لم يكن البيان الأولي الذي صدر بعد اللقاء الأول بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الخلاصة النهائية لمقاربة ملف لبنان وليس فقط الاستحقاق الرئاسي، ما بات يسمح بطرح سؤال أساسي حول أوان التسوية التي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وتنقل لبنان من ضفة الانهيار إلى ضفة الإنقاذ من خلال التعاون بين كل الأطراف بنتيجة الاتفاق الحتمي الذي سيكون عرابه كل من الرئيس الفرنسي والأمير ابن سلمان. عن هذا السؤال، تجيب مصادر ديبلوماسية مطلعة، مؤكدةً أنه بعد جلسة الانتخاب الأخيرة، لم يعد من سبيل أمام الكتل النيابية سوى التوافق والحوار على رئيس جمهورية، كون الانقسام حول انتخاب الرئيس قد وصل إلى مرحلة متقدمة من المراوحة والتعطيل، وبالتالي انتقلت المبادرة إلى الأطراف الخارجية المواكبة للملف الرائسي من أجل أن تقوم بدور «العراب» لإنجاز التوافق من خلال اقتراح آليات تساعد الأطراف المحلية كافةً على تجاوز مرحلة الفراغ السياسي والمؤسساتي.
وفي ظل المعلومات المستقاة من مواكبين للقمة الفرنسية – السعودية في باريس، لم تقرأ المصادر الديبلوماسية وحتى اللحظة، أي معطيات جديدة باستثناء التأكيد على أهمية التوافق من جهة وعلى دور القوى السياسية الداخلية في إنجازه من جهةٍ أخرى، مشيرةً إلى أن ما يتمّ تداوله في الساعات الماضية من سيناريوهات رئاسية تتضمن تسميات أو مبادرات، لا تستند إلى أي وقائع حقيقية، وذلك انطلاقاً من أن النتيجة المباشرة، تقتصر على تهيئة المناخ من أجل الحوار اللبناني الداخلي، بمعنى عدم دخول باريس والرياض على خط الاستحقاق الرئاسي، بل السعي إلى حثّ اللبنانيين على التفاهم وإفساح المجال أمام مناقشة وتذليل العقبات التي حالت إلى اليوم، بدون أي تقدم إيجابي على الصعيد الرئاسي.
ومن هنا ومع الدعوة المشتركة التي وجهتها القمة إلى اللبنانيين، فإن المصادر الديبلوماسية نفسها، تجد أن مرحلة ما بعد الجلسة الانتخابية الرئاسية رقم 12، لن يكون كما قبلها، انطلاقاً من وصول الانقسام النيابي إلى مرحلة الاستعصاء أولاً وبسبب الأجواء التي سادت في إطار دول «اللقاء الخماسي» ثانياً. إلاّ أن هذه المصادر تستدرك مؤكدةً أن ما من تحولات بارزة سوف تدخل على مواقف كل من الرياض وباريس، إزاء الملف الرئاسي وذلك باستثناء ما أعلن في البيان الرسمي بعد الاجتماع الأول في الإليزيه بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي. وفي هذا المجال، فإن الحياد «الإيجابي» الذي رافق المرحلة الماضية من الاستحقاق الرئاسي، ثابت ولن يتغير إلى التدخل بشكل مباشر سواء عبر مبادرة أو عبر مؤتمر خاص، حيث تكشف المصادر أن الإطار الوحيد لمواكبة الاستحقاق الرئاسي، سيبقى إطار اللقاء الخماسي، الذي سيعقد في المرحلة المقبلة وتحديداً بعد بلورة نتائج الزيارة الاستكشافية للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والذي شكل تكليفه ارتياحاً لدى الجانب السعودي، مع العلم أن اللقاء الخماسي المقبل، لن يكون على مستوى السفراء لهذه الدول بل على مستوى وزراء الخارجية.
Views: 9