تُعتبر فترة الأعياد “أفضل مواسم السنة”. نتتظرها بفارغ الصبر، ونفرح بالتقاء الأهل والأحبّاء، لكن بعد انتهاء الموسم نشعر بفراغ بعد حماسة مفرطة. نحن على مشارف الأسبوع الثاني من السنة الجديدة. تكاد أضواء الأعياد أن تطفأ. المغتربون عادوا إلى الخارج. مظاهر العيد تخبو.
وفي حين، وبحسب دراسات عالمية، تشكّل العودة إلى الواقع والعمل كالمعتاد مصدر ارتياح كبيراً بالنسبة الى البعض، خصوصاً بعد ضغط الإنفاق خلال الأعياد، فإنها تؤدي إلى نوبة من الكآبة بالنسبة الى البعض الآخر.
تُعرف هذه الحالة بـ”كآبة ما بعد الأعياد”، وهي كناية عن إجهاد أو اكتئاب، ويبقى تأثير هذا الإحباط بعد فترة من الانفعال الشديد والتوتر. تُنتج هذه الكآبة عوارض عدّة منها: الاضطراب والقلق، فضلاً عن الأرق، وانخفاض الطاقة، وصعوبة التركيز. ولكن على عكس الاكتئاب المستدام، فإن هذه الحالة قصيرة الأمد.
تشرح المعالجة النفسية لوزيان فرح خيرو لـ”النهار” أنّ هذه الحالة هي نوع من انزعاج نفسي واضطراب بالمزاج تظهر عادةً بعد مناسبة كبيرة، ولا تتوقف فقط على الأعياد”.
وتشير إلى أنّه “من الممكن أن نشعر بعد مناسبة بأرق وتعب، لكن ما يجب فعله هو أن ننسحب تدريجياً من جو العيد، وأن نحافظ على هذه الذكريات، من خلال التواصل الدائم مع الأحباء والأفراد الذين اجتمعنا معهم”، مضيفةً أن “هذه الحالة تحتاج فقط الى معاينة نفسية في حال كان الفرد يشعر بهذه الأعراض قبل المناسبات والاحتفالات. وفي حال كان يشعر بأنها تفاقمت وأنّ حالته النفسية ساءت، فهو بحاجة الى دعم، لكن إذا كانت هذه المشاعر موقتة فلا داعي للقلق”.
من جهة أخرى، تعتبر الأخصائيّة النفسية أليسا رشدان أن هذه الفترة تشهد نوعاً من “الفراغ النفسي”، وذلك لأسباب منها:
الضغط النفسي جراء عطلة طويلة، ثمّ العودة إلى الحياة العمليّة، خصوصاً بعد الاستمتاع ببضعة أسابيع مع العائلة. في الموازاة، من الممكن أن تكون العائلة المضطربة السبب الرئيسي لتفاقم الحالة النفسيّة للفرد.
السبب الثاني هو التوقّعات العالية خلال فترة الأعياد. تشرح رشدان في هذا الإطار أنّ “توقّعات الاحتفال بالأعياد تتأثر بشكل كبير بمواقع التواصل الاجتماعي، التي تخلق صورة مثالية تتخطّى الميزانية الطبيعيّة، خاصةً في لبنان جرّاء الأزمات الاقتصادية والعبء المادي”.
من الأسباب الأخرى الشعور بالفراغ بعد عودة المغتربين إلى الخارج، فضلاً عن الكآبة الموسميّة الشائعة في فصل الشتاء، والشعور بعبء المسؤولية لما خططنا لإنجازه خلال السنة الجديدة.
ما هي الحلول للتخفيف من هذه الحالة؟
-ألا نعيش في الماضي ونتطلع إلى السنة الجديدة، ونركّز على المستقبل.
-ألا يتردّد الفرد برفض المناسبات في حال شكّلت له ضرراً مادياً، خاصةً بعد الإنفاق الزائد في فترة الأعياد.
-تنظيم حياتنا والتسلّح بالقليل من التفاؤل.
-عدم وضع توقعات عالية من الممكن أن تخذلنا.
-المحافظة على روتين فسحات من الترفيه في حياتنا بشكل أسبوعي.
-البحث عن نشاطات جديدة قد تثير اهتمامنا.
Views: 15