مبادرة الصين ذات اثنتي عشرة نقطة لإنهاء الحرب في اوكرانيا تلقى ردا متعجرفا ومشككا من الدول الغربية هل اطلقت بكين النداء الأخير قبل انخراطها الى جانب روسيا في الحرب؟
بيروت ـ “راي اليوم” ـ من نور علي:
اطلقت الصين مبادرة لإنهاء الحرب في أوكرانيا تتضمن اثنتي عشرة نقطة تشمل رؤيتها للوصول الى حل دبلوماسي يحقق السلم الدولي. وتضع الصين نفسها من خلال هذه الرؤية موضع الوسيط المحايد بين روسيا واوكرانيا للعب دور بناء في تحقيق السلام، وفي نظرة شاملة على البنود 12 التي اشتملت عليها وثيقة الحل، يظهر ان بكين درست مضمونها بدقة لتحقيق شروط الانصاف والبعد عن الانحياز الى طرف، ومراعاة مصالح كافة الأطراف. وإذ تبدو تلك المبادرة الصينية فرصة حقيقة لروسيا والدول الغربية للنزول عن الشجرة والبحث عن تسوية تحقق المصالح وتوقف الحرب التي لا افق منظور لها، وتضمن حياد بكين في صراع كسر العظم بين روسيا والولايات المتحدة وشركائها الاوربيين. إلا ان الإشارات الأولية التي جاءت من الدول الغربية تكشف حجم الصلف والعجرفة والغرور لقادة تلك الدول الذين ابدوا تشكيكا في نوايا بكين، ووجهوا لها اتهامات بانها بسبب رفضها ادانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قبل ان تستدرك بعض الأطراف الغربية هذا السلوك الرافض للحوار والدبلوماسية والوساطة، وتعلن انها ستدرس المقترحات الصينية قبل الرد عليها.
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير عبر مباشرة عن “تشكيكه” في إمكانية أن تلعب الصين “دورا بناءً” من أجل سلام أوكرانيا.
اما ميخائيل بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني فقد علق إن حرب روسيا في بلاده ستنتهي دون أي تنازلات أوكرانية، مؤكدا ضرورة حصول كييف على مساعدات فعالة.
ad
وشكك كذلك وزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكن بنوايا بكين وقال تحاول الصين الجمع بين الشيء ونقيضه: فمن ناحية تحاول تقديم نفسها علنا أنها محايدة وتسعى إلى السلام، بينما تدافع في الوقت نفسه عن رواية روسيا الزائفة عن الحرب”.
وأضاف بلينكن أن الصين تقدم مساعدات غير فتاكة لروسيا من خلال شركاتها، مكررا اتهام بكين بأنها “تفكر الآن في تقديم مساعدة فتاكة”.
وصعدت الدول الغربية لهجتها حيال الصين قبل أيام ومع تسرب انباء عن نية الصين اطلاق مبادرتها للسلام في أوكرانيا، واتهمت الدول الغربية الصين بانها تعتزم ارسال شحنات أسلحة لدعم موسكو في الحرب في أوكرانيا.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس نشر معلومات استخبارية تكشف عن تفكير الصين في إرسال أسلحة لدعم الحرب الروسية في أوكرانيا.
وحذر المستشار الألماني أولاف شولتز من عواقب إمداد روسيا بالأسلحة، وقال “أبلغت ممثلي الصين أنه لا يمكن القبول بإرسال أسلحة إلى روسيا”.
وكذلك حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “يانس ستولتنبيرغ” الصين مؤكدا ان الحلف رصد علامات على أن الصين تخطط لإرسال أسلحة إلى روسيا.
وبات لافتا ان بعض دول أوروبا باتت تبتعد عن سياستها الرافضة لمعاداة الصين والمنتقدة لاندفاع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للمواجهة معها، الى التطابق مع الولايات المتحدة في اللغة المستخدمة تجاه بكين، وهذا تحول نجحت الولايات المتحدة في إنجازه بحشد الشركاء معها في التحدي الذي تخوض غماره مع بكين.
ورفضت الصين الاتهامات الغربية وقالت إن الولايات المتحدة ليست في موقف يسمح لها بتوجيه انتقاد لموقف الصين لانها مع الدول الغربية قدمت أسلحة بمليارات الدولارات لكييف.
واذا صدقت التقارير الأطلسية حول نية الصين التخلي عن الحذر والتحفظ والتوجه نحو دعم روسيا عسكريا في حربها مع الأطلسي على الأرض الأوكرانية، فلماذا تطلق الصين مبادرة سلام وتضع نفسها في دور الوسيط المحايد؟ هل تطلق الصين النداء الأخير، وتقيم الحجة على الولايات المتحدة امام المجتمع الدولي قبل ان تأخذ قرار الاصطفاف الى جانب روسيا في الحرب؟ وهل الردود المتعجرفة والسقوف العالية التي تدفع بها الدول الأطلسية سوف تشجع بكين على اتخاذ قرار الدعم العسكري النوعي لموسكو؟
تدرك الصين انها الهدف الأول قبل روسيا على قائمة اهداف الاحتواء الأمريكي، وان هزيمة روسيا امام الدول الأطلسية في الحرب سيكون له تداعيات كبيرة وتأثيرات عميقة على الصراع الذي تخوضه مع الولايات المتحدة في شرق اسيا، افشال الدول الغربية للمبادرة الصينية لن يكون عابرا، لذلك قد تلجأ الولايات المتحدة الى اجهاض المبادرة من دون رفضها مباشرة، ويبقى الحكم الأخير في مصير الحرب لمعركة الربيع المنتظرة
Views: 12