يبدو أن الأطراف السياسية المحلية فقدت السيطرة على مسار الإستحقاق الرئاسي، بعد تكريس هذا الفشل المتمادي في إنتخاب رئيس الجمهورية العتيد، بعد مضي خمسة أشهر بالتمام والكمال على الشغور الرئاسي.
إحدى عشر جلسة عقدها مجلس النواب لم تصل إلى مشارف العملية الإنتخابية الجدّية، بل شكلت فصولاً من مسرحية هزلية مملّة، بسبب تكرار مشاهدها الروتينية، والتي دارت بين الورقة البيضاء وأصوات المعارضة، بل المعارضات المتعددة، التي ضاعت بين عدد من المرشحين، لم يتمكن أي واحد منهم من تجاوز سقف مؤيديه، وإن كان النائب ميشال معوض بقي في الصدارة، وحاز على أكبر عدد من الأصوات من أحزاب المعارضة التقليدية، وبعض المستقلين من النواب السنّة.
فشل البرلمان اللبناني في مقاربة الإنتخابات الرئاسية حسب الأصول الديموقراطية، بسبب الإنقسامات العامودية والأفقية بين كتله النيابية، وضع الإستحقاق الرئاسي خارج لبنان، وأفسح المجال لعواصم القرار المهتمة بالوضع اللبناني للتحرك، والبحث عن الصيغ المناسبة لإخراج الرئاسة اللبنانية من دوامة الشغور، ومحاولات تعطيل الإنتخابات الرئاسية.
اللقاء الخماسي في باريس، الذي ضم كُلاًًّمن فرنسا وأميركا والسعودية ومصر وقطر، لم يتوصل إلى توافق بين المجتمعين على صيغة محددة. باريس فاجأت الجميع بالتفرد بطرح صيغة (سليمان فرنجيه ــ نواف سلام) إثر إنفضاض الإجتماع الخماسي، ولكن الخطوة الفرنسية سقطت قبل أن تبصر النور ، بسبب الرفض السعودي للدخول بالأسماء بمعزل عن المواصفات، وعدم موافقة الأطراف الأخرى عليها.
اللقاء الثنائي الفرنسي ــ السعودي في الأسبوع الماضي، طوى صفحة (فرنجيه ــ سلام) ، وكرس مبدأ إعتماد المواصفات قبل الأسماء، وترك الباب مفتوحاً أمام مروحة مشاورات واسعة حول الوضع اللبناني، بعد دخول الإتفاق السعودي ــ الإيراني حيّز التنفيذ عملياً، والإعداد للقاء وزيري خارجية البلدين خلال شهر رمضان.
وبإنتظار ظهور الدخان اللبناني الأبيض من اللقاءات الخارجية، تبقى ساحة الكرّ والفرّ مفتوحة أمام اللاعبين المحليين في فترة الوقت الضائع، دون أن يستطيع أيّ منهم حسم المعركة الرئاسية لصالحه، وإن كان بعضهم يتلهَّى بجمع النقاط التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع!
Views: 8