جدل بعد حلول الرئيس الأوكراني “زيلنسكي” ضيفاً على القمة العربية؟ بأي صفة حضر؟ وما دلالة دعوة السعودية له؟ هل كانت بإيعاز من الولايات المتحدة؟ وماذا عسى أن يكون الردّ الروسي؟
القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
أبدى عدد من المحللين السياسيين والدبلوماسيين المصريين استغرابهم الشديد من حلول الرئيس الأوكراني زيلنسكي ضيفا على القمة العربية، واصفين حضوره بأنه مفاجأة من العيار الثقيل.
كلمة زيلنسكي في القمة العربية كانت محل انتقاد الكثيرين الذين هاجموه بضراوة.
د. إسماعيل صبري مقلد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية قال إن أغرب ما حدث في قمة جدة هو حضور الرئيس الاوكراني زيلينسكي اليها بدعوة من السعودية والقائه الكلمة الافتتاحية فيها عن مشكلته مع روسيا، وهي المشكلة التي مل العالم سماعها من كثرة ترديده لها واشغال العالم كله بها.
ad
وأضاف مقلد أنه لم يترك برلمانا في العالم ولا منظمة دولية الا وفرض مشكلته مع روسيا عليها وجعلها تسمع منه ما يريد ان يقوله لها،ولهذا كرهه العالم ولم يعد يطيقه او يسمع عنه، لافتا إلى أن هذا هو من اتي الي جدة اليوم ليلقي محاضرة علي مسامع الملوك والرؤساء العرب حول شروط سلامه مع روسيا.
وتساءل مقلد: ما الذي كان يتوقع من هذه القمة العربية ان تساعده به؟ وهل كان يتوقع منها ان تدعمه بالمال والسلاح والمساعدات الانسانية ، ام بان تتبني موقفه والضغط به علي روسيا حتي يتحقق له السلام الذي ينشده معها بشروطه؟ وماذا كان الهدف الحقيقي من حضوره الي جدة بهذه الصورة المفاجئة التي ادهشت الجميع؟
وتابع قائلا: “ثم دعونا نتساءل: ماذا قدمت اوكرانيا للفلسطينيين الذين تحتل اسرائيل اراضيهم وتنكر عليهم حقهم في ان تكون لهم دولتهم المستقلة، وتنتهك حقوقهم الانسانية كشعب يرزح تحت الاحتلال في خروج سافر علي كافة القوانين والمواثيق الدولية؟ وهل حدث ان شاركت اوكرانيا في التنديد بممارسات اسرائيل العدوانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، او في ادانتها عنها سواء داخل الامم المتحدة او خارجها؟ ام انها كانت تقف بصوتها دائما الي جانب اسرائيل ضد الفلسطينيين ؟ اليس هذا هو ما يشهد به سجل تصويتها في الجمعية العامة للامم المتحدة علي مشاريع القرارات الخاصة بالنراع الفلسطيني الاسرائيلي؟”.
وقال إن كل هذه تساؤلات يجب علي الدولة التي دعته واستضافته ان تجيب عليها حتي نعرف الاسباب التي دعتها لان تفعل ما فعلته…وفاجأت به الجميع…وهل كان قرارها بالاساس، ام انه كان بايعاز من الامريكيين وشركائهم الاوروبيين ولم يكن لها دور فيه؟ وأليس من حقنا ان نعرف؟
القمم العربية
من جهته قال السفير فرغلي طه إنه لم تعد أى قمة عربية من سنوات طويلة ذات معنى أو تأثير فى مناقشة القضايا العربية بحرية وصراحة بعيدا عن المجاملات الكاذبة أو خشية إغضاب بعض الأطراف أو الدولة المضيفة ، وكل دولة عربية أو مجموعة دول أصبحت تعبر عما يناسب مصالحها الذاتية فقط.
وأضاف أنه من هنا يتم ترك القضايا العربية بلا أى حلول، إن لم يكن التخلى عنها تماما بل والعمل أحيانا بما يتعارض معها.
وأضاف طه أن القمة العربية الأخيرة فى الرياض ليست استثناء من ذلك، مشيرا إلى أنها ربما جاءت (على غير ما يقال أو يبدو) فى ظل العديد من الانقسامات العربية والتحالفات القُطرية الضيقة، على حساب القضية الفلسطينية وأزمات سورية وليبيا واليمن والسودان والعلاقات العربية الإيرانية والتركية وعلى حساب منع مياه النيل عن مصر .
وتابع قائلا: “وحتى دعوة سورية وعودتها لمقعدها فى الجامعة العربية لم تأت بتوافقات كاملة، كما أنه تمت دعوة رئيس أوكرانيا ليلقى كلمة أمام القمة مع عدم موافقة بعض الدول العربية على ذلك وغياب قيادة الجزائر والسودان وعُمان والكويت، لأسباب مختلفة، ومع تساؤلات حائرة حول جدوى دعوة زيلينسكى الصهيونى المؤيد لاسرائيل ويقدم لها المساعدات وتقدم له، ولا نجده حتى يتعاطف مع حقوق الشعب الفلسطيني”.
وقال إنه استمع إلى بعض كلمات زيلنسكي أمام القمة، مشيرا إلى أنه وجه بكل صراحة وبجاحة لوما لبعض العرب قائلا ” إن من بينكم من يغض الطرف عن عدوان روسيا واحتلالها لأراض أوكرانية، وحان الوقت أن يعيد النظر فى هذا مهما كانت الضغوط الروسية”.
وتابع طه متسائلا: “فهل جرؤ أو يجرؤ أحد قادة العرب أن يرد عليه ويسأله عن موقفه من حقوق شعب فلسطين واحتلال اسرائيل لوطنه ؟ وعما إذا كان يؤيد تقديم العون العسكرى للفلسطينيين لتحرير أرضهم بالمثل؟!”.
المغزى
في ذات السياق قال الكاتب السياسي والباحث في شئون الأمن القومي جمال طه إن السعودية تجامل واشنطن بدعوتها الرئيس الأوكراني.
وأضاف متسائلا: فلماذا تورط كل العرب؟!
لا أهلا ولا سهلا
من جهته علق محمد مرسي سفير مصر السابق في قطر على حلول زيلينسكي ضيفاً علي القمة العربية بقوله: لا جئت أهلاً ولا أنزلك الله سهلا.
وأضاف مرسي أن المدعو زيلينسكي صاحب مواقف متقدمة في ازدواحية المعايير ما بين اسرائيل والفلسطينيين وبين الروس والاوكران، مؤكدا أن العرب هم أول ضحايا المعايير المزدوجة.
الرد الروسي
السؤال الذي فرض نفسه بعد حضور الرئيس الأوكراني زيلنسكي القمة العربية، ماذا عسى أن يكون الرد الروسي؟
وهل تتأثر العلاقة السعودية – الروسية بما حدث؟ أم أنه تم التفاهم حول كل شيء؟!
الأيام القادمة قد تحمل الإجابة على الأسئلة التي أثارتها القمة العربية التي استبشر بها البعض خيرا، ولم يبال بها آخرون يأسا من جميع القمم العربية التي لم تلب أشواق الأمة يوما ما.
Views: 14