هني الحمدان
عملت تركيا منذ أكثر من عام ونصف العام على إغراق الأسواق السورية بأنواع من الفروج الذي تشير تحاليل مخابر وزارة التجارة الداخلية كلها إلى أنه غير صالح للاستهلاك! وعوضاً عن أن تتحمل تركيا أعباء مالية للتخلص من هذه الكميات وجدت ضالتها في الأسواق السورية لتصدر إلى إدلب فروجاً مجمداً يعاد فك ثلجه، ليسهل توزيعه في الأسواق المحلية على أنه حي من إنتاج محلي، ولتظهر أعراض استهلاكه لاحقاً بأمراض مختلفة.
غزو الأسواق
يقول عضو مجلس الإدارة في المؤسسة العامة للدواجن، وعضو لجنة الدواجن صالح صالح إنهم يتابعون موضوع الفروج المهرب من تركيا منذ أكثر من عام ونصف العام، وإنه خلال الفترات الماضية كان المربون يبيعون بأقل من التكلفة، الأمر الذي جعل نسبة كبيرة منهم يخرجون من الإنتاج، وكانت الإشكالية أن الفروج الذي يأتي من محافظة إدلب يتم التعامل معه كإنتاج أي محافظة سورية أخرى، فيمر على كل الجهات الرقابية، ومن ثم يدخل الأسواق بشكل نظامي، ولهذا ملأ الفروج التركي المهرب الأسواق، وهو يدخل ضمن تلك البضائع المحلية على أنه من منتجات محافظة إدلب، حتى انخفض سعر كيلو الفروج المحلي إلى 400- 500 ليرة وهذا سعر أقل من التكلفة بكثير كما يضيف صالح، ومع تزايد الخسائر كل يوم، خرج الصغار من المربين، لأن السمة العامة للعاملين في الدواجن أنهم من المربين الصغار الذين يعملون بكميات محدودة تتراوح بين 2000- 3000 طير وهؤلاء يصعب عليهم تحمل الخسائر.
وعندما جاءت حملة مكافحة الفروج التركي ساهمت بضبط المعابر ومنع التهريب بنسبة 80% وهذا ساعد في صعود سعر الفروج في السوق، لأن الكميات التي كانت تدخل يومياً كبيرة جداً، ويقدرها صالح بنحو عشرة برادات سعة الواحد منها تتراوح بين 20-25 طناً، وما كان يدخل غالباً هو فروج فاسد منتهي الصلاحية كانوا يدفعون في تركيا للتخلص منه، لكنهم أصبحوا يدخلونه إلى سورية، إذ لا يمكن للمواطنين من أصحاب الدخل المحدود الذين يسعون للحصول على السلعة الأرخص أن يميزوا أن هذا الفروج مجمد أو حي بعدما يذاب ثلجة، إلا عند طبخه، عندها يكتشفون أنهم تعرضوا للغش، ويكونون الضحية دائماً.
يضيف صالح أنهم حاولوا مراراً وتكراراً وطالبوا بتخفيض الرسوم الجمركية على الأعلاف فهناك رسوم تصل إلى 10 % وهذا ينعكس على سعر المنتج النهائي، بينما الرسوم أقل في دول الجوار فلبنان مثلاً, أعفت الأعلاف من الرسوم الجمركية بينما الرسوم المرتفعة محلياً تؤثر في المنافسة مع المنتجات التي تغزو الأسواق.
أمراض بالجملة
وأشار الكثير من المهتمين بالشؤون الصحية إلى أن طريقة تغذية الفروج السوري أكثر صحية من تلك التي تصل من تركيا، لأنه يتم اعتماد التغذية النباتية غالباً للفروج المحلي، بينما يغذى الفروج التركي الذي يصل الأسواق المحلية على مواد غير صحية، وهي مواد علفية تدخل فيها بقايا حيوانية مطحونة مع الخلطة العلفية. المستشار الفني في اتحاد الغرف الزراعية السورية عبد الرحمن قرنفلة يؤكد أن تربية الدجاج في سورية تخضع لرقابة صحية بيطرية صارمة في جميع مراحل الإنتاج، كما تتابع أجهزة الرقابة الصحية في الوحدات الإدارية مراقبة عمليات الذبح والتوزيع والأسواق ضماناً لمنع انتقال أي أمراض إلى المواطنين عبر لحوم الدجاج بينما لا تخضع اللحوم المهربة لأي نوع من الرقابة الصحية، ما يجعل احتمالات نقلها لأمراض مختلفة وخطيرة للبشر أمراً وارد الحدوث بنسب مرتفعة.
دون المستوى
رئيس اتحاد المصدرين محمد السواح يرى أن البضائع المهربة تباع بأسعار متدنية ولكن كل البضائع المهربة لا تحقق الشروط الصحية المطلوبة، فالفروج التركي مقارنة بالسوري من حيث التكلفة أقل سعراً بنحو 20- 30%، لذلك فإن الفروج المهرب أرخص من الفروج السوري بنحو 20-30% الأمر الذي يشير إلى أن ما يباع في أسواقنا غير صالح للاستهلاك البشري، وهذا يعني أن يتم تهريب لفروج تركي مجهول الهوية إلى الأسواق.
وأضاف السواح أنه منذ عام وحتى الآن كل المواد الحيوانية والغذائية التي تمت مصادرتها في الأسواق السورية تبين أنها فاسدة ومجهولة الهوية ولا توجد فيها فاتورة، ويرى أن على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مصادرة كل المواد المهربة وفرض عقوبات على أصحابها وهذا ما يحصل في كل دول العالم، أما وزارة الصحة فهي أيضاً لا تقوم بدورها في تحليل المواد الموجودة في الأسواق وخاصة مواد الأطفال المهربة, بالشكل المطلوب, ويرى أن وجود منافذ بيع للمواد المهربة يشجع على التهريب.
وعن الآثار الصحية للفروج المهرب يقول مدير الشؤون الصحية في مجلس مدينة حلب الدكتور محسن مزيك: إن هناك عاملي خطورة من الفروج المهرب، الأول طريقة ذبح الفروج فإذا كان مذبوحاً ومازال رأس الدجاجة موجوداً فهو على الطريقة الإسلامية وهذه الطريقة تكون تقريباً خالية من الأمراض، لكن في حال عدم وجود رأس الدجاجة فإن الفروج قد تم صعقه كهربائياً، ونلاحظ أن لونه غامق ولا يزال في داخله دم ويحتوي جلد الفروج على جرثومة «مايكرو بكتيريوم» التي تتكاثر عند إخراج الفروج من الثلاجة إلى الدفء ومن ثم إعادتها إلى الثلاجة من دون طهوها وهذه الجرثومة تسبب حالات تسمم للمستهلك ( إسهلات، إقياء، ارتفاع درجة حرارة).
ويضيف مزيك: أما الخطر الثاني من الفروج المهرب فيأتي من عملية التخزين حيث يحتاج الفروج عند نقله إلى سيارة خاصة « براد» لا تزيد درجة حرارتها على (-18) درجة تحت الصفر وأي خلل في عملية التجميد يؤدي إلى نمو الفطر على الفروج الذي يؤدي إلى فساد اللحم ويصبح ضاراً بصحة المستهلك.
يحقن قبل الذبح
كما أكد مدير الشؤون الصحية في مجلس مدينة حماة الدكتور محمود عبيسي أن طريقة نقل الفروج التركي إلى داخل الأراضي السورية غير مواتية للشروط الصحية ناهيك بمرور فترة طويلة تفصل بين ذبحه واستهلاكه وهذا يؤثر في الصحة العامة للمواطنين.
وأوضح أن هذا النوع من الفروج يحقن في يوم الذبح أو قبل ذلك بيوم بأدوية ثبت تأثيرها في صحة المواطن إضافة إلى أنه يربى في الأساس في مداجن تستخدم العلف الحيواني بدل العلف النباتي بهدف زيادة وزنه بسرعة وهذا يؤثر في الصحة وهو غير مكفول صحياً حيث يصل بطريقة غير نظامية وعلى الأغلب تكون صلاحيته للاستهلاك منتهية زيادة على أنه يسبب الكثير من الأمراض ومنها الإسهالات والحمى التيفية وغير ذلك.
ويرى قرنفلة أن تهريب لحوم الدجاج خرق خطير لطوق الحماية الوطنية للصحة العامة وأن تهريب لحوم الدواجن من بعض الدول المجاورة يعد جزءاً من الحرب الكونية التي تتعرض لها سورية، وفي حالات استيراد لحوم الدجاج بطريقة نظامية، فإن قانون حماية الثروة الحيوانية النافذ في سورية يفرض شروطاً صارمة ويطبق طوق حماية شديداً يضمن وصول لحوم دجاج سليمة صحياً لا تحمل أمراضاً للبشر أو للدجاج، حيث يفرض القانون التأكد من خلو البلد والمحافظة والمنطقة المقترح الاستيراد منها من الأمراض والأوبئة الحيوانية التي تصيب الدجاج، وإيفاد لجان فنية مختصة من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي تقوم بزيارة مزارع الدجاج المقترح الاستيراد منها في بلد المصدر والتأكد من خلوها من الأمراض وفحص علائقها، ومرافقة الطيور إلى المجازر بعد التأكد من تلبية هذه المجازر للشروط والمقاييس الدولية Hazard Analysis and Critical Control Point(HACCP) وكذلك ISO22000 والإشراف على عملية الذبح وفق الطريقة الإسلامية، ومتابعة عمليات تجهيز وتوضيب الطيور وتغليفها وتجميدها، وكذلك الإشراف على شحنها إلى البلاد.
مخاطر صحية كبيرة
ويضيف قرنفلة إن الإحصاءات تشير إلى أن «80%» من الأمراض الأكثر شيوعاً وخطراً على الإنسان ناتجة عن تناول الغذاء الملوث.. واللحوم تعدّ أكثر الأطعمة تناولاً ولها قابلية سريعة للتلف ويعدها المختصون في التغذية أنها وسط للنمو السريع للبكتيريا، وأنها تحتوي على مكونات غذائية تساعد في نمو الكائنات الحية وأن فسادها قد يلاحظ بدرجة كبيرة، إلا أن الأخطر من ذلك أن التلوث يبدأ منذ عملية ذبح الطيور والسلخ ونزع الأحشاء، فقد ثبت أنها تتعرض لكثير من الملوثات قد لا تظهر للمستهلك عند شرائها، كما أن طريقة العرض الخاطئة تعرض اللحوم للتلوث بعوادم السيارات والمعادن التي تنبعث منها وثبت أنها تسبب أمراضاً خطيرة.
وتعرّف صحة الأغذية بأنها كل الاشتراطات والمعايير الضرورية للتأكد من سلامة الغذاء وملاءمته للاستهلاك البشري في كل مراحل السلسلة الغذائية طبقاً لتعريف منظمة الأغذية والصحة العالمية عام 1999، وتتطلب الممارسات الصحية الدولية للحوم تضافر كل الجهود المستفيدة سواء من العاملين في الصناعة أو الجهات الحكومية، ومن أهم المخاطر التي يمكن أن تحملها لحوم الفروج المهربة:
المخاطر الكيميائية: تدخل في السلسة الغذائية بداية من مستوى الإنتاج الأولي للغذاء/ متبقيات الأدوية البيطرية ومتبقيات المبيدات والملوثات الصناعية والبيئية ومحفزات النمو غير المشروعة والمعادن مثل الرصاص/ وحتى وصولها للمستهلك.
المخاطر الفيزيائية: وتشمل ما تتعرض له الدواجن أثناء عمليات نقلها، وتداولها وخزنها كالتعرض للحرارة المرتفعة، أو عدم إخضاعها للتبريد السريع بعد الذبح والتجهيز.
مخاطر بيولوجية: كان فحص اللحوم سابقاً يعتمد على الفحص الميكروبي لكشف التلوث الميكروبي للإصابات الخطيرة وهي تشمل على سبيل المثال أمراضاً مثل الميكروبات الممرضة. والدراسات الحديثة أظهرت مخاطر ميكروبيولوجية تؤثر بفعالية في صحة الإنسان وتنتقل إليه من طيور سليمة مثل السالمونيلا والأشيرشيا كولاي.
وتظهر أهمية تجنب المخاطر أو السيطرة على المخاطر المؤثرة في الصحة العامة ومدى توافقها مع السيطرة في تجنب الأمراض لتطبيق الاشتراطات الصحية للحوم، وهذان الاتجاهان يشكلان معاً جانباً مهماً لمراقبة الأغذية بداية من الإنتاج وحتى الاستهلاك.
وتقوم الحكومات بوضع المواصفات الغذائية لتسهيل حركة التجارة الدولية من خلال الالتزام بمعايير صحة الغذاء على أسس علمية وقياس المخاطر كوسيلة لتحقيق أعلى كفاءة لتنفيذ برامج صحة الغذاء بصورة أكبر فعالية.
وتحليل المخاطر في مجال سلامة الغذاء أصبح يمثل ضرورة مهمة في العلاقات الدولية في ظل حرية التجارة، والمجتمع الدولي يؤيد الإجراءات التي تتخذها الدول لوضع ضوابط مناسبة لمراقبة إنتاج الغذاء للمحافظة على صحة وسلامة الإنسان.
إلا أن تهريب لحوم الدجاج عبر الحدود يبدد الإجراءات الحكومية ويفتح الباب واسعاً لاحتمال نقل أمراض خطيرة للإنسان أو لقطعان الدجاج المحلية وما يحمله ذلك من مخاطر واسعة صحية واقتصادية واجتماعية.
ويرى قرنفلة أن لحوم الدجاج المهرب وراء ارتفاع أسعار لحم الفروج حالياً
يؤكد كثير من العاملين في السلاسل التسويقية أن موجات لحم الفروج المشبوهة التي دخلت البلاد تهريباً خلال الأشهر الماضية وتم طرحها بأسعار تقل عن سعر تكلفة المنتج المحلي، أدت إلى إلحاق خسائر فادحة بالمنتجين المحليين وخروج عدد كبير منهم من حلقات الإنتاج ولعل هذا هو الهدف الأساس وراء إدخال لحوم الفروج المهربة إلى القطر.
ومع تراجع عدد العاملين في التربية وتراجع نسب تشغيل المداجن وانخفاض المعروض من لحم الفروج وانحسار عمليات التهريب بفعل ملاحقة الأجهزة الحكومية لقنوات التهريب وتطويقها ارتفعت أسعار لحم الفروج في السوق المحلية. وعن الأهمية الاقتصادية لقطاع الدواجن السوري يؤكد قرنفلة أن الدواجن لا تنتج البيض ولحم الفروج فقط، بل تعمل بأنشطة تربيتها وتجارتها وتسويقها سلاسل طويلة من حلقات الإنتاج وخدمات الإنتاج والصناعات المكملة والمساندة، بدءاً من مستلزمات الإنتاج وانتهاء بسلاسل التسويق، وتقدم لحوم الدجاج وبيضها إسهاماً مهماً في غذاء كل من سكان الريف والحضر الذين تزايدت أعدادهم بوتيرة سريعة. ويعد نشاط تربية وإنتاج منتجات الدواجن في سورية من المكونات المهمة جداً في بنية الاقتصاد الزراعي السوري وحقق إنجازات كبيرة في فترة ما قبل الأزمة من حيث حجم الصادرات، حيث شهد نشاط تربية الدواجن في سورية تطوراً كبيراً، شمل الجوانب الفنية كلها المتعلقة بإنتاج بيض المائدة ولحم الفروج ومعالجة الأمراض والحد من انتشار الأوبئة المرضية باستخدام الأدوية واللقاحات البيطرية، وبناء المنشآت الكبيرة ذات الطاقات الإنتاجية الضخمة التي تحتوي على التجهيزات الحديثة والمسالخ الآلية ومعامل تصنيع الأعلاف، ومصانع تصنيع تجهيزات المداجن، ومصانع صناعة منتجات لحم الدجاج كالمرتديلا، وصناعة «المايونيز»، والمخبوزات التي يدخل البيض في تركيبها، وما ساعد على التوسع في إنتاج منتجات الدجاج في سورية، تطور حجم الطلب المحلي على تلك المنتجات، بفعل نمو الوعي الغذائي، وزيادة مستوى دخل الفرد، وتوافر الكوادر الفنية المتخصصة في كل مجالات الإنتاج، وإنتاج سلالات ذات كفاءة إنتاجية جيدة وكفاءة تحويلية عالية، وتطور التقنيات، وسرعة استرداد رأس المال، لقد تحولت تربية الدواجن في سورية خلال العقدين الماضيين من تربية تقليدية تعتمد في أغلبها على المداجن المفتوحة، وإنتاجيتها المنخفضة، إلى عمليات متطورة ذات إنتاجية عالية، وذات أهمية اقتصادية كبيرة، حيث قدرت الاستثمارات الموظفة في هذا القطاع ما قبل الأزمة بـ /150 مليار ليرة/ كما يقدر عدد العاملين في مجال الإنتاج المباشر بحوالي /108.5/ ألف عامل وأسرة، أما في مجال الخدمات المساندة للإنتاج، فإن عدد العاملين فيها يتجاوز الـ /250/ ألف عامل، وتقدر قيمة منتجات القطاع عام 2010 بأكثر من / 58/ مليار ليرة سورية بالأسعار الجارية، وقدرت قيمة صادراته بـحوالي / 15.8/ مليار ليرة سورية عام 2009.
ويضيف المهندس قرنفلة: إن اتساع نطاق الاتجار باللحوم يزيد من مخاطر انتقال الأمراض المشتركة بين الانسان والحيوان داخل الحدود القطرية وخارجها، ويساهم دخول لحوم الدواجن المهربة عبر الحدود بنتائج كارثية صحية واجتماعية واقتصادية، حيث يرفع من احتمالات نقل الأمراض الحيوانية إلى البلاد، ويقلل من إمكانية فتح فرص عمل إضافية ويرفع نسب البطالة، ويعوق قدرة المنتج المحلي على النمو، ويعمق التبعية نحو الخارج، ولعل إدخال لحوم دواجن مجمدة مدعومة السعر من الدول المصدرة تهريباً وبيعها بأسعار أقل من أسعار المُنتج المحلي سيحمله خسارة تجعله غير قادر على الاستمرار في الإنتاج، وتالياً سوف تحول مئات آلاف العائلات العاملة في قطاع الدواجن والخدمات المساندة له من حالة النشاط الاقتصادي الفاعل إلى حالة البطالة وهو جزء من الحرب التي يتعرض لها بلدنا وتعد جريمة بحق الوطن والمواطنين بكل المقاييس.
جار السوء
في حين يرى الباحث الاقتصادي الدكتور سعد بساطة أن العـلاقة الجدلية العـجيبة بين الشاحنات التركية الضخمة التي تصل عـفرين وإدلب يومياً -من جار السوء- والجحافل التركية التي تتوعـد كلتا المدينتين لا تزال غير مفهمومة!
ويؤكد أن الحدود مفتوحة أمام التهريب؛ ولم تجد جولات دوريات الجمارك إلا بالحد الأدنى من اختفاء تلك المنتجات، أما عـن نوعية السلع, فهي ذات جودة منخفضة (يبرر لها سعـرها المنخفض) حيث إنها تركز عـلى المنافسة السعـرية لا أكثر, ولربما لدى المواطن – ولاسيما في شمال سورية – مسوغ لاقتناء تلك السلع؛ بسبب عـدم توافر السلع المحلية البديلة لأسباب كثيرة لن نتعرض لها الآن.
هذا بالنسبة للبضائع من مواد غـذائية (بسكوت وسكاكر الخ), ومنتجات نسيجية, وكيماوية, وكلها يشفع لها الطقس البارد في حفظها. أما عـن الفروج, فقد قامت بلدية حلب ودوريات حماية المستهلك بمصادرة كميات منها؛ لكونها لا تخضع لأدنى الشروط الصحية؛ وتالياً لا تصلح للإستهلاك البشري.. وحرصاً على تعزيز الأمن الغذائي، ومحاسبة المتلاعبين بالمواد والسلع المدعومة بهدف تحقيق مكاسب مادية على حساب مخصصات المواطنين وقوتهم اليومي صادرت دوريات قوى الأمن الداخلي 784 كيساً من الدقيق التمويني المهرب في محافظتي ريف دمشق وطرطوس، وبعد المتابعة وجمع المعلومات ضبطت دورية من قوى الأمن الداخلي في ريف دمشق مستودعاً يحوي 744 كيس دقيق تمويني ممهورة بختم الشركة العامة للمطاحن ومن مخصصات المخابز داخل إحدى المداجن في الكسوة . وتم تسليم المصادرات إلى مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق وتحويل المهربين إلى القضاء المختص.
حملة مستمرة
وكان موقع رئاسة الوزراء قد أكد استمرار حملة مكافحة التهريب، حيث أعلنت المديرية العامة للجمارك إغلاق عدد من المستودعات و المحال التجارية مؤخراً في عدد من المحافظات بسبب بيعها بضائع مهربة أغلبها ذات منشأ تركي تصل غرامتها إلى أكثر من 83,5 مليون ليرةية.
وأوضحت المديرية أنه تم إغلاق عدد من المحال التجارية في كل من التل في ريف دمشق وفي أحياء العزيزية والفرقان في حلب وحماة وفي شارع الحضارة في حمص وشارع 8 آذار والقنجرة في اللاذقية لبيعها بضائع مهربة ذات منشأ أجنبي تنوعت بين مواد غذائية وألبسة وأجهزة ومعدات صناعية ومستحضرات تجميل، وهناك عدد من القضايا قيد التحقيق ومتعلقة ببيع عدد من الشركات بضائع ومعدات صناعية مهربة ذات منشأ أجنبي تصل غرامتها إلى أكثر من 99 مليون ليرة سورية.
وتكثف المديرية العامة للجمارك في الفترة الأخيرة حملاتها ودورياتها الجمركية في جميع المحافظات لمكافحة البضائع المهربة، ضمن الحملة الشاملة التي تم إطلاقها بهدف مكافحة التهريب على المنافذ الحدودية وفي جميع المناطق داخل وخارج المدن وفي الأسواق التجارية، بهدف حماية الاقتصاد الوطني.
وهكذا يتبين مدى خطورة الفراريج التركية الفاسدة والتي هي أصلاً معدة للتلف تجهزها وتبعثها عبر الحدود ليتم تغليفها وكتابة وثائق على أنها ذات منشأ صحي إلا أنها تحمل سماً زعافاً تدخل بطون السوريين وتنتشر عبر بعض المتلاعبين وبائعي ضمائرهم إزاء بعض الألاف دون وازع أخلاقي فيغشون مواطناً لاهم له إلا شراء لقمة نظيفة لكن
يقول عضو مجلس الإدارة في المؤسسة العامة للدواجن، وعضو لجنة الدواجن صالح صالح إنهم يتابعون موضوع الفروج المهرب من تركيا منذ أكثر من عام ونصف العام، وإنه خلال الفترات الماضية كان المربون يبيعون بأقل من التكلفة، الأمر الذي جعل نسبة كبيرة منهم يخرجون من الإنتاج، وكانت الإشكالية أن الفروج الذي يأتي من محافظة إدلب يتم التعامل معه كإنتاج أي محافظة سورية أخرى، فيمر على كل الجهات الرقابية، ومن ثم يدخل الأسواق بشكل نظامي، ولهذا ملأ الفروج التركي المهرب الأسواق، وهو يدخل ضمن تلك البضائع المحلية على أنه من منتجات محافظة إدلب، حتى انخفض سعر كيلو الفروج المحلي إلى 400- 500 ليرة وهذا سعر أقل من التكلفة بكثير كما يضيف صالح، ومع تزايد الخسائر كل يوم، خرج الصغار من المربين، لأن السمة العامة للعاملين في الدواجن أنهم من المربين الصغار الذين يعملون بكميات محدودة تتراوح بين 2000- 3000 طير وهؤلاء يصعب عليهم تحمل الخسائر.
وعندما جاءت حملة مكافحة الفروج التركي ساهمت بضبط المعابر ومنع التهريب بنسبة 80% وهذا ساعد في صعود سعر الفروج في السوق، لأن الكميات التي كانت تدخل يومياً كبيرة جداً، ويقدرها صالح بنحو عشرة برادات سعة الواحد منها تتراوح بين 20-25 طناً، وما كان يدخل غالباً هو فروج فاسد منتهي الصلاحية كانوا يدفعون في تركيا للتخلص منه، لكنهم أصبحوا يدخلونه إلى سورية، إذ لا يمكن للمواطنين من أصحاب الدخل المحدود الذين يسعون للحصول على السلعة الأرخص أن يميزوا أن هذا الفروج مجمد أو حي بعدما يذاب ثلجة، إلا عند طبخه، عندها يكتشفون أنهم تعرضوا للغش، ويكونون الضحية دائماً.
يضيف صالح أنهم حاولوا مراراً وتكراراً وطالبوا بتخفيض الرسوم الجمركية على الأعلاف فهناك رسوم تصل إلى 10 % وهذا ينعكس على سعر المنتج النهائي، بينما الرسوم أقل في دول الجوار فلبنان مثلاً, أعفت الأعلاف من الرسوم الجمركية بينما الرسوم المرتفعة محلياً تؤثر في المنافسة مع المنتجات التي تغزو الأسواق.
أمراض بالجملة
وأشار الكثير من المهتمين بالشؤون الصحية إلى أن طريقة تغذية الفروج السوري أكثر صحية من تلك التي تصل من تركيا، لأنه يتم اعتماد التغذية النباتية غالباً للفروج المحلي، بينما يغذى الفروج التركي الذي يصل الأسواق المحلية على مواد غير صحية، وهي مواد علفية تدخل فيها بقايا حيوانية مطحونة مع الخلطة العلفية. المستشار الفني في اتحاد الغرف الزراعية السورية عبد الرحمن قرنفلة يؤكد أن تربية الدجاج في سورية تخضع لرقابة صحية بيطرية صارمة في جميع مراحل الإنتاج، كما تتابع أجهزة الرقابة الصحية في الوحدات الإدارية مراقبة عمليات الذبح والتوزيع والأسواق ضماناً لمنع انتقال أي أمراض إلى المواطنين عبر لحوم الدجاج بينما لا تخضع اللحوم المهربة لأي نوع من الرقابة الصحية، ما يجعل احتمالات نقلها لأمراض مختلفة وخطيرة للبشر أمراً وارد الحدوث بنسب مرتفعة.
دون المستوى
رئيس اتحاد المصدرين محمد السواح يرى أن البضائع المهربة تباع بأسعار متدنية ولكن كل البضائع المهربة لا تحقق الشروط الصحية المطلوبة، فالفروج التركي مقارنة بالسوري من حيث التكلفة أقل سعراً بنحو 20- 30%، لذلك فإن الفروج المهرب أرخص من الفروج السوري بنحو 20-30% الأمر الذي يشير إلى أن ما يباع في أسواقنا غير صالح للاستهلاك البشري، وهذا يعني أن يتم تهريب لفروج تركي مجهول الهوية إلى الأسواق.
وأضاف السواح أنه منذ عام وحتى الآن كل المواد الحيوانية والغذائية التي تمت مصادرتها في الأسواق السورية تبين أنها فاسدة ومجهولة الهوية ولا توجد فيها فاتورة، ويرى أن على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مصادرة كل المواد المهربة وفرض عقوبات على أصحابها وهذا ما يحصل في كل دول العالم، أما وزارة الصحة فهي أيضاً لا تقوم بدورها في تحليل المواد الموجودة في الأسواق وخاصة مواد الأطفال المهربة, بالشكل المطلوب, ويرى أن وجود منافذ بيع للمواد المهربة يشجع على التهريب.
وعن الآثار الصحية للفروج المهرب يقول مدير الشؤون الصحية في مجلس مدينة حلب الدكتور محسن مزيك: إن هناك عاملي خطورة من الفروج المهرب، الأول طريقة ذبح الفروج فإذا كان مذبوحاً ومازال رأس الدجاجة موجوداً فهو على الطريقة الإسلامية وهذه الطريقة تكون تقريباً خالية من الأمراض، لكن في حال عدم وجود رأس الدجاجة فإن الفروج قد تم صعقه كهربائياً، ونلاحظ أن لونه غامق ولا يزال في داخله دم ويحتوي جلد الفروج على جرثومة «مايكرو بكتيريوم» التي تتكاثر عند إخراج الفروج من الثلاجة إلى الدفء ومن ثم إعادتها إلى الثلاجة من دون طهوها وهذه الجرثومة تسبب حالات تسمم للمستهلك ( إسهلات، إقياء، ارتفاع درجة حرارة).
ويضيف مزيك: أما الخطر الثاني من الفروج المهرب فيأتي من عملية التخزين حيث يحتاج الفروج عند نقله إلى سيارة خاصة « براد» لا تزيد درجة حرارتها على (-18) درجة تحت الصفر وأي خلل في عملية التجميد يؤدي إلى نمو الفطر على الفروج الذي يؤدي إلى فساد اللحم ويصبح ضاراً بصحة المستهلك.
يحقن قبل الذبح
كما أكد مدير الشؤون الصحية في مجلس مدينة حماة الدكتور محمود عبيسي أن طريقة نقل الفروج التركي إلى داخل الأراضي السورية غير مواتية للشروط الصحية ناهيك بمرور فترة طويلة تفصل بين ذبحه واستهلاكه وهذا يؤثر في الصحة العامة للمواطنين.
وأوضح أن هذا النوع من الفروج يحقن في يوم الذبح أو قبل ذلك بيوم بأدوية ثبت تأثيرها في صحة المواطن إضافة إلى أنه يربى في الأساس في مداجن تستخدم العلف الحيواني بدل العلف النباتي بهدف زيادة وزنه بسرعة وهذا يؤثر في الصحة وهو غير مكفول صحياً حيث يصل بطريقة غير نظامية وعلى الأغلب تكون صلاحيته للاستهلاك منتهية زيادة على أنه يسبب الكثير من الأمراض ومنها الإسهالات والحمى التيفية وغير ذلك.
ويرى قرنفلة أن تهريب لحوم الدجاج خرق خطير لطوق الحماية الوطنية للصحة العامة وأن تهريب لحوم الدواجن من بعض الدول المجاورة يعد جزءاً من الحرب الكونية التي تتعرض لها سورية، وفي حالات استيراد لحوم الدجاج بطريقة نظامية، فإن قانون حماية الثروة الحيوانية النافذ في سورية يفرض شروطاً صارمة ويطبق طوق حماية شديداً يضمن وصول لحوم دجاج سليمة صحياً لا تحمل أمراضاً للبشر أو للدجاج، حيث يفرض القانون التأكد من خلو البلد والمحافظة والمنطقة المقترح الاستيراد منها من الأمراض والأوبئة الحيوانية التي تصيب الدجاج، وإيفاد لجان فنية مختصة من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي تقوم بزيارة مزارع الدجاج المقترح الاستيراد منها في بلد المصدر والتأكد من خلوها من الأمراض وفحص علائقها، ومرافقة الطيور إلى المجازر بعد التأكد من تلبية هذه المجازر للشروط والمقاييس الدولية Hazard Analysis and Critical Control Point(HACCP) وكذلك ISO22000 والإشراف على عملية الذبح وفق الطريقة الإسلامية، ومتابعة عمليات تجهيز وتوضيب الطيور وتغليفها وتجميدها، وكذلك الإشراف على شحنها إلى البلاد.
مخاطر صحية كبيرة
ويضيف قرنفلة إن الإحصاءات تشير إلى أن «80%» من الأمراض الأكثر شيوعاً وخطراً على الإنسان ناتجة عن تناول الغذاء الملوث.. واللحوم تعدّ أكثر الأطعمة تناولاً ولها قابلية سريعة للتلف ويعدها المختصون في التغذية أنها وسط للنمو السريع للبكتيريا، وأنها تحتوي على مكونات غذائية تساعد في نمو الكائنات الحية وأن فسادها قد يلاحظ بدرجة كبيرة، إلا أن الأخطر من ذلك أن التلوث يبدأ منذ عملية ذبح الطيور والسلخ ونزع الأحشاء، فقد ثبت أنها تتعرض لكثير من الملوثات قد لا تظهر للمستهلك عند شرائها، كما أن طريقة العرض الخاطئة تعرض اللحوم للتلوث بعوادم السيارات والمعادن التي تنبعث منها وثبت أنها تسبب أمراضاً خطيرة.
وتعرّف صحة الأغذية بأنها كل الاشتراطات والمعايير الضرورية للتأكد من سلامة الغذاء وملاءمته للاستهلاك البشري في كل مراحل السلسلة الغذائية طبقاً لتعريف منظمة الأغذية والصحة العالمية عام 1999، وتتطلب الممارسات الصحية الدولية للحوم تضافر كل الجهود المستفيدة سواء من العاملين في الصناعة أو الجهات الحكومية، ومن أهم المخاطر التي يمكن أن تحملها لحوم الفروج المهربة:
المخاطر الكيميائية: تدخل في السلسة الغذائية بداية من مستوى الإنتاج الأولي للغذاء/ متبقيات الأدوية البيطرية ومتبقيات المبيدات والملوثات الصناعية والبيئية ومحفزات النمو غير المشروعة والمعادن مثل الرصاص/ وحتى وصولها للمستهلك.
المخاطر الفيزيائية: وتشمل ما تتعرض له الدواجن أثناء عمليات نقلها، وتداولها وخزنها كالتعرض للحرارة المرتفعة، أو عدم إخضاعها للتبريد السريع بعد الذبح والتجهيز.
مخاطر بيولوجية: كان فحص اللحوم سابقاً يعتمد على الفحص الميكروبي لكشف التلوث الميكروبي للإصابات الخطيرة وهي تشمل على سبيل المثال أمراضاً مثل الميكروبات الممرضة. والدراسات الحديثة أظهرت مخاطر ميكروبيولوجية تؤثر بفعالية في صحة الإنسان وتنتقل إليه من طيور سليمة مثل السالمونيلا والأشيرشيا كولاي.
وتظهر أهمية تجنب المخاطر أو السيطرة على المخاطر المؤثرة في الصحة العامة ومدى توافقها مع السيطرة في تجنب الأمراض لتطبيق الاشتراطات الصحية للحوم، وهذان الاتجاهان يشكلان معاً جانباً مهماً لمراقبة الأغذية بداية من الإنتاج وحتى الاستهلاك.
وتقوم الحكومات بوضع المواصفات الغذائية لتسهيل حركة التجارة الدولية من خلال الالتزام بمعايير صحة الغذاء على أسس علمية وقياس المخاطر كوسيلة لتحقيق أعلى كفاءة لتنفيذ برامج صحة الغذاء بصورة أكبر فعالية.
وتحليل المخاطر في مجال سلامة الغذاء أصبح يمثل ضرورة مهمة في العلاقات الدولية في ظل حرية التجارة، والمجتمع الدولي يؤيد الإجراءات التي تتخذها الدول لوضع ضوابط مناسبة لمراقبة إنتاج الغذاء للمحافظة على صحة وسلامة الإنسان.
إلا أن تهريب لحوم الدجاج عبر الحدود يبدد الإجراءات الحكومية ويفتح الباب واسعاً لاحتمال نقل أمراض خطيرة للإنسان أو لقطعان الدجاج المحلية وما يحمله ذلك من مخاطر واسعة صحية واقتصادية واجتماعية.
ويرى قرنفلة أن لحوم الدجاج المهرب وراء ارتفاع أسعار لحم الفروج حالياً
يؤكد كثير من العاملين في السلاسل التسويقية أن موجات لحم الفروج المشبوهة التي دخلت البلاد تهريباً خلال الأشهر الماضية وتم طرحها بأسعار تقل عن سعر تكلفة المنتج المحلي، أدت إلى إلحاق خسائر فادحة بالمنتجين المحليين وخروج عدد كبير منهم من حلقات الإنتاج ولعل هذا هو الهدف الأساس وراء إدخال لحوم الفروج المهربة إلى القطر.
ومع تراجع عدد العاملين في التربية وتراجع نسب تشغيل المداجن وانخفاض المعروض من لحم الفروج وانحسار عمليات التهريب بفعل ملاحقة الأجهزة الحكومية لقنوات التهريب وتطويقها ارتفعت أسعار لحم الفروج في السوق المحلية. وعن الأهمية الاقتصادية لقطاع الدواجن السوري يؤكد قرنفلة أن الدواجن لا تنتج البيض ولحم الفروج فقط، بل تعمل بأنشطة تربيتها وتجارتها وتسويقها سلاسل طويلة من حلقات الإنتاج وخدمات الإنتاج والصناعات المكملة والمساندة، بدءاً من مستلزمات الإنتاج وانتهاء بسلاسل التسويق، وتقدم لحوم الدجاج وبيضها إسهاماً مهماً في غذاء كل من سكان الريف والحضر الذين تزايدت أعدادهم بوتيرة سريعة. ويعد نشاط تربية وإنتاج منتجات الدواجن في سورية من المكونات المهمة جداً في بنية الاقتصاد الزراعي السوري وحقق إنجازات كبيرة في فترة ما قبل الأزمة من حيث حجم الصادرات، حيث شهد نشاط تربية الدواجن في سورية تطوراً كبيراً، شمل الجوانب الفنية كلها المتعلقة بإنتاج بيض المائدة ولحم الفروج ومعالجة الأمراض والحد من انتشار الأوبئة المرضية باستخدام الأدوية واللقاحات البيطرية، وبناء المنشآت الكبيرة ذات الطاقات الإنتاجية الضخمة التي تحتوي على التجهيزات الحديثة والمسالخ الآلية ومعامل تصنيع الأعلاف، ومصانع تصنيع تجهيزات المداجن، ومصانع صناعة منتجات لحم الدجاج كالمرتديلا، وصناعة «المايونيز»، والمخبوزات التي يدخل البيض في تركيبها، وما ساعد على التوسع في إنتاج منتجات الدجاج في سورية، تطور حجم الطلب المحلي على تلك المنتجات، بفعل نمو الوعي الغذائي، وزيادة مستوى دخل الفرد، وتوافر الكوادر الفنية المتخصصة في كل مجالات الإنتاج، وإنتاج سلالات ذات كفاءة إنتاجية جيدة وكفاءة تحويلية عالية، وتطور التقنيات، وسرعة استرداد رأس المال، لقد تحولت تربية الدواجن في سورية خلال العقدين الماضيين من تربية تقليدية تعتمد في أغلبها على المداجن المفتوحة، وإنتاجيتها المنخفضة، إلى عمليات متطورة ذات إنتاجية عالية، وذات أهمية اقتصادية كبيرة، حيث قدرت الاستثمارات الموظفة في هذا القطاع ما قبل الأزمة بـ /150 مليار ليرة/ كما يقدر عدد العاملين في مجال الإنتاج المباشر بحوالي /108.5/ ألف عامل وأسرة، أما في مجال الخدمات المساندة للإنتاج، فإن عدد العاملين فيها يتجاوز الـ /250/ ألف عامل، وتقدر قيمة منتجات القطاع عام 2010 بأكثر من / 58/ مليار ليرة سورية بالأسعار الجارية، وقدرت قيمة صادراته بـحوالي / 15.8/ مليار ليرة سورية عام 2009.
ويضيف المهندس قرنفلة: إن اتساع نطاق الاتجار باللحوم يزيد من مخاطر انتقال الأمراض المشتركة بين الانسان والحيوان داخل الحدود القطرية وخارجها، ويساهم دخول لحوم الدواجن المهربة عبر الحدود بنتائج كارثية صحية واجتماعية واقتصادية، حيث يرفع من احتمالات نقل الأمراض الحيوانية إلى البلاد، ويقلل من إمكانية فتح فرص عمل إضافية ويرفع نسب البطالة، ويعوق قدرة المنتج المحلي على النمو، ويعمق التبعية نحو الخارج، ولعل إدخال لحوم دواجن مجمدة مدعومة السعر من الدول المصدرة تهريباً وبيعها بأسعار أقل من أسعار المُنتج المحلي سيحمله خسارة تجعله غير قادر على الاستمرار في الإنتاج، وتالياً سوف تحول مئات آلاف العائلات العاملة في قطاع الدواجن والخدمات المساندة له من حالة النشاط الاقتصادي الفاعل إلى حالة البطالة وهو جزء من الحرب التي يتعرض لها بلدنا وتعد جريمة بحق الوطن والمواطنين بكل المقاييس.
جار السوء
في حين يرى الباحث الاقتصادي الدكتور سعد بساطة أن العـلاقة الجدلية العـجيبة بين الشاحنات التركية الضخمة التي تصل عـفرين وإدلب يومياً -من جار السوء- والجحافل التركية التي تتوعـد كلتا المدينتين لا تزال غير مفهمومة!
ويؤكد أن الحدود مفتوحة أمام التهريب؛ ولم تجد جولات دوريات الجمارك إلا بالحد الأدنى من اختفاء تلك المنتجات، أما عـن نوعية السلع, فهي ذات جودة منخفضة (يبرر لها سعـرها المنخفض) حيث إنها تركز عـلى المنافسة السعـرية لا أكثر, ولربما لدى المواطن – ولاسيما في شمال سورية – مسوغ لاقتناء تلك السلع؛ بسبب عـدم توافر السلع المحلية البديلة لأسباب كثيرة لن نتعرض لها الآن.
هذا بالنسبة للبضائع من مواد غـذائية (بسكوت وسكاكر الخ), ومنتجات نسيجية, وكيماوية, وكلها يشفع لها الطقس البارد في حفظها. أما عـن الفروج, فقد قامت بلدية حلب ودوريات حماية المستهلك بمصادرة كميات منها؛ لكونها لا تخضع لأدنى الشروط الصحية؛ وتالياً لا تصلح للإستهلاك البشري.. وحرصاً على تعزيز الأمن الغذائي، ومحاسبة المتلاعبين بالمواد والسلع المدعومة بهدف تحقيق مكاسب مادية على حساب مخصصات المواطنين وقوتهم اليومي صادرت دوريات قوى الأمن الداخلي 784 كيساً من الدقيق التمويني المهرب في محافظتي ريف دمشق وطرطوس، وبعد المتابعة وجمع المعلومات ضبطت دورية من قوى الأمن الداخلي في ريف دمشق مستودعاً يحوي 744 كيس دقيق تمويني ممهورة بختم الشركة العامة للمطاحن ومن مخصصات المخابز داخل إحدى المداجن في الكسوة . وتم تسليم المصادرات إلى مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق وتحويل المهربين إلى القضاء المختص.
حملة مستمرة
وكان موقع رئاسة الوزراء قد أكد استمرار حملة مكافحة التهريب، حيث أعلنت المديرية العامة للجمارك إغلاق عدد من المستودعات و المحال التجارية مؤخراً في عدد من المحافظات بسبب بيعها بضائع مهربة أغلبها ذات منشأ تركي تصل غرامتها إلى أكثر من 83,5 مليون ليرةية.
وأوضحت المديرية أنه تم إغلاق عدد من المحال التجارية في كل من التل في ريف دمشق وفي أحياء العزيزية والفرقان في حلب وحماة وفي شارع الحضارة في حمص وشارع 8 آذار والقنجرة في اللاذقية لبيعها بضائع مهربة ذات منشأ أجنبي تنوعت بين مواد غذائية وألبسة وأجهزة ومعدات صناعية ومستحضرات تجميل، وهناك عدد من القضايا قيد التحقيق ومتعلقة ببيع عدد من الشركات بضائع ومعدات صناعية مهربة ذات منشأ أجنبي تصل غرامتها إلى أكثر من 99 مليون ليرة سورية.
وتكثف المديرية العامة للجمارك في الفترة الأخيرة حملاتها ودورياتها الجمركية في جميع المحافظات لمكافحة البضائع المهربة، ضمن الحملة الشاملة التي تم إطلاقها بهدف مكافحة التهريب على المنافذ الحدودية وفي جميع المناطق داخل وخارج المدن وفي الأسواق التجارية، بهدف حماية الاقتصاد الوطني.
وهكذا يتبين مدى خطورة الفراريج التركية الفاسدة والتي هي أصلاً معدة للتلف تجهزها وتبعثها عبر الحدود ليتم تغليفها وكتابة وثائق على أنها ذات منشأ صحي إلا أنها تحمل سماً زعافاً تدخل بطون السوريين وتنتشر عبر بعض المتلاعبين وبائعي ضمائرهم إزاء بعض الألاف دون وازع أخلاقي فيغشون مواطناً لاهم له إلا شراء لقمة نظيفة لكن
Views: 332