هناء صالح – البلاد
شغفه وحبه للاستكشاف إضافة للعلم جعله يبدع بأشياء عدة ببلاد السند والهند لينطلق من لاذقية العرب لبلاد الاغتراب ليؤثر ويتأثر إنه د. مضر صلاح ديوب دكتوراه في الهندسة الميكانيكية اختصاص سيارات وآليات ثقيلة ليحكي لنا قصته ببلاد الاغتراب اهلا ومرحبا بك دكتور
– بدايةً، لنتعرف على مسيرتك العلمية والمهنية والبيئة التي نشأت بها؟
نشأتُ في بيئة مفعمة بالحب للتعليم والعلم في سوريا، حيث كان للقراءة والبحث العلمي مكانة خاصة في حياتي. عائلتي وأخوتي كانوا دائماً الداعم الأول لي، مما عزز شغفي بالعلم والتفوق. درستُ في مدارس اللاذقية، ثم التحقت بكلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة تشرين، حيث حصلت على شهادة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية. بعد التخرج، بدأت رحلة اغترابي العلمية والثقافية في الهند حصلت على الماجستير من جامعة موتيلال نهرو الوطنية في الله أباد، ثم الدكتوراه من الجامعة الملية الإسلامية في نيودلهي. ، بدأت رحلتي الوظيفية كمهندس في مديرية نقل اللاذقية – الشعبة العامة منذ عام 2001 م ومنذ ذلك الحين و بعد عودتي من بلد الايفاد ، شغلت أيضاً منصب دكتور مهندس في المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية في اللاذقية و عملت كدكتور مدرس في الكلية التطبيقية في اللاذقية وقسم الميكاترونيك في جامعة تشرين. عملت أيضاً كدكتور مهندس في المؤسسة العامة للتأهيل والتدريب البحري في اللاذقية. بدأت رحلتي في عالم التنمية البشرية منذ عام ٢٠١٥ م حتى أصبحت مدرب دولي فيها و استخدمت مهاراتي الموجودة سابقا” و المكتسبة في تطوير طرائق التدريس و التواصل مع الآخرين .
– لماذا اخترت الهند لإكمال دراستك؟
اخترت الهند لأنها تعتبر واحدة من الدول الرائدة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، خاصة في المجالات الهندسية. تعد الهند بيئة متنوعة مليئة بالفرص والمشاريع العلمية التي تناسب شغفي بالبحث. كما أن تنوع الثقافات والنهج الأكاديمي في الهند كان مغرياً لي لتوسيع آفاقي.
– ما الصعوبات التي واجهتك في بلاد الاغتراب وكيف تغلبت عليها؟
من أبرز الصعوبات التي
واجهتني في الاغتراب هو التكيف مع الثقافة المختلفة واللغة، بالإضافة إلى البعد عن العائلة والأصدقاء. كان الشعور بالغربة في البداية مؤلماً، ولكن مع الوقت تأقلمت من خلال الانخراط في المجتمع العلمي الهندي وبناء علاقات مع زملائي. دعمتني قوة إرادتي وحبّي للعلم في التغلب على تلك التحديات.
– أينما يكون السوري يترك أثراً طيباً ، ما الأثر الذي تركته في الهند؟
كان لي شرف المساهمة في بعض المشاريع البحثية التي كان لها أثر في تطوير بعض التقنيات الهندسية، وقدمت العديد من الأبحاث التي نالت تقديراً من الأساتذة والباحثين. كما أنني شاركت في تنظيم فعاليات ثقافية وأكاديمية لتعريف المجتمع الهندي بالثقافة السورية.
– إضافة إلى دراستك، كان لك نشاطات أخرى. حدثنا عنها حيث نلت جوائز وكنت أول سوري يصل إلى قمة أعلى جبل؟
نعم، إلى جانب دراستي، كنت شغوفًا بقياداة الدراجات النارية و من هنا بدأت رحلة استكشاف الهند و منها القيام برحلة لمدة 12 يوما في جبال الهملايا . وحققت فيها إنجازاً فريداً عندما أصبحت أول سوري يصل إلى أعلى نقطة يمكن الوصول إليها عبر الطرق في العالم، وهي طريق “خاردونج لا” في سلسلة جبال الهملايا في الهند، وذلك في عام 2009 م . كما فزت بالمركز الأول في مهرجان الطعام الذي أقيم في الجامعة الملية الإسلامية في نيو دلهي، حيث قدمت الأطعمة السورية التي نالت استحسان الجميع.
– عند عودتك، ما الذي أحببت نقله من الهند إلى المجتمع السوري وقد أثر بك؟
أردت نقل روح المثابرة والإبداع التي شاهدتها في الهند إلى المجتمع السوري. تعلمت في الهند أن التحديات هي فرص للتعلم، وأن التعاون بين الثقافات المختلفة يمكن أن ينتج أفكاراً جديدة وإبداعية. كذلك، تأثرت بفلسفة التركيز على التطوير المستدام والحلول العلمية البسيطة التي يمكن تطبيقها بسهولة في المجتمعات النامية.
– تابعت نشاطاتك واستلمت الجمعية الفلكية السورية بفرع اللاذقية، وأسست لنشر علوم الفضاء. أخبرنا عن تلك المرحلة؟
بعد عودتي، توليت رئاسة الجمعية الفلكية السورية في اللاذقية من عام 2016 م حتى آب 2023 م ، وهو تاريخ سفري إلى العراق. خلال تلك الفترة، أسست فرع الجمعية في اللاذقية وتركت بصمة واضحة بالتعاون مع زملائي في اللجنة الإدارية وأعضاء الجمعية. قمنا بتنظيم دورات تعليمية حول علوم الفلك، استهدفت الأطفال في مراكز تعليمية متعددة في المحافظة، بالإضافة إلى الشباب وكافة الفئات العمرية. ركزنا على نشر علوم الفلك بشكل سهل وممتع، لما يحمله هذا العلم من معلومات شيقة. كان التحدي الأكبر هو كيفية إيصال هذه المعلومات بشكل جذاب، وخاصة للأطفال الذين كانوا يحضرون الدورات الفلكية بانتظام ويستمتعون كثيراً بما نقدمه لهم من معلومات ممتعة، إلى جانب الرصد العملي باستخدام التلسكوبات كما شاركت ببحث في المؤتمر الرابع عشر في علوم الفلك و الفضاء، في رحاب جامعة الشارقة.
– نلت العديد من الجوائز في عدد من المعارض جوائز . ما أهمية ذلك بالنسبة لك؟
كانت هذه الجوائز بمثابة اعتراف بالجهود التي بذلتها في مجال الابتكار والتطوير التكنولوجي. لكن الإنجازات لم تكن لي وحدي، بل كانت نتيجة لتعاون مثمر مع طلابي، الذين أظهروا تفوقاً كبيراً. شاركت في الإشراف على مشاريعهم، ونتيجة لذلك، حصلنا جميعاً على الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية في معرض الباسل للإبداع والاختراع لعدة دورات متتالية. المشاركة في هذه المعارض مكنتني ومكنتهم من تقديم أفكارنا أمام جمهور واسع والتواصل مع خبراء في المجال، مما ساهم في تحسين مشروعاتنا البحثية وتطويرها بشكل أكبر.
– عدت للاغتراب مرة أخرى لكن هذه المرة إلى العراق. حدثنا عن تجربتك؟
تجربتي في العراق كانت مختلفة تماماً عن الهند. في الهند، كنت طالباً، بينما في العراق، كنت أستاذاً في الهندسة الميكانيكية في جامعة خاصة. ركزت عملي هناك على تطوير المستوى الأكاديمي للطلاب وتعليمهم بأفضل الطرق الممكنة. حصلت على العديد من دروع التكريم وعدد من كتب الشكر تقديراً لمساهماتي، بالإضافة إلى نشر بحثين علميين. حرصت على توصيل الأفكار العلمية بشكل صحيح وسهل، مع الكثير من المحبة والإخلاص في العطاء، وكان لي دور في تحسين مستوى التعليم والمساهمة في تطوير الطلاب بشكل يُمكّنهم من مواجهة التحديات العلمية والعملية.
– ما البصمة التي تركتها هناك؟
أعتقد أن البصمة الأهم كانت نقل المعرفة وتدريب المهندسين الشباب على أحدث التقنيات في مجالي. قمت بإحداث نقلة نوعية من حيث رفع سوية الطلاب العلمية وتنمية علاقات الود والاحترام المتبادل بين الأستاذ وطلابه. كما أن التكيف مع البيئة العراقية وفهم الثقافة والعادات والتقاليد المحلية مكنني من نيل الرضا والمحبة من معظم الذين تعاملت معهم.
– ما المفارقات بين غربتك في الهند وغربتك في العراق؟
في الهند، كانت غربتي علمية وثقافية بشكل رئيسي. كنت محاطًا بالبحث العلمي والابتكار، واكتشفت ثقافة غنية وعادات جديدة. كنت أتعلم عن تقاليد مختلفة مثل مهرجانات هولي وديوالي، وكنت أستخدم اللغة الإنجليزية بشكل أساسي في التعليم والتواصل. كانت تجربة ممتعة ومليئة بالتحديات الثقافية التي أسهمت في توسيع آفاقي.
أما في العراق، فقد كانت الغربة تتطلب مني التكيف مع عادات وتقاليد محلية عميقة. كانت الحياة اليومية تتضمن التفاعل مع تقاليد مثل الضيافة الكريمة والاحتفالات الدينية الخاصة. كانت اللغة العربية هي الأساس بالرغم من أن التدريس باللغة الانكليزية ، وفهم اللهجات المختلفة كان جزءاً من التحدي. على الرغم من أن التحديات كانت مختلفة، إلا أنني وجدت في كل من الهند والعراق فرصة للنمو والتطور الذاتي
– الشباب السوري يُعول عليه الكثير، ما نصيحتك له؟
نصيحتي للشباب السوري هي الإيمان بقدراتهم وعدم الاستسلام مهما كانت الصعوبات. يجب عليهم المثابرة والعمل الجاد، لأن النجاح يتطلب جهداً مستمراً. العلم والتعلم المستمر هما أساس التقدم، لذا عليهم تطوير مهاراتهم بانتظام. الاستفادة من الفرص وتحديد الأهداف بوضوح يمكن أن يساعدهم في تحقيق النجاح. بناء شبكة علاقات والتكيف مع التغييرات أيضاً سيساعدهم في تحقيق أهدافهم والتأثير بشكل إيجابي..
– كلمة أخيرة، لمن توجهها؟
أوجه كلمتي الأخيرة إلى عائلتي التي كانت دائماً الداعم الأول لي، وإلى كل معلم أو زميل ساعدني خلال مسيرتي. كذلك، أود أن أوجه شكري إلى كل شاب سوري يسعى جاهداً ليترك أثراً إيجابياً في مجتمعه.
كل الشكر للدكتور مضر ديوب على قصته الغنية والممتعة ببلاد الغربة.
هكذا هم السوريون ينشرون عطرهم وشذاهم من خلال ماينجزوه ويحققوه داخل وخارج الوطن….فهم كياسمين الشام ببياضه ونقاءه وشذاه الفواح رمزا سوريا نفخر به على مر العصور و الأزمنة .
Views: 76