محمد ح. الحاج | لم
يخرج بيان أستانا 12 بجديد، هذا إجماع المحللين والمتابعين، نفس التعابير
والكلمات المنمّقة والجمل البوهيمية التي تبعث على الضياع والتشتّت، ربما
قلت يوماً في مقال بعنوان أستانا 4 أو خمسة، ما عدت أذكر، أنّ مجرد إعطاء
الاجتماع رقم هو البداية لمسلسل مكسيكي قد يصل إلى أستانا 100،
واللافت أنّ الإصرار التركي على استهلاك الزمن بوعود كاذبة هو غاية بحدّ ذاتها، وما يكذب الادّعاء التركي بالحرص على سلامة ووحدة الأراضي السورية ومنع التجزئة كأن تقام كيانات كردية هو ادّعاء للتعمية وذرّ الرماد في العيون وتوجيه الأنظار بعيداً عن الإجراءات التركية التي توضح وتكشف ما وصفناه قبلاً من أطماع متجذرة وراسخة في العقلية التركية، وأنّ الكثير من الأراضي السورية في الشمال هي «أملاك عثمانية لا بدّ من استعادتها»، ولو بطريقة القضم قسماً بعد قسم، ولا شك أنّ ذلك الإيمان يمتدّ إلى أبعد من دمشق العاصمة.
الاسكندرون اللواء السليب لم ولن تعترف سورية بالسيادة التركية عليه ولا
امتلاكه رغم مرور عقود طويلة سبقت قيام الكيان الصهيوني، ولتفرض تركيا
أمراً واقعاً قامت بإنشاء جدار يحيط به وتعمل على استكماله لست أدري من
ينقل عن الآخر، الأتراك أم الصهاينة!
ومن جديد تقيم تركيا جداراً حول عفرين وهي من ريف حلب لتضمّها إلى إدلب
التي تتواجد أصالة ووكالة على كامل مساحتها، إدلب المشمولة بالأطماع
التركية، ليس من مصلحة المخطط التركي أن تتمّ تسوية وضعها واستعادتها إلى
كنف الدولة، بل هي تعمل كما في كلّ اجتماع للضامنين في أستانا على المماطلة
وطلب مهلة جديدة في الوقت الذي ترسخ فيه وجودها وتزيد روابطها مع العصابات
المتواجدة على أرض إدلب حتى المصنفة منها عالمياً إرهابية النصرة وفروع
القاعدة، وآخر ما فعلته استضافة لقاء لقيادات العصابات على أرضها تحت رعاية
المخابرات التركية ليتمّ تعميم خطة عملانية عليهم في حال قيام الجيش
السوري بأية إجراءات لاستعادة المبادرة والأرض، وتقوم هذه الاستخبارات
بتمرير المعونات التي توفرها جهات خارجية، سواء دول أو جمعيات أو تنظيمات
سرية، ولا تقصّر المخابرات التركية الرعاية وتوفير أدوات جديدة ومنها
الطيران درونات استخدمها الإرهابيون في أكثر من هجوم على القواعد الروسية
في اللاذقية ومحيطها.
ليس خطأ تكرار الحديث عن الأطماع التركية والجرائم التركية والسلوك التركي
والتذكير بها، فهذه دولة قامت على المذابح والخراب، ومن يقول بغير ذلك فهو
مصاب بلوثة عقلية أو هو من نفس الفصيلة الطورانية المتخلفة، من يقول بأنّ
التركي جاء فاتحاً! كما يطلقون على الغزو العربي إنما هو مضلل ومصاب بتشوّه
ثقافي فظيع، الدخول التركي عام 1515، كان غزواً بالقوة القاهرة وارتكب من
المجازر بحق السكان الوطنيين ما يعجز العقل عن تخيّلها والقلم عن وصفها،
ويكفي القول إنّ العسكر التركي أقام تلالاً من الرؤوس البشرية، وأسال
أنهاراً من الدماء، وإذا كان قد خلف وراءه أثراً من بناء أو عائلات تنتمي
إليه فهذا لا يعني تبرير عودته وامتلاكها إلا إذا برّر العالم اليوم عودة
الامبراطورية العربية واستعادة أراضيها وصولاً الى الأطلسي، فهل تكون
غرناطة والحمراء هي وثيقة الملكية، تركيا التي استمرت مستعمرة أصقاعاً
كثيرة ومنها بلادنا أربعة قرون لم تترك ما من شأنه أن يؤسّس لحضارة أو معلم
يبعث على الفخر إلا أن يكون الخازوق محط فخرها وتقبيل أيدي رجال الدولة
العلية وتجهيل الشعوب وإفقارها، وإذا كان الحديث يزعج بعض من يحملون
البطاقة السورية وليس الهوية لأنّ الهوية انتماء فلأنّ هؤلاء لم يرتقوا
يوماً ولم يخلصوا بعد أكثر من قرن للأرض التي ولدوا على ثراها وأكلوا من
خيراتها، ولأنّ الدماء العثمانية المتخلفة تسري في عروقهم، لكن مهاجمة
الموقف التركي واستنكاره، بل وحتى محاربته هو ما يبعث على فخر السوريين
والدفاع عن كرامتهم، أشباه السوريين يعبّرون في أوروبا عن مواقفهم وتجذرهم
في العمالة عندما يتحدث وطني سوري في مهرجان ويتعرّض للاحتلال التركي ينبري
قطيع من هؤلاء يهاجموه بعصي يافطاتهم وكأنه ارتكب جريمة، من ثم تتدخل
الشرطة لانتزاعه من براثنهم النتنة وتوفر له الحماية والخروج… هؤلاء يرقصون
فرحاً عندما يهاجم الصهيوني أرض وجيش وطنهم وكأنهم يفرحون باغتصاب أمهاتهم
دون حياء ولا خجل.
لا تختلف تركيا بسلوكها الحاضر عن العدو الصهيوني، ومبكراً في بداية
أربعينيات القرن الماضي 1933 وحتى استشهاده 1949، لم يتوقف المفكر والزعيم،
مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي انطون سعاده عن التنبيه والتحذير من
الخطرين التركي في الشمال والصهيوني في الجنوب، كما أشار الى تمدّد الدعاوة
الوهابية الزاحفة من العربة إلى الداخل السوري، فهل من يجرؤ اليوم على
إنكار صوابية رؤيته وجدية تحذيراته، وأنّ الماسونية الصهيونية العثمانية
الوهابية قد تضافرت جهودها للتخلص منه وإخفاء صوته ليستمرّ تضليل هذا الشعب
الذي كان يرزح تحت وصاية مستعمر غاشم، لكنهم فشلوا تماماً في القضاء على
أفكاره ونجحوا في الحدّ من انتشارها عبر سيل من المؤامرات والفتن الداخلية
والحروب الخارجية.
الدولة التركية تسير على النهج الصهيوني في عملية تتريك المناطق التي
تتواجد فيها بشكل غير شرعي أو قانوني، تماماً كما يحصل في الجولان، وقد لا
يختلف الأسلوب في طريقة فرض الإجراءات اليومية، رفع العلم التركي، تتريك
الإدارات، ربط الحياة اليومية لسكان المنطقة بالخدمات التركية، تغيير
المناهج التعليمية، نهب الثروات، وأخيراً إقامة الجدران الفاصلة ومنح آلاف
بطاقات التعريف لسوريين يرغبون بالهوية التركية ليكونوا أداة في تغيير
ديموغرافية المنطقة وفرض أمر واقع تطالب بعده باستفتاء على شاكلة استفتاء
الاسكندرونة واللجوء الى التزوير ودعم الدول الغربية على أن ذلك سيتمّ
بمعزل عن المنظمة الدولية والقانون الدولي الذي لم يعد موضع احترام بعد أن
داسته أقدام الهمجية الأميركية.
الأمر الذي يجب التنبيه له هو قيام العصابات العميلة بمهاجمة مناطق سهل
الغاب والريف الشمالي الغربي لمحافظة حماة وحتى الشمالي المطلّ على مركز
المحافظة، وقد تكون لغاية معروفة وهو أمر واقع إفراغ المنطقة إلى الحدّ
الأقصى وجعلها خط تماس يؤسّس لحدود مستقبلية معها كواجهة ومع القوات
التركية التي تدعمها وتقف خلفها، وهكذا يستمرّ قطع الطريق على محافظة حلب
المطوقة شمالاً وغرباً ونصف الجنوب ليظلّ الممرّ الوحيد عبر بادية خناصر
وشرق سلمية، ولهذا لا ترغب الحكومة التركية بتنفيذ تعهّدها في فتح طريقي
حلب حماة وحلب أريحا اللاذقية.
أيها السوريون، وحدها الأطماع التركية تقف مانعاً دون تنفيذ أستانا أو
سوتشي أو غيرهم ولسنا ندري المدى الذي يمكن للطرفين الضامنين روسيا وإيران
في الصبر على المماطلة التركية، ونعلم أنّ المسؤولين الروس كرّروا أكثر من
مرة أنّ الوضع في إدلب لا يمكن ولا يجوز أن يستمرّ إلى الأبد! تركيا اليوم
تطلب السماح لشاحناتها بالعبور عبر الأراضي السورية إلى الدول العربية غاية
في الوقاحة.
الأهمّ من كلّ المواقف والقرارات هو وصول القدرة السورية إلى مرحلة من
القوة يسقط معها الصبر على هذا الوجود الشاذ سواء للقوات التركية أو
الأميركية وأدواتها والقيام بتوجيه ضربات بدايتها تحذيرية تتبعها بضربات
فعلية قاصمة بعد إعلان الاستنفار الأقصى ودفع الشعب لتشكيل وحدات فدائية
مقاتلة تتسلل خلف خطوط هذا الوجود لتطعنه بضربات قاتلة، وشعبنا يملك الكثير
من هذه الخامات الكامنة وإنْ كان بعضها في أواسط العمر من أصحاب الخبرة
والحمية ولتكن الحرب ومن يخاف أن تنقلب عالمية.. عليه الخروج أو فليكن
الطوفان.
لا يكون الحق حقا في معترك الأمم إلا بمقدار ما تدعمه من قوة، ولم يخطئ
سعاده عندما قال: إنّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ وإنها لفاعلة لو
أطلقناها من عقالها، وعندها ينطلق طائر الفينيق من تحت رماد الحريق وستحيا
سورية.
هامش: ورد في العنوان تعبير دبكة خرمه، وتفسيره قديماً أنه عندما كانت تصرّ
العجوز على المشاركة في الدبكة، تقف مكانها، تضرب الأرض بقدمها وهي لا
تبرح مكانهاـ فيُقال… دبكة خرمه… هكذا هو مؤتمر أستانا أو سوتشي!
البناء
أستانا 12 «دبكة خرمه» وتركيا للمماطلة وكسب الوقت!
محمد ح. الحاج | لم
يخرج بيان أستانا 12 بجديد، هذا إجماع المحللين والمتابعين، نفس التعابير
والكلمات المنمّقة والجمل البوهيمية التي تبعث على الضياع والتشتّت، ربما
قلت يوماً في مقال بعنوان أستانا 4 أو خمسة، ما عدت أذكر، أنّ مجرد إعطاء
الاجتماع رقم هو البداية لمسلسل مكسيكي قد يصل إلى أستانا 100،
واللافت أنّ الإصرار التركي على استهلاك الزمن بوعود كاذبة هو غاية بحدّ ذاتها، وما يكذب الادّعاء التركي بالحرص على سلامة ووحدة الأراضي السورية ومنع التجزئة كأن تقام كيانات كردية هو ادّعاء للتعمية وذرّ الرماد في العيون وتوجيه الأنظار بعيداً عن الإجراءات التركية التي توضح وتكشف ما وصفناه قبلاً من أطماع متجذرة وراسخة في العقلية التركية، وأنّ الكثير من الأراضي السورية في الشمال هي «أملاك عثمانية لا بدّ من استعادتها»، ولو بطريقة القضم قسماً بعد قسم، ولا شك أنّ ذلك الإيمان يمتدّ إلى أبعد من دمشق العاصمة.
الاسكندرون اللواء السليب لم ولن تعترف سورية بالسيادة التركية عليه ولا
امتلاكه رغم مرور عقود طويلة سبقت قيام الكيان الصهيوني، ولتفرض تركيا
أمراً واقعاً قامت بإنشاء جدار يحيط به وتعمل على استكماله لست أدري من
ينقل عن الآخر، الأتراك أم الصهاينة!
ومن جديد تقيم تركيا جداراً حول عفرين وهي من ريف حلب لتضمّها إلى إدلب
التي تتواجد أصالة ووكالة على كامل مساحتها، إدلب المشمولة بالأطماع
التركية، ليس من مصلحة المخطط التركي أن تتمّ تسوية وضعها واستعادتها إلى
كنف الدولة، بل هي تعمل كما في كلّ اجتماع للضامنين في أستانا على المماطلة
وطلب مهلة جديدة في الوقت الذي ترسخ فيه وجودها وتزيد روابطها مع العصابات
المتواجدة على أرض إدلب حتى المصنفة منها عالمياً إرهابية النصرة وفروع
القاعدة، وآخر ما فعلته استضافة لقاء لقيادات العصابات على أرضها تحت رعاية
المخابرات التركية ليتمّ تعميم خطة عملانية عليهم في حال قيام الجيش
السوري بأية إجراءات لاستعادة المبادرة والأرض، وتقوم هذه الاستخبارات
بتمرير المعونات التي توفرها جهات خارجية، سواء دول أو جمعيات أو تنظيمات
سرية، ولا تقصّر المخابرات التركية الرعاية وتوفير أدوات جديدة ومنها
الطيران درونات استخدمها الإرهابيون في أكثر من هجوم على القواعد الروسية
في اللاذقية ومحيطها.
ليس خطأ تكرار الحديث عن الأطماع التركية والجرائم التركية والسلوك التركي
والتذكير بها، فهذه دولة قامت على المذابح والخراب، ومن يقول بغير ذلك فهو
مصاب بلوثة عقلية أو هو من نفس الفصيلة الطورانية المتخلفة، من يقول بأنّ
التركي جاء فاتحاً! كما يطلقون على الغزو العربي إنما هو مضلل ومصاب بتشوّه
ثقافي فظيع، الدخول التركي عام 1515، كان غزواً بالقوة القاهرة وارتكب من
المجازر بحق السكان الوطنيين ما يعجز العقل عن تخيّلها والقلم عن وصفها،
ويكفي القول إنّ العسكر التركي أقام تلالاً من الرؤوس البشرية، وأسال
أنهاراً من الدماء، وإذا كان قد خلف وراءه أثراً من بناء أو عائلات تنتمي
إليه فهذا لا يعني تبرير عودته وامتلاكها إلا إذا برّر العالم اليوم عودة
الامبراطورية العربية واستعادة أراضيها وصولاً الى الأطلسي، فهل تكون
غرناطة والحمراء هي وثيقة الملكية، تركيا التي استمرت مستعمرة أصقاعاً
كثيرة ومنها بلادنا أربعة قرون لم تترك ما من شأنه أن يؤسّس لحضارة أو معلم
يبعث على الفخر إلا أن يكون الخازوق محط فخرها وتقبيل أيدي رجال الدولة
العلية وتجهيل الشعوب وإفقارها، وإذا كان الحديث يزعج بعض من يحملون
البطاقة السورية وليس الهوية لأنّ الهوية انتماء فلأنّ هؤلاء لم يرتقوا
يوماً ولم يخلصوا بعد أكثر من قرن للأرض التي ولدوا على ثراها وأكلوا من
خيراتها، ولأنّ الدماء العثمانية المتخلفة تسري في عروقهم، لكن مهاجمة
الموقف التركي واستنكاره، بل وحتى محاربته هو ما يبعث على فخر السوريين
والدفاع عن كرامتهم، أشباه السوريين يعبّرون في أوروبا عن مواقفهم وتجذرهم
في العمالة عندما يتحدث وطني سوري في مهرجان ويتعرّض للاحتلال التركي ينبري
قطيع من هؤلاء يهاجموه بعصي يافطاتهم وكأنه ارتكب جريمة، من ثم تتدخل
الشرطة لانتزاعه من براثنهم النتنة وتوفر له الحماية والخروج… هؤلاء يرقصون
فرحاً عندما يهاجم الصهيوني أرض وجيش وطنهم وكأنهم يفرحون باغتصاب أمهاتهم
دون حياء ولا خجل.
لا تختلف تركيا بسلوكها الحاضر عن العدو الصهيوني، ومبكراً في بداية
أربعينيات القرن الماضي 1933 وحتى استشهاده 1949، لم يتوقف المفكر والزعيم،
مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي انطون سعاده عن التنبيه والتحذير من
الخطرين التركي في الشمال والصهيوني في الجنوب، كما أشار الى تمدّد الدعاوة
الوهابية الزاحفة من العربة إلى الداخل السوري، فهل من يجرؤ اليوم على
إنكار صوابية رؤيته وجدية تحذيراته، وأنّ الماسونية الصهيونية العثمانية
الوهابية قد تضافرت جهودها للتخلص منه وإخفاء صوته ليستمرّ تضليل هذا الشعب
الذي كان يرزح تحت وصاية مستعمر غاشم، لكنهم فشلوا تماماً في القضاء على
أفكاره ونجحوا في الحدّ من انتشارها عبر سيل من المؤامرات والفتن الداخلية
والحروب الخارجية.
الدولة التركية تسير على النهج الصهيوني في عملية تتريك المناطق التي
تتواجد فيها بشكل غير شرعي أو قانوني، تماماً كما يحصل في الجولان، وقد لا
يختلف الأسلوب في طريقة فرض الإجراءات اليومية، رفع العلم التركي، تتريك
الإدارات، ربط الحياة اليومية لسكان المنطقة بالخدمات التركية، تغيير
المناهج التعليمية، نهب الثروات، وأخيراً إقامة الجدران الفاصلة ومنح آلاف
بطاقات التعريف لسوريين يرغبون بالهوية التركية ليكونوا أداة في تغيير
ديموغرافية المنطقة وفرض أمر واقع تطالب بعده باستفتاء على شاكلة استفتاء
الاسكندرونة واللجوء الى التزوير ودعم الدول الغربية على أن ذلك سيتمّ
بمعزل عن المنظمة الدولية والقانون الدولي الذي لم يعد موضع احترام بعد أن
داسته أقدام الهمجية الأميركية.
الأمر الذي يجب التنبيه له هو قيام العصابات العميلة بمهاجمة مناطق سهل
الغاب والريف الشمالي الغربي لمحافظة حماة وحتى الشمالي المطلّ على مركز
المحافظة، وقد تكون لغاية معروفة وهو أمر واقع إفراغ المنطقة إلى الحدّ
الأقصى وجعلها خط تماس يؤسّس لحدود مستقبلية معها كواجهة ومع القوات
التركية التي تدعمها وتقف خلفها، وهكذا يستمرّ قطع الطريق على محافظة حلب
المطوقة شمالاً وغرباً ونصف الجنوب ليظلّ الممرّ الوحيد عبر بادية خناصر
وشرق سلمية، ولهذا لا ترغب الحكومة التركية بتنفيذ تعهّدها في فتح طريقي
حلب حماة وحلب أريحا اللاذقية.
أيها السوريون، وحدها الأطماع التركية تقف مانعاً دون تنفيذ أستانا أو
سوتشي أو غيرهم ولسنا ندري المدى الذي يمكن للطرفين الضامنين روسيا وإيران
في الصبر على المماطلة التركية، ونعلم أنّ المسؤولين الروس كرّروا أكثر من
مرة أنّ الوضع في إدلب لا يمكن ولا يجوز أن يستمرّ إلى الأبد! تركيا اليوم
تطلب السماح لشاحناتها بالعبور عبر الأراضي السورية إلى الدول العربية غاية
في الوقاحة.
الأهمّ من كلّ المواقف والقرارات هو وصول القدرة السورية إلى مرحلة من
القوة يسقط معها الصبر على هذا الوجود الشاذ سواء للقوات التركية أو
الأميركية وأدواتها والقيام بتوجيه ضربات بدايتها تحذيرية تتبعها بضربات
فعلية قاصمة بعد إعلان الاستنفار الأقصى ودفع الشعب لتشكيل وحدات فدائية
مقاتلة تتسلل خلف خطوط هذا الوجود لتطعنه بضربات قاتلة، وشعبنا يملك الكثير
من هذه الخامات الكامنة وإنْ كان بعضها في أواسط العمر من أصحاب الخبرة
والحمية ولتكن الحرب ومن يخاف أن تنقلب عالمية.. عليه الخروج أو فليكن
الطوفان.
لا يكون الحق حقا في معترك الأمم إلا بمقدار ما تدعمه من قوة، ولم يخطئ
سعاده عندما قال: إنّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ وإنها لفاعلة لو
أطلقناها من عقالها، وعندها ينطلق طائر الفينيق من تحت رماد الحريق وستحيا
سورية.
هامش: ورد في العنوان تعبير دبكة خرمه، وتفسيره قديماً أنه عندما كانت تصرّ
العجوز على المشاركة في الدبكة، تقف مكانها، تضرب الأرض بقدمها وهي لا
تبرح مكانهاـ فيُقال… دبكة خرمه… هكذا هو مؤتمر أستانا أو سوتشي!
البناء
Views: 4