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي، والقاضي بالتدخل العسكري في أوكرانيا، انطلق بعد تيقن أن الدولة الجارة باتت تشكل خطراً جسيماً ليس على سكان مقاطعتي دونتسيك ولوغانسك فحسب، بل تعدّت مخاطرها، تحت قيادة المجموعات النازية طوال الأعوام الثمانية الماضية (2014-2022)، لتصبح خطراً استراتيجياً، وربما وجودياً، على دولة اتحاد الجمهوريات الروسية ذاتها.
لقد انطلقت الخطة الروسية من مجموعة من المعطيات، وحددت لنفسها مجموعة من الأهداف، بعضها معلَن للجميع، وبعضها الآخر غير معلَن، كشفته خريطة سير العمليات العسكرية من دون أن تبوح به ألسنة رجال السياسة والحكم في روسيا.
أولاً: الدوافع الرئيسة إلى اتخاذ قرار التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا
1- عدم احترام القيادة الأوكرانية، طوال ثمانية أعوام، “اتفاق مينسك”، الذي وقعته روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا عام 2014، وبعد حرب عاصفة، استخدمت فيها القوات الأوكرانية كل أنواع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة وأساليب القصف المدفعي، ضد السكان المدنيين في هاتين المقاطعتين اللتين أعلنتا انفصالهما عن دولة أوكرانيا بعد تنفيذ الانقلاب الدموي الذي جرى ضد الحكومة المنتخبة في العاصمة كييف عام 2014، بدعم مباشر من دول التحالف الأطلسي والسفيرة الأميركية نولاند بصورة مباشرة وعلى نحو علني، والتي أرتُكبت فيها فظائع وجرائم هائلة.
2- أدّى استمرار القصف والعدوان الأوكرانيَّين على هاتين المقاطعتين من ناحية، والقرارات التي اتَّخذتها هذه الحكومة الانقلابية الجديدة، والقاضية بحظر استخدام اللغة الروسية، والتمييز ضد المواطنين الروس في أوكرانيا، والذين يشكّلون نحو 20% من سكان أوكرانيا، وسياسات التمييز العرقي، إلى نشأة وضع غير قابل للاستمرار، وخصوصاً مع الصمت والتواطؤ من الدول الغربية والأمم المتحدة تجاه هذه الجرائم في حق السكان الروس والأقليات الأخرى.
3- كما أدّى تكرار دعوة السلطات الأوكرانية الجديدة الأساطيلَ والقطع البحرية الأميركية والبريطانية إلى موانئ أوكرانيا في البحر الأسود (ميناء أوديسا)، وبحر أزوف (ميناء مريوبل)، والتحرش بالقطع البحرية الروسية، إلى إنذار بالخطر تجاه الأمن القومي الروسي، بصورة مباشرة ومن دون مواربة.
4- جرى ذلك في ظل معلومات مؤكَّدة جمعتها أجهزة الاستخبارات الروسية الخارجية، بشأن الأنشطة المشبوهة للولايات المتحدة ومَعاملها للحرب البيولوجية والجرثومية، في الأراضي الأوكرانية، وفي جورجيا، وبعض دول الاتحاد السوفياتي السابق (تركمنستان، طاجيكيستان، أوزبكستان، كازاخستان… إلخ)، والتي قدّرتها بأكثر من خمسين مركزاً بحثياً سرياً، تحيط مجتمعةً بالدولة الروسية، وتتخذ من الخصائص الجينية الروسية موضوعاً للبحث والتجريب، وتمثّل مصدراً آخر للخطر الداهم.
5- بالإضافة إلى ذلك كله، فإن انتشار المستشارين العسكريين الأميركيين والبريطانيين بين وحدات الجيش الأوكراني، وإلحاحَ القيادة الأوكرانية المتطرفة، طوال أعوام ما بعد الانقلاب الدموي عام 2014، على التحالف الأطلسي من أجل الانضمام إلى حلف الناتو العسكري، وفي ظل عقيدة جديدة معلَنة للولايات المتحدة منذ عام 2017 تعدّ روسيا والصين عدوتين ومنافستين رئيستين لها، وبالتالي لدول الاتحاد الأوروبي والتحالف الغربي الاستعماري بصورة عامة، فإن هذه الأمور تجاوزت حدود الخطر المحتمل إلى كونه تهديداً داهماً من دون لحظة شك واحدة.
6- يضاف إلى ذلك رفض دول التحالف الغربي، بصورة فردية أو كمؤسسات، الرد على مطالب روسيا الاتحادية منذ منتصف عام 2021، بضرورة صياغة رؤية أمن جماعي جديدة تضم روسيا وسائر الدول الأوروبية ودول الناتو، والاستهتار والتعالي المهينَين واللذين واجهت بهما الدول الغربية هذا الطلب المشروع، كل هذا دق ناقوس خطر وعنى رسالة واحدة بالنسبة إلى القيادة الروسية: “الآن.. أو إلى الأبد”.
الحقيقة أن روسيا لم تترك فرصة من دون أن تحاول ربط نفسها فيها بهذا التحالف الغربي، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، سواء في عهد الرئيس المخمور بوريس يلتسين وعصابات المافيا التي أحاطت به منذ عام 1991، أو حتى في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، بدءاً باستخدام لغة سياسية ودبلوماسية تشير إلى هذا المسعى (مثل مخاطبة الغرب وفق تعبير “شركائنا”)، أو في التغاضي عن كثير من انتهاكات هذه الدول الغربية للقانون الدولي وحقوق الإنسان في بعض المناطق ودول العالم (ليبيا، العراق، اليمن، فنزويلا، نيكاراجوا، كوبا، بوليفيا… إلخ).
صحيح أن التدخل العسكري الروسي في سوريا، لمساندة الحكم والمجتمع السوريَّين في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ضد الهجمة الإرهابية الضخمة التي تعرَّضت لها سوريا وهدَّدت كيانها ووجودها، كان أول إشارة جادة إلى خروج روسيا من هذا السوار الاستراتيجي الغربي ضدها، بيد أن الحرب على أوكرانيا كانت تحكمها معادلات قوى أخرى، وتداعيات عالمية أكبر، مربوطة بمحاولة إنقاذ روسيا ذاتها من ناحية، وبداية صياغة ملامح عالم جديد قائم على تعدد الأقطاب واسترداد روسيا لمكانتها وكرامتها وهيبتها.
ثانياً: الأهداف الاستراتيجية المعلنة وغير المعلنة للتدخل الروسي في أوكرانيا
أعلنت القيادة الروسية، منذ اللحظة الأولى للعمل العسكري في الـ24 من شباط/فبراير 2022، عدة أهداف لهذه الحرب، لكنها للحق لم تعلن كل أهدافها. وهنا نستطيع تحديد الأهداف الروسية من هذا التدخل العسكري على النحو التالي:
1- حماية وضمان سلامة شعبَي مقاطعتي دونتيسك ولوغانسك، اللتين أعلنتا انفصالهما عن الدولة الأوكرانية بعد الانقلاب الدموي في كييف عام 2014، وإلزام حكومة أوكرانيا باحترام هذا الاستقلال، والتسليم باستعادة روسيا لشبه جزيرة القرم الذي تم عام 2014. وتشكّل هذه المناطق الثلاث (دونيتسك ولوغانسك وشبه جزيرة القرم) نحو خُمس مساحة جمهورية أوكرانيا، البالغة 603 آلاف كيلومتر مربع. هذا علاوة على ما تمثله من ثقل اقتصادي هائل.
2- الضرب والتفكيك للآلة العسكرية لأوكرانيا، التي تأتمر بأوامر القيادة النازية في هذا البلد.
3- ضمان حياد أوكرانيا وعدم انضمامها إلى حلف الناتو، أو عدم تشكيل أي تهديد في الحاضر أو المستقبل لروسيا.
4- الهدف غير المعلن لروسيا، والذي كشفه خط سير العمليات الحربية طوال الأيام الخمسين من الحرب، هو إجراء تغيير جيو – سياسي في خريطة أوكرانيا، وقطع أي صلة لها ببحر أزوف والبحر الأسود؛ أي تصبح أوكرانيا دولة حبيسة، حتى تنتهي إلى الأبد التحرشات الأطلسية بدولة روسيا من خلال هذين البحرين من ناحية، وضمان تواصل بحري بين دونتيسك ولوغانسك من خلال تحرير ميناء ماريوبل الحيوي، والاستيلاء، في خطوة تالية، على ميناء أوديسا ومنطقتها المطلَّين على البحر الأسود. ومن دون تحرير منطقة أوديسا ومينائها، تصبح الأهداف الاستراتيجية الروسية للحرب في خطر حقيقي، ولا نقول هزيمة.
5- ضمان شبه جزيرة القرم وتحريرها من الحصار المضروب حولها، مائياً ولوجيستياً، منذ عام 2014، بمعرفة القوات والسلطات الأوكرانية، عبر تحرير مقاطعة خيرسون.
وخلال هذه العملية العسكرية الواسعة النطاق تكشَّفت خفايا المخاطر التي كانت تعتملها التحالفات السرية والعلنية بين القيادات الأوكرانية والبنتاغون وحلف الناتو، ولعلّ أخطرها ما تكشَّفَ بشأن وجود مراكز وبرامج للأبحاث البيولوجية في هذا البلد.
في أيّ حال، مَن يراجعْ خط سير العمليات الحربية الروسية، يكتشفْ طبيعة هذه الأهداف غير المعلنة، والأهم سوف يتوقف عند بعض الأخطاء التي ارتكبتها القيادات العسكرية الروسية وغرفة العمليات فيها، والتي أسمّيها أخطاء فوق تكتيكية، وأدّت إلى نتائج وتداعيات لم تكن في حسبان مخطط العمليات الروسي.
فما هي هذه الأخطاء؟ وكيف سارت العمليات الحربية منذ الـ24 من شباط/فبراير حتى يومنا؟
ثالثاً: أخطاء فوق تكتيكية في العمليات الحربية الروسية
ترتبط عملية تقييم الأخطاء أو النجاحات في العمل العسكري بمجموعة من الارتباطات الفاعلة بين الأهداف المرغوبة للعمل العسكري من ناحية، والنتائج المتحققة فعلاً على الأرض، من ناحية ثانية.
وارتباطاً بهدف تحطيم الآلة العسكرية الأوكرانية، وضمان فعّالية خطة استكمال تحرير مقاطعتي دونتيسك ولوغانسك، قامت القوات العسكرية الروسية، منذ اللحظة الأولى، بفتح محاور متعددة وواسعة من الشمال والشرق (خاركوف، سومي، تشيرنهيف)، ومن الجنوب (ميكولايف، كيروفوغراد، خيرسون، زاباروجيا)، وصولاً إلى بعض مقاطعات الغرب الأوكراني (ريفني، لفيف، ترنوبل، لوتسك)، سواء بموجات الغارات الجوية، والضربات الصاروخية المركَّزة، أو بواسطة فِرَق المشاة، والتي زادت على سبع فِرَق مشاة، واستهدفت من وراء هذا الانتشار الواسع تحقيق عدة أهداف:
الأول: تشيت الجهد الدفاعي الأوكراني في أكثر من اتجاه ومحور، أو ما يُسَمّى في العلم العسكري “معركة التثبيت للخصم”، وبالتالي تسهيل مهمة قوات دونتسيك ولوغانسك، المدعومة ببعض الكتائب الروسية، من تحرير هاتين المقاطعتين تماماُ، ووصولها إلى حدودهما الغربية الإدارية التي سبق أن سيطرت القوات الأوكرانية منذ عام 2014 على بعض مساحاتها.
الثاني: التمكّن، من خلال هذا الانتشار الواسع، من تحديد مواقع انتشار القوات الأوكرانية ووجودها، تمهيداً لضربها وتحطيمها عبر كل الوسائل المتاحة، سواء الجوية أو الصاروخية، أو من خلال قوات المشاة المدعومة بالدبابات الحديثة، وهذا ما حدث فعلاً.
الثالث: حصار المدن الأوكرانية الكبرى من دون اقتحامها، تجنباً للخسائر في القوات الروسية من ناحية، والتخفيف من الأثر السلبي، نفسياً وسياسياً، لدى قطاعات واسعة من السكان الأوكران، أو من القوميات الأخرى (مثل البيلاروس) في حال اقتحام المدن، وما يستتبعه عادة من عمليات تدمير واسعة النطاق لهذه المدن.
وترتّب على بناء خطة العمليات، على هذا النحو، الوقوع في عدة أخطاء فوق تكتيكية، ترتّبت عليها نتائج غير مرغوبة أو مطلوبة من المخطط الروسي، ومن أبرزها:
1- أن هذه الخطة، بقدر نجاحها في تشتيت قوات الخصم وعدم قدرته على القيام بهجمات مضادة فعالة ضد القوات الروسية المهاجمة، فإنها أدت إلى البطء في الحركة، وكثرة الخسائر بين القوات الروسية، الأمر الذي سمح للقيادات الأوكرانية بأن تبتز كل دول التحالف الأطلسي وغير الأطلسي، للمطالبة بالدعم وتقديم الأسلحة والمساعدات من كل الأنواع، والادعاء بقدرة القوات الأوكرانية على مقاومة الجيش الروسي الجرار، وكسر هيبته لدى خصومه في الغرب.
2- ثم عادت الخطة الروسية للعمليات إلى أسلوب الانسحاب التكتيكي للقوات، من حصار بعض المدن والعاصمة كييف، بدءاً من الأسبوع الثالث من شهر آذار/مارس، من أجل إعادة تجميع القوات وتنظيمها عند الحدود الروسية الأوكرانية، نظراً إلى الخسائر الكبيرة التي تكبَّدتها هذه القوات بسبب التسليح الغربي المكثَّف للقوات الأوكرانية ومجموعات المرتزقة بأسلحة متطورة فتاكة ومضادة للدروع والدبابات (صواريخ جافلين)، والقواذف المتطورة المضادة للطائرات (من نوع ستينغر الأميركية). وبدأت الخطة الروسية انتهاج استراتيجية القضم المتتابع للأرض، أو ما يُسَمّى (“استراتيجية الخروشوفة” لصاحبها الجنرال البريطاني الشهير ليدل هارت، منطلقة هذه المرة من شرقي أوكرانيا. كل ذلك سمح لقوات أوكرانيا والمجموعات المتطرفة والمرتزقة المدعومة من الناتو، باقتناص زمام المبادرة التكتيكية، والقيام بهجمات مضادة تكتيكية هنا وهناك، عطّلت، إلى حد كبير، سرعة تقدم القوات الروسية.
3- علاوة على ذلك، فإن هذا الأداء الروسي البطيء لم يؤدِّ إلى السرعة والفعالية لدى قوات جمهوريتي دونتيسك ولوغانسك الشعبيتين، المدعومة روسياً، من أجل تحقيق أهدافها، والتمكن من السيطرة الكاملة على أراضي هاتين الجمهوريتين، وخصوصاً مدينة ماريوبل ومينائها الإستراتيجي، الأمر الذي سمح لآلة الدعاية الغربية الجبارة بإظهار هذا البطء باعتباره بطولة أوكرانية، وبالتالي استدرار عطف قطاعات واسعة من الرأى العام العالمي، الذي يتعاطف أحياناً مع الضعيف، وصاحب القدرة على المقاومة والبسالة.
4- كما تسبب هذا البطء في الأداء الروسي، باستدعاء كل شياطين الإعلام الغربي ووسائله المحترفة في تزوير الحقائق، وقلب ملامح الصورة. فمثلاً، صُوِّر التراجع أو الانسحاب التكتيكي الروسي من محيط العاصمة كييف وبعض المدن الأخرى، على أنه انتصار للقوات الأوكرانية، كأنها هي التي نجحت في استرداد هذه المناطق.
5- صُمِّمت خطة العمليات الروسية، من دون أن تمنح آلة الدعاية والإعلام الروسيَّين فرصة العمل وإظهار جانب من جرائم كتائب أزوف النازية، ضد السكان المدنيين في مناطق عملياتها، وخصوصاً ضد السكان المتعاطفين مع روسيا، أو من كانوا من أصول روسية، فتركت في ذلك فراغاً استغلته القيادة الأوكرانية المدعومة بجهاز الإعلام الشيطاني للتحالف الغربي الاستعماري.
6- كما نتج من هذا الأداء العسكري الكلاسيكي، المتمثّل بالقصف المركَّز وتقدُّم القوات وحصار المدن، من دون أساليب الحرب السريعة المتمثّلة بإحداث الاختراقات العميقة والسريعة، ثم تطويق القوات المعادية وحصارها وتدميرها.. نتج من ذلك نزول التحالف الغربي الاستعماري بكل ثقله، في مجال فرض العقوبات الواسعة والقوية وغير المعهودة ضد روسيا، بهدف كسر العمود الفقري للاقتصاد الروسي، ومن بعده آلة الحرب الروسية الجبارة. وهنا حدث الخطأ فوق التكتيكي الثاني، وهو تباطؤ روسيا في الهجوم الاقتصادي المضاد والقوي والسريع، واتخاذ القرارات المتلائمة مع حالة الهجوم الخطير والحرب الاقتصادية الكونية اللذين بدأتهما الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون. وأغلبية الخطوات والإجراءات التي اتخذتها القيادة الروسية حتى اليوم هي من طبيعة دفاعية، مثل اشتراط تسديد ثمن الغاز أو النفط الروسي بالروبل الروسي، وبعض الإجراءات الدفاعية الأخرى، من دون أن تتخذ القرار الاستراتيجي الأكبر، المتمثل بسلاح الغاز الروسي.
وكما قال وزير الخارجية الأميركي البارز جيمس بيكر جملته الشهيرة، “إذا كان الموقع هو الرصيد، فإن التوقيت هو فن الحكم”، فنحن إزاء توقيت ملائم الآن لاتخاذ قرار الرد السريع، إذ في مقابل كل إفراج عن الأرصدة الروسية المجمدة لدى بنوك الدول الأطلسية، أو إلغاء القرارات العقابية وقرارات الحظر والمقاطعة، يتم تصدير الغاز والنفط الروسيين، وألا يجب فوراً ومن دون تردد، اتخاذ قرارات مضادة بوقف تصدير الغاز الروسي. ومن دون هذا فإن أكتساب الوقت لدى دول الاتحاد الأوروبي لعدة أشهر أخرى سوف يؤدي حتماً إلى تَأَكُّل القدرة الروسية على الإيذاء المضاد في المستقبل القريب.
لقد ترددت روسيا، تحت قيادة الرئيس الروسي السابق مدفيديف، في اتخاذ الموقف الصحيح من الأزمة الليبية عام 2011، فسيطر الغرب على ليبيا، وتشتتت الدولة وتاهت بين الأطراف الدولية والإقليمية، وأصبحت تعج بالمرتزقة من كل اتجاه. وقبلها فقدت الدولة الروسية توازنها في عام 1991. وفي عام 2003 تركت العراق يواجه مصيره وحده من دون داعم أو مساند، فتمزق العراق. وحتى اليوم، ما زلنا نأمل أن يستجمع هذا البلد الشقيق عنفوانه وحضوره.
والآن، روسيا تواجه تحديات مصيرية، والعالم من بعدها يقف متأثراً ومنتظراً نتائج هذه المعركة وتأثيراتها في المشهد العالمي كله، وفي نمط العلاقات الدولية في المستقبل المنظور. ومرة أخرى، كما قال القائد الروسي الشهير، فلاديمير إليتش لينين، عشية ثورة تشرين الأول/أكتوبر 1917، جملته الشهيرة “الآن… أو إلى الأبد”.
الميادين نت
Views: 1