؟ ولماذا قد يكون الرد باستهداف زيلينسكي شخصيا؟ وما هي الخيارات الثلاثة امامه؟ وكيف وصلت “المسيّرتان” الى الكرملين قبل إسقاطهما؟
عبد الباري عطوان
محاولة اغتيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإرسال طائرتين مسيّرتين لقصف مقر اقامته في الكرملين، اذا صحت، وهي تبدو أقرب الى الصحة، ستعطي الضوء الأخضر للقيادة الروسية لتصفية الرئيس زيلينسكي والقيادتين العسكرية والسياسية المحيطة به، وهذه القيادة الروسية قادرة على الثأر، والرد على هذه العملية الاجرامية، في الزمان والمكان المناسبين مثلما جاء في البيان الرسمي الروسي، فنحن نتحدث هنا عن امبراطورية نووية عظمى، وليس دولة من دول العالم الثالث.
المسيّرتان وصلتا الى مقر الكرملين، وجرى اسقاطهما، وشظاياهما تبعثرتا في ارضه، وبثت احدى القنوات التلفزيونية الروسية شريطا لهما فوق اجوائه، ومن حسن حظ القيادة الروسية ان الرئيس بوتين لم يكن في المقر، وكان موجودا في أحد مقراته الرسمية في ضواحي موسكو.
النائب سيرغي ميرنوف النائب في مجلس الدوما (البرلمان) ربما يكون هو الوحيد (حتى الآن) الذي رسم صورة أولية تحدد ملامح هذا الرد الروسي المتوقع، وربما شبه المؤكد ايضا، عندما قال ان “محاولة الاغتيال مسوغ لحرب حقيقية، وتصفية القيادة الأوكرانية بالتالي وبات لدينا العذر لنضربهم في مخابئهم”، وأضاف “هناك ثلاثة خيارات امام زيلينسكي ومجلسه العسكري الأول: تكرار مصير هتلر، او مصير الإرهابي جوهر دوداييف (قائد شيشاني اغتيل عام 1996)، او المثول امام المحكمة الجنائية الدولية كمجرم حرب”.
هذه المحاولة الفاشلة و”الساذجة” لاغتيال الرئيس بوتين ليست مستبعدة، فإعلام الحرب الاوكراني، المدعوم أمريكا، تحدث أكثر من مرة عن احتمال اغتيال بوتين، وسرب العديد من التقارير الإخبارية عن اصابته بمرض خطير قد يؤدي الى وفاته، وقرأنا في وسائل اعلام دول حلف الناتو العديد من التقارير المضللة والمفبركة، التي تأكد زيفها وفبركتها بالنظر الى الخسائر الكبرى التي منىّ بها التحالف الأمريكي في الحرب الأوكرانية، مثل التوقعات بانهيار الاقتصاد والعملة الروسيين، وانقلاب الجيش الروسي على بوتين والاطاحة بنظامه، وهجرة الملايين من الروس الى الدول المجاورة.
ارسال هاتين المسيّرتين يؤكد حالة اليأس والإحباط التي تسود الولايات المتحدة وحلفائها، بسبب صمود الرئيس والجيش والاقتصاد الروسي، وفشل الحصار والعقوبات الاقتصادية، والتفاف الشعب، او معظمه خلف قيادته، ولهذا تم اللجوء الى هذا الخيار “الساذج”، اي الاغتيال، ونستخدم تعبير الساذج هنا، لان زيلينسكي وداعميه الأمريكيين اختلط عليهم الأمر، وتشابهت عليهم البقر، واعتقدوا ان روسيا “جمهورية موز” يمكن ان تنفع معها الأساليب نفسها التي كانت تستخدمها وكالة المخابرات الامريكية لقتل زعماء أمريكا اللاتينية، وترتيب الانقلابات ضدهم في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
السؤال الذي يطرح نفسه هو كيفية وصول هاتين المسيّرتين الى الكرملين، والتحليق فوقه قبل إسقاطهما، ولا نعتقد ان القيادة الروسية ستتجاهل هذا الاختراق الأمني والعسكري الخطير، ولا نستبعد اجراءها تحقيقات مكثفة للإجابة عليه، مثلما لا نستبعد أيضا قطع بعض الرؤوس، سواء بتهمة التواطؤ او الإهمال.
الحرب الأوكرانية تدخل بمحاولة الاغتيال هذه مرحلة خطيرة من التصعيد الميداني والسياسي معا، ربما تغلق الأبواب كليا في وجوه الوسطاء وحلولهم السياسية، وتمهد لاجتياح عسكري وشيك للعاصمة الأوكرانية كييف، او تدميرها بالقصف الصاروخي، فالذين يعرفون الرئيس بوتين، وصوفوه بأنه الشخص العنيد، الذي سيعتبر هذه المحاولة استهدافا شخصيا له، ولن يهدأ له بال حتى ينتقم من الذين يقفون خلفها.
الرئيس الاوكراني زيلينسكي لن ينام في مقر واحد بعد اليوم، بعد اتهامه بالوقوف خلف هذه الجريمة الإرهابية على حد وصف البيانات الرسمية الروسية، وسيظل يتحسس رأسه كل صباح للتأكد انه ما زال على قيد الحياة، ولعله الأكثر معرفة بروسيا وأجهزتها الأمنية من أي شخص آخر بحكم الجوار، والتاريخ الشيوعي المشترك، والنفي الرسمي، والتنصل من المحاولة، لن يغيرا من الرد الروسي في المكان والزمان المناسبين، ولن يغيرا أيضا من الخيارات الثلاثة المطروحة امامه، أي زيلينسكي وطرحها النائب ميرنوف.. والأيام بيننا
Views: 6