تشرين- ميمونة العلي:
انتشرت زراعة اللوز (المهجن) في ريف حمص الشرقي منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتحولت مساحات شاسعة كانت تزرع بالشعير والقمح إلى غابات من اللوز (الفرنسي) المرغوب من قبل المستهلكين والتجار، لكن عدم دراسة طبيعة مناخ المنطقة وعدم وجود الإرشاد المناسب لإمكانية هذه الزراعة أوقع الفلاحين في مشكلة التغيرات المناخية التي كانت شديدة التأثير على شجرة اللوز، حتى أدى الجفاف الأخير إلى القضاء على آلاف الأشجار وتحولت حطباً، هذا ما عدا تأثيرات الصقيع في منطقة تشتهر بقوته شتاءً.
هذا مع العلم أن محصول اللوز يشكل دخلاً أساسياً لمزارعي المنطقة الشرقية في حمص الحاصلة على الترتيب الأول بين المحافظات السورية من حيث المساحات المزروعة باللوز وعدد الأشجار. وجميعنا نذكر مهرجان اللوز في منطقة المخرم.
١٠ آلاف تعويض الدونم.. «بحصة لا تسند جرة»
موجة الصقيع التي ضربت المنطقة في نهاية آذار الماضي تركت آثارها على الإنتاج لأن الأزهار كانت في مرحلة العقد، ما تسبب بخسائر فادحة للفلاحين وصل إلى نسبة ٩٠٪ في بعض المناطق. الفلاحون الذين لم يكن ينقصهم الصقيع ليعلنوا قلة الجدوى الاقتصادية لزراعة اللوز كما يوضح بعض من التقيناهم، ويؤكدون أن الصعوبات كثيرة تتعلق بالمبيدات الزراعية المهربة المضروبة وارتفاع أجور الفلاحة (٢٠ ) ألف ل.س للدونم الواحد وأجور النقل واليد العاملة ليصلوا لحسابات البيدر(الجدوى الاقتصادية) باتخاذ قرار تضمين اللوز للحطابين، فرغم قيامهم بتقديم طلبات التعويض في إرشادية الشعيرات (أكثر المناطق المتضررة لهذا العام) مصطحبين معهم الثبوتيات المطلوبة أصولاً(شهادة حيازة تنظيم زراعي، صورة هوية)، إلّا أن تجاربهم السابقة في الحصول على تعويض زهيد جعلتهم يائسين فالـ(عشرة آلاف ل.س) للدونم الواحد لا تفي ربع ثمن المبيدات أو ربع أجور الفلاحة أو النقل ولم يعد التعويض “بحصة بتسند جرة” التكلفة، ويضيف بعضهم لماذا تصرف التعويضات فقط لمن نسبة أضراره فوق ٥٠٪ ومن لديه أضرار أقل (عوضه على الله)، وعن الإجابات التي يتلقونها في حال طالبوا برفع نسبة التعويض يوضحون: الحجج ذاتها تتكرر بأنه لا يمكن رفع نسبة تعويض الأضرار أو تعديل آلية عمل صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية إلّا بناءً على رصيد الصندوق وقرار مجلس الإدارة، والذريعة الأكثر استعمالاً: بأن التعويض بناء على نسب تكاليف الإنتاج وليس على قيمة المنتج، وغيرها الكثير .
متضررو اللوز: ربط التعويض بالتأمين الزراعي ينهي التجاوزات
كما أكد متضررون آخرون أن المعادلات تدخلهم في متاهة الأرقام لكنهم لن يتوهوا وهم يرون بأم العين وجود فلاحين حصلوا على تعويضات أضرار لوز وهم ليس لديهم شجرة لوز واحدة والبعض حصل على مبالغ كبيرة لا يستحقها فنسبة الضرر لديه قليلة جداً والمتضرر الحقيقي يدفع الثمن، فهؤلاء تكبدوا عناء عام كامل من الفلاحة (ثلاث مرات للوز كحد أدنى) عدا عن التسميد والمبيدات الزراعية ولم يحصلوا إلّا على مبالغ زهيدة 10 آلاف للدونم الواحد الذي يكلف عناء إيصال أزهاره لمرحلة العقد مبلغ 300 ألف ليرة بالحد الأدنى وأشاروا إلى محاباة تحصل لصالح هذا وذاك من قبل اللجان المشكلة لهذا الغرض والتي تضم في عضويتها ممثلين عن الجمعيات الفلاحية والإرشادية الزراعية وصندوق الجفاف.
فلاحون آخرون بيّنوا أن أشجار اللوز تحتاج ثلاث مرات فلاحة على مدار العام على أقل تقدير ومن لديه بئر ماء يسقي أشجاره ما يزيد التكلفة، مؤكدين خساراتهم المتلاحقة بسبب الصقيع للموسم الثالث على التوالي (٢٠٢١،٢٠٢٢,٢٠٢٣). وأكد بعضهم ضرورة ربط التعويض بالتأمين الزراعي لئلا يظلم المتضرر الحقيقي على حساب الذين تمت محاباتهم لأي سبب كان.
ولمعرفة تفاصيل تعويضات اللوز تواصلت”تشرين” مع العديد من المعنيين بهذا الموضوع ، البعض تحفظ على ذكر اسمه في التقرير والبعض أفادنا بمعلومات عامة قائلاً (لا تعلقوني باللجان والجمعيات الفلاحية وإحصاءاتها النباتية والحيوانية والعلفية والمازوت الزراعي و..و..و..)؟!
وعلمنا أن احتساب نسبة تعويض أضرار اللوز تتم من قبل لجنة زراعية فرعية تضم في عضويتها ممثلين عن (مصرف زراعي، صندوق جفاف، مديرية زراعة وإرشادية زراعية وجمعيات فلاحية) ويزداد التعويض طرداً مع نسبة خدمة الأرض، فهناك من يقول إنه قام بالفلاحة ثلاث مرات وهو لم يفعل سوى مرة واحدة وهناك من حصل على مازوت زراعي لفلاحة مرة واحدة تقلل من التكلفة فيقل التعويض، وهناك حقول مروية وأخرى بعلية كل ذلك يدخل في احتساب نسب التعويض.
مدير” زراعة” حمص المهندس يونس حمدان أوضح أنه بتاريخ ٣٠ و٣١ آذار تضررت الأشجار المثمرة (اللوزيات) نتيجة انخفاض درجات الحرارة ما أدى إلى تلف بالثمار العاقدة حديثاً، والمناطق المتضررة هي منطقة المركز الشرقي (الدرداء، المنزول، الشعيرات، الرقامة،العزيزية، البلها).
واللجان الفنية أجرت الكشوف الحسية واستقبلت طلبات الأضرار أصولاً لتقدير حجم الضرر والمساحات المتضررة.
وأضاف حمدان أن موسم اللوز لم يتأثر- والحمد لله بالعاصفة- التي هبت بتاريخ ٢٩ آذار حيث تجاوزت سرعة الرياح ٨٠ كيلو متراً في الساعة.
2.350 مليار ليرة
من جانبه أشار مدير المصرف الزراعي في حمص محمد الأحمد أنه تم صرف مبلغ مليارين و350 مليون ل.س أضرار اللوز عن موسم 2022 صرفت بدءاً من أيلول عام 2022 منها 250 مليون ل.س صرفت منذ بداية عام 2023 حتى تاريخه منوهاً باستمرار حق المستحق بالقبض لمدة أربع سنوات وبعد انقضاء المدة إذا لم يقبض المستحق المبلغ لأي سبب كان فإنه تتم إعادة المبلغ لصندوق الجفاف منوهاً ببقاء ٤٠ مستحقاً للتعويض عن موسم الـ ٢٠٢١ لم يقبضوا مستحقاتهم حتى الآن وستعاد الأموال للصندوق إذا انقضت المهلة المحددة . ويضيف:أما تعويضات أضرار الموسم الحالي ربيع الـ٢٠٢٣ فستصرف لاحقاً حين ورود الجداول من صندوق الجفاف.
واكتفت رئيسة الوحدة الإرشادية في الشعيرات بالقول: مشاكل التقدير والتعويض والمساحات يضبطها التأمين الزراعي وهو الحل الأمثل.
ومن الجدير بالذكر أن عدد أشجار اللوز المثمرة يبلغ في محافظة حمص: سقي 285.7 ألف شجرة ، والبعل تقارب الـ 21 مليون شجرة وتبلغ مساحة الأرض المزروعة بأشجار اللوز السقي ٨٤٣٦ دونماً، وتبلغ مساحة البعل ٥٧٣٣٨٧ دونماً أنتجت عام ٢٠٢٢ ما يقارب 2644 طناً من اللوز السقي و11638 طناً من اللوز البعل، كما قامت المدارس الزراعية بإنتاج غراس لوز وزعت بعضها لمدارس أخرى غرستها في المساحات الفارغة لديها بمساعدة الطلاب لغرس قيمة الزراعة في نفوسهم.
Views: 8