كمال خلف
حضرة صاحب السمو الشيخ “تميم بن حمد” هذه رسالة مفتوحة امام الرأي العام وأمام الله عز جل من مواطن عربي مسحوق و غلبان الى سموك. لعلها تصلك هذه الكلمات النابعة من قلب اعتصره الحزن والالم على امة يتم شطبها من خارطة التأثير، وتعيش اسوء مراحل عصر التدهور.
صاحب السمو: ان سورية التي ضربها زلزال مدمر ترك آلاف الضحايا وعشرات آلاف المنكوبين والمشردين والجرحى تعيش مأساة القرن وشعبها يئن تحت وطأة كارثة مضاعفة بعد سنوات الحرب والحصار، ملايين في سورية اصبحوا تحت خط الفقر ينهشهم الفقر والجوع والعوز والبرد.. أطفال ونساء وشيوخ وأسر كريمة مستورة أضحت بلا مأوى او معيل. وقد تكون مطلع على ذلك عبر تقارير من المفترض انها تصل اليك.
وقد هبت العديد من دول العالم وفي مقدمتها دول عربية وإسلامية للنجدة والإغاثة بما تستطيع من إمكانات مشكورة، وتخلفت دول قطر عن ذلك. اعلم انكم تساعدون اخوتنا في تركيا وهذا عمل انساني يشهد لكم به. وتساعدون إخواننا في شمال سورية حيث لا سيطرة للحكومة السورية، وهذا عمل مبارك، لكن استثناء مناطق مثل حلب واللاذقية وجبلة وحماه بسبب وقوعها في مناطق الحكومة السورية او “النظام” كما تسمونه من الإغاثة، وحجب أي تعاطف معهم او نقل معاناتهم، او حتى التعزية بهم. اسمح لي ان أقول ان هذا التوجه خاطئ، وهو يضر بدولة قطر وسمعتها ومستقبلها، اكثر من ضرره على السوريين في لحظة مؤلمه ولكنها عابرة في مسار التاريخ.
ان النزعة الإنسانية لا تفرق بين انسان واخر على أساس اين يقيم، ان الاخوة العربية والدم العربي والشهامة والاصالة والشرف العربي يوجب التعالي على الخلافات السياسية والفزعة لإنقاذ الناس البسطاء والاشقاء والبشر في أي مكان وبغض النظر عن الخلاف السياسي مع الحكومة او الاختلاف في التوجهات. ويتوجب على دولة قطر مساعدة الاخوة والشعب السوري في حلب واللاذقية وجبلة وحماه تمام مثل هبتها لمساعدة الشعب السوري في ادلب وجنديرس وغيرها من مناطق الشمال.
اذا كان ثمة خلاف سياسي وقطيعة بينكم وبين القيادة السورية فل يكن، ولا يطلب منك أحدا ان تغير في توجهاتك السياسية وفق ما تراه يخدم مصالح دولتك. لكن في ذات الوقت ليس ثمة خلاف سياسي بين الشعبين السوري والقطري. انما تعاطف وألم مشترك، وانا على ثقة ان شعبك القطري يتألم لكل سوري ولا يفرق بين من يجلس في العراء في حلب او من ينام في البرد في ادلب، فالشعب السوري كله منكوب ويحتاج الى حضن اشقائه العرب. ولطالما كانت سورية السباقة في مد يد العون لجميع العرب في محنهم ومصائبهم ولم تبخل يوما ولم تتردد لحظة واحدة في تقديم حتى الأرواح من اجل قضايا العرب.
صاحب السمو : لعلك تعلم او سمعت عن هبة السوريين في كل المدن كما العرب والمسلمين في كل الدول للدفاع عن قطر في وجه التنمر والعنصرية والتشويش الذي مارسته دول غربية اثناء استضافة دولة قطر لكأس العالم. لقد منحوكم المحبة والتعاطف وهذا اغلى واثمن من كل كنوز ومال الأرض. لم يقل مئات آلاف النشطاء السوريين في دمشق وحمص وحلب وغيرها من المدن ان ثمة خلاف سياسي يستوجب الامتناع عن الدفاع عن اخوة لنا يحققون إنجازا مشتركا يرفع رأس العرب جميعا.
الشعب السوري شعب عزيز كريم النفس، موفور الكرامة والعزة والكبرياء، كلمة تعاطف ومواساة ومشاهدة الاخوة العرب يتقاطرون نحوه، وتهبط طائراتهم في بلاده اهم واعظم عنده من الخبز والدواء والمسكن والمال.
اعرف هذا الشعب جيدا، واعرف ان سورية الوطن لا تُحرق ولا تُغرق. هذه سورية الام لكل عربي، الوطن لمن لا وطن له، سورية الأرض المقدسة، و الشعب الطيب والدافئ، والحضارة الضاربة في التاريخ، لا يزيلها زلزال ولا حروب ولا كوارث.
صاحب السمو صم اذنك ولو للحظات عن أصوات الحقد الاعمى، الأصوات التي ملأت الفضاء حولك بدعوات وقف وقطع المساعدات عن سورية في اصعب كارثة تعيشها، ومقولات ان النظام السوري يستفيد من الكارثة وان المساعدات تنقذ النظام من الحصار. ان الحقيقة تقول ان أطفال سورية هم يقبعون تحت الركام وفي العراء.
تلك الأصوات التي باتت تسيء لقطر ولصورة شعبها المسالم والمحب والمنفتح. تلك الأصوات التي تجردت من الإنسانية واعماها الحقد والكراهية وسواد القلب ومرض العقل.
، صم اذانك عن دعوات عدم مساعدة المنكوبين لانهم في مناطق “النظام”، تلك دعوات مخزية ومشينة، واسمع صوت الدم العربي الذي يجري في عروقك. اسمع صوت الوقائع التي تشير ان ثمة عرب وغير عرب تعالوا على الخلافات ونبذوا الأحقاد وكسروا الحصار من اجل الاخوة العربية والإنسانية، من مصر الى السعودية والامارات والأردن والعراق والجزائر وتونس والسودان وموريتانيا وليبيا ولبنان وسلطنة عمان والبحرين بينما قطر تبدو معزولة تقيس انسانيتها بحسابات سياسية ضيقة ” هذا ضحية من منطقة المعارضة وهذه ضحية من منطقة النظام “.
سمو الأمير : الوقت لم يفت بعد، ويمكن لدولة قطر تعليق الخلاف السياسي، والاندفاع الان الى سورية لتقديم يد العون والمساعدة، او اقله تقديم واجب العزاء بالضحايا اسوة باشقائها العرب والمسلمين ودول العالم الحرة. جهودكم المباركة في المساعدة في تركية وشمال سورية، تبقى ناقصة اذا لم تشمل مساعدة كل منكوبي الزلزال أينما كانوا او اقاموا، ومهما كانت الظروف والخلافات. موقفكم غير جائز إنسانيا واخلاقيا وشرعيا ووطنيا امام الله ومحكمة التاريخ والشعوب.
يوما ستنتصر الاخوة العربية والدم العربي الواحد، فساهم سموك في جعل هذا اليوم قريبا، ولا تجعل قطر الشقيقة أسيرة جوقة من المرضى المتعيشين على الخلافات والمدمنين للشتائم والاحقاد واثارة الانقسام.
هذه رسالة مواطن عربي لاحول له ولا قوة ولا يملك الا كلمة الحق ولا يبغى الا رضى الله.
كاتب واعلامي
Views: 4