يقول آباء وأطباء نفسيون في قطاع غزة إن أعراض الصدمة تعلو وجوه الأطفال في القطاع الفلسطيني أكثر من أي وقت مضى بعد أسبوعين من قصف الاحتلال الإسرائيلي المكثف، مع عدم وجود مكان آمن للاختباء من القنابل المتساقطة والاحتمال الضئيل أن تتوقف الهجمات.
ويشكل الأطفال نحو نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ويعيشون تحت قصف مستمر، وملأ الكثيرون منهم ملاجئ موقتة في المدارس التي تديرها الأمم المتحدة بعد فرارهم من منازلهم دون كميات تُذكر من الطعام أو المياه النظيفة.
فيما قال الطبيب النفسي فضل أبو هين من قطاع غزة إن الأطفال بدأت تظهر عليهم أعراض خطيرة من أعراض الصدمة مثل التشنجات والتبول اللاإرادي والخوف والسلوك العدواني والعصبية وعدم الرغبة في الابتعاد عن والديهم.
فيما قالت وزارة الصحة في القطاع إن ما لا يقل عن 4385 استشهدوا في غزة حتى الآن، من بينهم أكثر من 1500 طفل، بينما أصيب 13 ألفاً آخرون.
وتتفاقم المشكلة بسبب الحالة التي توجد عليها الملاجئ الموقتة بمدارس الأمم المتحدة، حيث يحتمي أكثر من 380 ألف شخص على أمل الهروب من قصف الاحتلال.
وينام في بعض الأحيان 100 شخص في الفصل الدراسي الواحد، الأمر الذي يتطلب تنظيفاً مستمراً. ولا توجد إمدادات تُذكر من الكهرباء والماء؛ لذا فإن الحمامات والمراحيض قذرة للغاية.
وقالت تحرير طبش، وهي أم لستة أطفال يحتمون في إحدى المدارس، إن أطفالها يعانون كثيراً خلال الليل ولا يتوقفون عن البكاء ويتبولون على أنفسهم بدون قصد، مشيرة إلى أنها ليس لديها الوقت الكافي لتنظيفهم واحداً تلو الآخر. وأضافت أنهم لا يشعرون بالأمان في هذه المدارس أيضاً.
وتقول الأمم المتحدة إن هذه المدارس تعرضت للقصف عدة مرات، وشهدت عدة ضربات تصيب مباني مجاورة. وقالت إن أطفالها يقفزون من الخوف عندما يسمعون صوت تحريك كرسي.
فيما قال الطبيب النفسي أبو هين إن عدم وجود أي مكان آمن تسبب في شعور عام بالخوف والرعب بين جميع السكان، مشيراً إلى أن الأطفال هم الأكثر تأثراً. وأضاف أن رد فعل بعض الأطفال كان مباشراً وعبروا عن مخاوفهم. وقال إنه على الرغم من احتياج هؤلاء الأطفال إلى تدخل فوري، فإنهم قد يكونون في حالة أفضل من الأطفال الآخرين الذين احتفظوا بالرعب والصدمة بداخلهم.
دعم نفسي
يؤوي أحد منازل خان يونس بجنوب القطاع نحو 90 شخصاً، من بينهم 30 تحت سن 18 عاماً، ويضطرون إلى النوم في نوبات بسبب ضيق المساحة.
وتحدث إبراهيم الأغا، وهو أحد الموجودين بالمنزل ويعمل مهندساً، عن آثار الهجمات قائلاً إن الصرخات تعلو دائماً مع سماع دوي أي انفجار أو إصابة أي هدف قريب وإنهم يحاولون تهدئة الصغار بأن يقولوا لهم إنها مجرد ألعاب نارية. لكن الأكبر سناً يفهمون ما يحدث.
وأكد الأغا أنهم سيحتاجون إلى الكثير من الدعم النفسي بعد انتهاء هذه الحرب.
كان نظام الرعاية الصحية في غزة منهكاً بالفعل قبل بدء الحرب هذا الشهر، وصار الآن على شفا الانهيار. ويحذر خبراء الصحة النفسية منذ فترة طويلة من الخسائر الفادحة التي نزلت بالفعل على الأطفال.
ويقول خبراء الصحة النفسية في غزة إنه لا يوجد هناك شيء اسمه اضطراب ما بعد الصدمة لأن الصدمة في القطاع مستمرة، مع نوبات متكررة من الصراع المسلح تمتد إلى ما يقرب من عقدين من الزمن
Views: 21